الناجي: الذي سيحدد شكل التعليم هو حجم تفشي الوباء

الشرقي الحرش
في هذا الحوار القصير يعتبر عبد الناصر الناجي، الخبير  التربوي وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أن ترك وزارة التربية الوطنية لأولياء أمور التلاميذ الصيغة التي سيدرس بها أبناؤهم ليس حلا مناسبا.
ويرى الناجي أن العامل المحدد لاعتماد التعليم الحضوري أو التعليم عن بعد هو حجم تفشي الوباء في الرقعة الجغرافية التي تنتمي إليها المدرسة.
خيرت وزارة التربية الوطنية آباء واولياء التلاميذ بين تدريس ابنائهم حضوريا او عن بعد إلى أي حد يمكن أن تنجح هذه الصيغة؟
إذا كان إشراك الأسر في اتخاذ القرار أمرا مطلوبا خاصة في بلد يعتبر الخيار الديمقراطي من الثوابت التي يرتكز عليها فإن تبني وزارة التربية الوطنية لهذه الصيغة الديمقراطية قد لا يكون الحل المناسب لإشكالية الدخول المدرسي في زمن كورونا وذلك لاعتبار أساسي. العامل المحدد لاعتماد التعليم الحضوري أو التعليم عن بعد هو حجم تفشي الوباء في الرقعة الجغرافية التي تنتمي إليها المدرسة. فلا يعقل مثلا أن تلبي الوزارة اختيار أب أو أم للتعليم الحضوري في وسط موبوء. إذن فاختيار الأسر سيكون بالضرورة مقيدا بدرجة انتشار الوباء. وحتى لو افترضنا أن الاختيار سيكون متاحا فقط في المناطق غير الموبوءة فهل الأسر في هذه الحالة ستفضل التعليم عن بعد على التعليم الحضوري؟ ولو افترضنا أن بعض الأسر اختارت رغم ذلك التعليم عن بعد فهل تلبي الوزارة طلبها خاصة وأنها تعلم أن التعليم الحضوري أجدى لها وأنفع؟ كل ذلك يبين الاستحالة العملية لتطبيق الصيغة التي جاءت بها الوزارة وأن الحالة الوبائية هي من سيحدد في النهاية الشكل الذي سيتخذه الدخول المدرسي.
كيف تقيم الاستعداد الدخول المدرسي في ظل تفشي فيروس كورونا ؟
لا نتوفر في الحقيقة على المعطيات الكافية لتقييم الاستعداد للدخول المدرسي لكن ما تم تداوله من أخبار يؤكد سعي الوزارة إلى استثمار تجربة التعليم عن بعد من أجل تطويرها لتستجيب أكثر لمتطلبات المرحلة. فمع تفشي الوباء سيكون لزاما على الوزارة تبني هذا النوع من التعليم مع الاستفادة من دروس التجربة التي عرفتها المدرسة المغربية خلال فترة الحجر الصحي.
هل نتوفر على الآليات الكافية لانجاح التعليم عن بعد؟
الحقيقة التي يعرفها الجميع هو أن أكثر الدول تقدما اعترفت بفشلها في إنجاح التعليم عن بعد عندما تم اتخاذ قرار إغلاق المدارس وذلك لعدة اعتبارات أهمها الانتقال المفاجئ من تعليم حضوري مائة بالمائة إلى تعليم عن بعد مائة بالمائة. والمغرب رغم ما بذله من جهود يبقى بعيدا عن ضمان تعليم عن بعد يفي بالغرض خاصة إذا تطلب الأمر تطبيق هذا الحل بالنسبة لجميع المتعلمين. فإلى جانب النقص الحاصل في المتطلبات المادية من حواسيب وإنترنت هناك نقص أيضا في المتطلبات اللامادية سواء تعلق الأمر بتكوين المدرسين البيداغوجي والتكنولوجي أو بتطوير المنصات والموارد الرقمية المناسبة.
في نظرك ما المطلوب في هذه المرحلة للموازنة بين الحق في التعليم والحق في الصحة العامة؟
يحسب للمغرب أنه اختار شعار الإنسان أولا في تدبيره لأزمة كورونا وهو ما يعني أن أي قرار في أي مجال كان ينبغي أن يكون المحدد الأساسي فيه هو صحة المواطن. وعندما يتعلق الأمر بالتعليم ينبغي تطبيق نفس القاعدة. هذا يعني في المقام الأول عدم الذهاب إلى المدرسة عندما يكون في ذلك خطر على صحة التلاميذ. هذا المبدأ يقتضي تطبيقه استحضار ثلاثة سيناريوهات محتملة. أولا تبني التعليم الحضوري التام في المناطق الخالية من الفيروس. ثانيا تبني التعليم عن بعد في المناطق الموبوءة. ثالثا تبني التعليم الحضوري الجزئي بالتناوب بين التلاميذ في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس بشكل ضعيف مع استكمال باقي الحصص الدراسية بالتعليم عن بعد. كل ذلك مع الحرص على تطبيق بروتوكول صحي صارم في التعليم الحضوري.