أفاد بحث وطني حول العنف أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019 ، أنه خلال الإثني عشر شهر ا التي سبقت البحث، تعرض أزيد من 42 بالمائة من الرجال لفعل عنف واحد على الأقل . وحسب البحث ، الذي أجري لدى عينة مكونة من 3000 رجل تتراوح أعمارهم بين 15 و74 سنة ، فإن هذه النسبة توزعت إلى 46 بالمائة في الوسط الحضري و35 بالمائة في الوسط القروي .
وينتشر هذا العنف بشكل أكبر بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة (47٪ مقابل 29٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 60 و74 سنة)، وبين الرجال العزاب (46٪ مقابل 40٪ بين المتزوجين) وبين الحاصلين على مستوى تعليمي عال (46٪ مقابل 33٪ بين الرجال دون أي مستوى تعليمي).
وبينت نتائج البحث أن 70 ٪ من الرجال تعرضوا لفعل عنف واحد على الأقل خلال حياتهم ، 75 ٪ بين سكان المدن و61٪ بين سكان القرى .
ولفت البحث إلى أن العنف النفسي هو الشكل الأكثر شيوعا عند الرجال، والفضاء الزوجي هو الفضاء الأكثر اتساما بالعنف ، وفي التفاصيل فإن نتائج البحث تبين أن الفضاء الزوجي هو الفضاء المعيشي الأكثر اتساما بالعنف، حيث تعرض 31 ٪ من الرجال للعنف الممارس من طرف الزوجة أو الزوجة السابقة أو الخطيبة أو الشريكة الحميمة.
وفي الفضاءات المعيشية الأخرى، تعرض ما يقارب 12٪ من الرجال للعنف في الفضاء العائلي الذي يرتكبه أحد أفراد الأسرة من غير الزوجة ، و10 ٪ في الأماكن العامة. كما عانى 16٪ من الرجال للعنف أثناء مزاولتهم لأنشطتهم المهنية و12٪ خلال دراستهم .
وباستثناء فضاء الدراسة والتكوين، فإن الرجال الحضريين هم الأكثر عرضة للعنف من نظرائهم القرويين في فضاءات العيش الأخرى.
وباعتبار أشكال العنف، فقد تعرض 37٪ من الرجال للعنف النفسي خلال الاثني عشر شهر ا التي سبقت البحث، بينما تعرض 11٪ منهم للعنف الجسدي، وعانى 2٪ من الرجال من العنف الجنسي ، و1٪ من العنف الاقتصادي.
وهكذا، فإن 73 ٪ من أشكال العنف التي يعاني منها الرجال هي نفسية .. 20 ٪ جسدية، 4٪ جنسية ، و3٪ اقتصادية.
ويختلف معدل انتشار العنف الزوجي، الذي تم تحديد نسبته في 31٪ خلال الإثني عشر شهرا السابقة للبحث، باختلاف الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية لضحايا العنف من الذكور .
ويسجل معدل انتشار العنف الزوجي مستويات أعلى بين الرجال في المدن بنسبة 33 ٪ (27٪ في الوسط القروي)، وبين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة بنسبة 61٪ (24٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 60 و74 سنة)، وبين الرجال ذوي مستوى تعليمي عال بنسبة 41٪ ( 24٪ بين أولئك الذين ليس لديهم أي مستوى تعليمي).
وتشير نتائج البحث إلى أن العنف الزوجي هو أكثر شيوعا في العلاقات خارج إطار الزواج ، حيث يصل معدل انتشاره إلى 54 ٪ لدى الرجال غير المتزوجين الذين لديهم أو كانت لديهم خطيبة أو شريكة حميمة خلال الاثني عشر شهرا التي سبقت البحث مقارنة مع نسبة 28٪ لدى الرجال المتزوجين.
وفي إطار العلاقات بين الشركاء الحميمين، يتجلى العنف، بالدرجة الأولى، في شكله النفسي، فقد صرح أكثر من 30٪ من الرجال بتعرضهم للعنف النفسي خلال الاثني عشر شهر ا التي سبقت البحث (32٪ من الرجال الحضريين مقابل 27٪ من القرويين)، 26٪ منهم عانوا من سلوكات مهيمنة تؤثر على حريتهم الفردية و13٪ من عنف عاطفي.
وتتجلى السلوكات المهيمنة، بالأساس، في مظاهر الغضب أو الغيرة من قبل المرأة عندما " يتحدث شريكها إلى امرأة أخرى"، أو في "الإصرار المبالغ فيه على معرفة مكان تواجده" ، أو في " فرض طريقتها في إدارة وتسيير شؤون الأسرة " ، حيث تم التعبير عن هذه السلوكات من قبل 43 ٪، 31٪ و32٪ من الذكور ضحايا هذا النوع من العنف على التوالي .
بينما يتجلى العنف العاطفي، بشكل رئيسي، في "رفض الشريكة التحدث مع زوجها لعدة أيام" بحسب 75٪ من الرجال ضحايا هذا النوع من العنف ، و"إذلاله أو التقليل من شأنه من قبل الشريكة" بالنسبة ل 30٪ من الضحايا.
أما فيما يخص العنف الجسدي و/أو الجنسي، فقد تعرض له 2٪ من الرجال (1٪ منهم كانوا ضحايا للعنف الجسدي) بينما يؤثر العنف الاقتصادي، من جانبه، على أقل من 1٪ من الرجال في هذا الفضاء .
وتجدر الاشارة إلى أن المندوبية السامية للتخطيط أجرت خلال سنة 2019 البحث الوطني حول العنف ضد الفتيات والنساء لدى عينة مكونة من 12000 امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و74 سنة. وبالموازاة مع ذلك، تمت مقاربة العنف لدى الرجال، لدى عينة مكونة من 3000 رجل من نفس الفئة العمرية.
وينقسم تحليل نتائج الدراسة حول العنف لدى الرجال إلى جزئين، حيث يتناول الجزء الأول، الجوانب المرتبطة بالعنف الذي يعاني منه الرجال، ولاسيما معدلات انتشاره في مختلف فضاءات العيش وبأشكاله المختلفة وكذا محدداته.
وسيهتم الجزء الثاني، الذي سينشر لاحق ا، بتصورات الرجال لظاهرة العنف والتي من شأنها أن تسلط الضوء على بعض قضايا السلطة والسيطرة المرتبطة بالعلاقات القائمة على النوع الاجتماعي .