وجه الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، اليوم الثلاثاء، "الأمر اليومي" للقوات المسلحة الملكية، وذلك بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لتأسيسها.
وحسب نص الأمر اليومي، أعرب عاهل البلاد عن "امتنانه للتضحيات التي تبذلها كل مكونات الجيش البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، بتفان ونكران ذات، في خدمة الوحدة الترابية وحماية الحدود الوطنية"، مستعرضا "المحطات الخالدة التي قطعتها القوات المسلحة الملكية"، ومستحضرا "الأدوار الطلائعية للملكين الراحلين، محمد الخامس والملك الحسن الثاني، حتى تستمر هذه المؤسسة في مسيرتها التاريخية حصنا حصينا للمملكة".
وتابع الملك، مخاطبا الضباط وضباط الصف والجنود، أن "القيام بالمهام الجسيمة الملقاة على عاتقهم في الدفاع عن حوزة الوطن والذود عن وحدته الترابية، وجهودهم المتواصلة من أجل خدمة بلدهم، في مختلف المجالات العسكرية والأمنية والإنسانية والاجتماعية والتربوية، فضلا عن التزامهم الوثيق بروح المسؤولية والجدية، يجعل منهم مثالا يحتذى به في الإخلاص والعطاء".
وأضاف عاهل البلاد أن "الهدف هو أن تبقى القوات المسلحة الملكية محافظة على قيمها الأصيلة وتقاليدها العريقة، قادرة على تأدية مهامها النبيلة في الدفاع عن الوطن والمواطنين، في أحسن الظروف، وأن تستمر المعاهد والمدارس والمراكز التعليمية في تدعيم القوات المسلحة الملكية بأفواج من الإطارات الوطنية والكفاءات العسكرية، من ضباط وضباط صف وجنود، مؤهلين لأداء مسؤولياتهم، بمهارة واقتدار".
وفي هذا الإطار، أشاد الملك بـ"العمل الجبار الذي تضطلع به القوات المسلحة في الدفاع عن الوحدة الترابية، بتفان وإخلاص، لقسم المسيرة الخضراء، وكذا بالجنود الساهرين على الحدود البرية والجوية والبحرية للمملكة"، منوها، أيضا، بـ"أفراد التجريدات العسكرية العاملة ضمن عمليات حفظ السلام بالكونغو الديموقراطية وإفريقيا الوسطى، في انخراط تام مع جهود الأمم المتحدة، من أجل استتباب الأمن والسلم بهاذين البلدين الشقيقين".
كما سجل عاهل البلاد أن "العالم، اليوم، يعرف توترات مقلقة وتحولات سريعة غير مسبوقة تتجسد في التقاطبات واختلاف التحالفات وتزايد احتمالات الحرب في مناطق مختلفة عبر العالم، وقد فرضت هذه الظروف حتمية إعادة التفكير في مفاهيم الأمن والدفاع، وضرورة تكييف البرامج والإستراتيجيات مع تعاظم التهديدات والتحديات؛ مما يستوجب مسايرة هذه الوضعية والتأقلم معها"، مؤكدا، "بصفة مستمرة، على تطوير قدرات القوات المسلحة الملكية، بمختلف مكوناتها، وتمكينها من كل الوسائل التقنية الحديثة والتجهيزات الضرورية، من خلال برامج التكوين والتأهيل للعنصر البشري، مع وضع خطط مندمجة تكفل الجاهزية العملياتية الدائمة، وتعزيز قدراتها الدفاعية، في كل الظروف".
ولهذا، أصدر الملك تعليماته من أجل "مباشرة تقييم شامل لمناهج التكوين وبرامج التدريب العسكري لكافة الجنود، بمختلف مستوياتهم، بغية بعث دينامية جديدة في نظم ووسائط التعليم، وملاءمتها مع التحولات الجديدة، مع ما يقتضي ذلك من تبني فكر متجدد، واعتماد طرق مبتكرة في الميادين العلمية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي".
و"سعيا لتطوير منظومة التكوين العسكري العالي"، أمر عاهل البلاد، كذلك، بـ"إنشاء مقر جديد للكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا كقطب جامعي مندمج يحتضن كل مدارس التكوين العسكري العالي لضباط القوات البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، ويضمن تعليما متكاملا طبقا للمناهج والتقنيات الحديثة المتطورة، ومنفتحا على الفضاء القاري والدولي".
وتابع الملك أن "الإقبال المنقطع النظير للشباب، تلبية لنداء الوطن، في إطار الخدمة العسكرية، التي أسفرت، منذ إعادة العمل بها، عن نتائج جد إيجابية، يعكس النجاح المستمر لهذه العملية، والتي ارتأى أن يجعلها ورشا وطنيا مفتوحا وفق منظور جديد في التكوين والتأهيل المهني يزاوج بين تقوية روح الانتماء للوطن وتحمل المسؤولية، وبين فتح أبواب المستقبل والاندماج أمام الشباب المغربي المؤهل بدنيا وعلميا وتقنيا، للمساهمة الفعالة في النهضة الاقتصادية والتنموية للبلاد".
وأعرب عاهل البلاد عن "سروره بما أظهره هؤلاء الشباب، ذكورا وإناثا، من العزم والحزم والإيثار والامتثال، بعد دمجهم بصفوف القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة، وغيرها من المصالح والإدارات العمومية والمؤسسات المدنية، التي انخرطوا فيها بعد اجتيازهم التكوين العسكري"، مهيبا بـ"جميع المسؤولين إلى المزيد من العمل والاجتهاد، للحفاظ على المكاسب الملموسة التي حققتها الخدمة العسكرية، والمضي قدما في تطويرها".
وأضاف الملك أن "القوات المسلحة الملكية تواصل، بكل إخلاص وتضحية، كما فعلت في الماضي، القيام بالمهام التي أنيطت بها، اجتماعية كانت، أو عسكرية، لفائدة الوطن وسلامة ساكنته"، منوها بـ"الملحمة التي سطرها أفراد القوات المسلحة الملكية، بجانب نظرائهم من الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية والسلطات المحلية، وإخوانهم من المتطوعين، إثر فاجعة الزلزال الذي ضرب إقليمي الحوز وتارودانت"؛ حيث أبرز أنه، "ومباشرة بعد إصدار التعليمات الملكية، في الساعات الأولى للفاجعة، كان لاستجابتهم الفورية وتدخلهم السريع في الميدان، مع ما رافقه من نشر للمستشفيات الطبية الميدانية ووحدات الإنقاذ والإغاثة البرية والجوية، وكذا نصب المخيمات الإيوائية، مع تقديم المساعدات الغذائية لفائدة المتضررين، الأثر الفعال في التخفيف من معاناة السكان وفك العزلة عن المناطق المتضررة".
كما أعرب عاهل البلاد عن "اعتزازه بالدور الكبير الذي لعبه العنصر النسوي العسكري، خلال هذه الأحداث المؤلمة، والذي ساهم، بنفس العزيمة والحماس والشعور بالانتماء للوطن، في تأطير المستشفيات الميدانية، وكذا الأنشطة الاجتماعية، لتخفيف عبء الفاجعة على النساء والأطفال".