قال حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، إن سحب غانا اعترافها بـ"الجمهورية" الوهمية، المدعومة من طرف الجزائر، جاء في سياق خاص يتمثل، أولا، في التغيرات التي تشهدها القارة الإفريقية، وظهور أنظمة جديدة تولي أهمية كبيرة للتنمية الاقتصادية وتنمية الشباب الإفريقي.
وأفاد بلوان، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي"، بأن "المسألة الثانية تكمن في السياق الذي تميز بتحقيق اختراقات ونجاحات كبيرة للدبلوماسية المغربية في هذا المجال، سواء على المستوى الإفريقي أو الأوروبي أو العربي أو الدولي. وبالتالي، فإن هذا الاعتراف يُعد خطوة مهمة، خاصة عند استحضار المكانة التي تحتلها غانا في غرب إفريقيا، ودورها المؤثر وصوتها المسموع داخل الاتحاد الإفريقي".
وأشار الخبير إلى أن "أهمية هذه الخطوة تكمن في أن النخب الإفريقية التي تتولى زمام الحكم، سواء في غانا أو في دول أخرى، وجدت نفسها أمام إرث ثقيل يعود إلى حقبة الحرب الباردة، والتي شهدت اعترافات بجمهورية مزعومة في سياقات غامضة. واليوم، يسعى أغلب القادة الأفارقة إلى تصحيح هذا الخطأ، نظرا إلى البديل الذي تطرحه المملكة، حاليا، على المستويين الاقتصادي والتنموي داخل القارة الإفريقية".
كما أوضح بلوان أن "موقف غانا سيؤدي، بلا شك، إلى طي هذا الملف نهائيا، من جهة، وسيساهم في بلورة حل على المستويين القاري والدولي لصالح المغرب، من جهة أخرى"، مضيفا أن "غانا كانت، منذ عام 1979، رهينة موقف اتُّخذ في سياق الحرب الباردة، إلا أن تصحيح هذا القرار في ظل حكومة جديدة وقادة جدد يؤكد أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها المملكة المغربية قد أثمرت وحققت النجاح، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار مواقف مشابهة لموقف غانا".
ولفت الخبير إلى أن "الخطوة الثانية تتمثل في أن المغرب يولي أهمية كبيرة للشراكة الاقتصادية والتنموية، سواء الثنائية أو البينية داخل القارة الإفريقية، واقتناع غانا بهذا الموقف يعكس صوابية الطرح المغربي".
وفي سياق متصل، أشار بلوان إلى أن "أطروحة الانفصال وداعميها أصبحت تواجه تضييقا متزايدا داخل المنظمة القارية"، مضيفا أن "مسألة طرد الجمهورية المزعومة من مؤسسات وأجهزة الاتحاد الإفريقي أصبحت قريبة التحقيق، خاصة وأن المغرب يعمل بهدوء على إقناع دول أخرى لا تزال عالقة في المنطقة الرمادية، أو التي ما زالت تحمل إرث الاعتراف المشين بجمهورية وهمية ومزعومة".
وأضاف المتحدث نفسه أن "التحولات في مواقف الدول الإفريقية تُعد أمرا طبيعيا، إذا أخذنا بعين الاعتبار الجهود التي تبذلها الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس، والدينامية التي اكتسبتها قضية الصحراء المغربية"، مشيرا إلى "المبادرات الملكية المهمة؛ مثل مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، والمبادرة الأطلسية لفتح الواجهة الأطلسية لدول الساحل، إضافة إلى البنيات التحتية الكبرى التي تعمل المملكة على تطويرها في الأقاليم الجنوبية".
ولفت بلوان إلى أهمية ميناء الداخلة، الذي "سيحدث نقلة نوعية في المفاهيم التنموية والاقتصادية داخل القارة الإفريقية"، مؤكدا أن "كل هذه المؤشرات تشير، بوضوح، إلى أن دول غرب إفريقيا، أو الدول الإفريقية عموما، قد اقتنعت بأن الطرح المغربي والشراكة مع المملكة المغربية يمثلان السبيل الأمثل لتحقيق التعاون المشترك والمصالح المشتركة".
وأبرز الخبير أن "النخبة الحاكمة في إفريقيا قد سئمت من الدور الذي تلعبه الجزائر وجمهورية الانفصال وجنوب إفريقيا في إثارة القلق وزعزعة الاستقرار داخل القارة، التي تتطلع إلى مشاريع تنموية. وهذا يتضح، خصوصا، عندما نأخذ بعين الاعتبار الموارد الطبيعية والبشرية التي تزخر بها إفريقيا؛ مما يجعلها قارة واعدة ومفتوحة على مستقبل مشرق".
واعتبر بلوان أن "أول آلية يجب اتباعها هي العمل بهدوء وتعزيز لغة المصالح، مع التركيز على مبدأ "رابح رابح" مع الدول، بعيدا عن المقاربة الاستعلائية أو تهديدات دولة الجزائر"، مؤكدا أن "المغرب يتبنى لغة المصالح المشتركة، ويركز على المداخل الاقتصادية والتنموية، بعيدا عن المقاربات الأمنية والعسكرية. وفي هذا السياق، أعتقد أن جميع هذه المؤشرات والآليات ستُؤتي ثمارها، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن أجهزة ومؤسسات الاتحاد الإفريقي".