حميد المهداوي، الصحافي "اليوتوبور" ومدير موقع "بديل"، قد ينضم إلى مجموعة ناصر الزفزافي من معتقلي حراك الريف، والمثول معهم في قفص الاتهام ذاته في ملفهم، هي الخلاصة التي انتهت إليه جلسة محاكمته ليلة أمس (الثلاثاء)، من أجل جنحة "عدم التبليغ عن محاولة إدخال نشطاء حراك الريف دبابات وأسلحة روسية إلى المغرب".
ويأتي ذلك بعدما فاجأ حكيم الوردي، الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أعضاء هيأة دفاع الصحافي المتهم، الذين جاؤوا وفي نيتهم أن الملف جاهز لمناقشة جوهره، بتقديم ملتمس إلى علي الطبشي، القاضي رئيس هيأة الحكم المكلفة بملفي المهداوي ومجموعة نبيل أحمجيق، بتأخير الملف إلى حين إحالة ملف مجموعة الزفزافي على قضاء الموضوع، لضم ملف الصحافي إليه.
وفيما برر نائب الوكيل العام للملك، ملمتسه "بالنظر إلى ارتباط وقائع تهمة حميد المهداوي بالتهم المنسوبة إلى ناصر الزفزافي"، انتفض محمد زيان، وعبد الرحيم الجامعي، والحبيب حاجي، وعبد العزيز النويضي، عن هيأة الدفاع عن المتهم، ضد ملتمس النيابة العامة، في مرافعات، اعتبرت أن الاستجابة للملتمس ستكون سابقة في التاريخ القضائي للمغرب، و"الحمق بعينه"ويعود ذلك حسب الدفاع إلى أن "ملف الزفزافي لم يصل بعد إلى الهيأة ولا تعلم ما يوجد فيه، ولا يقبل المنطق وفصول قانون المسطرة الجنائية، والقانون الجنائي، أن تنتظر المحكمة ملفا جنائيا ما من أجل أن تضم إليه ملفا جنحيا جاهزا، ولأن الأمر يخالف فكرة المشرع التي تمشي مع فكرة الحرية وسرعة البت في الملفات الجنحية".
وفيما أظهرت المرافعات أن ملتمس النيابة العامة، سايرت فيه الأمر بالإحالة على هيأة الحكم الصادر عن قاضي التحقيق في ملف المهداوي، عندما جاء فيه أن وقائع الملف لا يمكن فهمها بمعزل عن ملف الزفزافي، قال المحامي عبد الرحيم الجامعي، إن "ما يقع مدعاة للاستغراب والجنون، لأن النيابة المنتظر منها أن تقدم بدورها ملتمسا بالحكم بعدم اختصاص غرفة الجنايات الابتدائية في ملف المهداوي".
ويأتي ذلك، وفق المتحدث ذاته، لأن تهمة عدم التبليغ الموجهة إلى حميد المهداوي جنحة وليس جناية، ويقر قاضي التحقيق والنيابة العامة بذلك، وبالتالي "مسألة خطيرة وحمق أن تقبل هيأة الحكم بمحكمة الاستئناف ملتمس النيابة العامة، إذ سيكون قرارها شرعنة لما هو غير مشروع، عندما ستنتظر وجود ملف جنائي لديها لكي تضم إليه ملفا جنحيا حتى تتمكن من الحكم فيه بدل المحكمة الابتدائية صاحبة الاختصاص".
وعلاوة على أن ملف الزفزافي، الذي قالت النيابة العامة إنه توصلت به صباح أمس (الثلاثاء) استعدادا لإحالته على المحاكمة، يظل غير موجود حسب دفاع المتهم المهداوي، وأضاف المحامون أن الصحافي "يظل في كل الأحوال بعيدا عن ملف الزفزافي، ولا وجود لما يربطه مباشرة بأطرافه، ما يجعل ضم ملفه إليهم مجرد استدراج للصحافي لحرمانه من الحرية بخرق القانون".
وبينما أضاف دفاع المتهم حميد المهداوي، أن "قبول ملتمس النيابة العامة سيعني أننا خرجنا إلى الغابة بالإبداع في ما لا يمكن الإبداع فيه، ويستدعي أن ندخل إلى مستشفى المجانين"، قرر القاضي علي الطرشي تأخير الجلسة إلى غاية 24 من أكتوبر الجاري، وهو القرار الذي أثار احتجاج الدفاع، لأنه اعتبره قبولا ضمنيا لملتمس الوكيل العام للملك من قبل هيأة الحكم.
وبالإضافة إلى تأخير الملف إلى جلسة 24 أكتوبر الجاري، استقبلت هيأة الحكم ملتمسات السراح المؤقت للمهداوي وحجزتها للمداولة في جلسة 19 أكتوبر الجاري، وهو السراح المؤقت الذي يرى فيه الدفاع "إشارة رمزية"، بحكم أن المهداوي "يظل سجينا ولديه ضمانات الحضور أمام المحكمة لأنه محكوم استئنافيا قبل أسابيع بسنة سجنا نافذا على خلفية قضيته أمام محكمة الحسيمة المشهورة "بالصياح والتحريض على الاحتجاج".
يشار إلى أن الجلسة التي حضرها حميد المهداوي، عرفت في لحظات توترا كبيرا بين النيابة العامة وهيأة الدفاع بسبب النزوع إلى مناقشة جوهر الموضوع قبل نهاية مرحلة الدفوعات الشكلية، خصوصا في ما يتعلق بتحدي أعضاء الدفاع للوكيل العام بشأن وجود أدلة إثبات لديها ضد المهداوي، ورد حكيم الوردي، نائب الوكيل العام بأنها "موجودة وستثار في حينها؛ وبينها سبع مكالمات هاتفية".
وفيما أعلنت النيابة العامة أيضا أن المدعو "نور الدين البوعزاتي" الذي ربط مكالمات بالمهداوي فاتهم الصحافي بعدم التبليغ عن تصريحه له بنيته إدخال أسلحة إلى الريف "شخص حقيقي وموجود وأصدرت في حقه مذكرة بحث"، قالت أيضا إنه "خلافا لادعاءات الدفاع لا علاقة لوضعية حميد المهداوي صحافيا بمحاكمته المتعلقة بعدم التبليغ، ويحاكم جنائيا لأنه يظل مواطنا يسري عليه القانون الجنائي كجميع المواطنين".