قال القيادي النقابي الحسين اليماني، إن "التوصل في الحوار الاجتماعي، المفتوح الآن، بين الحكومة والباطرونا والنقابات الأكثر تمثيلية (حسب مفهوم مدونة الشغل) إلى اتفاق متوازن يجيب على انتظارات جميع الأطراف يبدو من الصعب أو المستحيل، وذلك بسبب الاختلاف في المنطلقات والأهداف من هذه الجولة".
وأوضح اليماني في تصريح توصل "تيلكيل عربي" به، أن "منطق المقايضة هو السائد لدى الحكومة وأرباب العمل وليس منطق التفاوض الشمولي حول الملفات المطروحة، بغاية التوصل لتعاقد اجتماعي يكرس شروط السلم الاجتماعي ويبني مبادئ وأسس العدالة الاجتماعية".
وأورد إن "اختارت الدولة موقع المتفرج وقطعت مع مهامها في التدخل وضبط السوق، حتى لا يتغول التجار والرأسماليون، على حساب الحد الادنى من العيش الكريم لعموم الجماهير الشعبية، فإن موجة الغلاء، من بعد الكورونا واندلاع حرب الروس والاوكران، بينت بجلاء الآثار العنيفة والنتائج المدمرة على القدرة الشرائية للمواطنين، من جراء سحب الدولة للدعم وتحرير أسعار العديد من المواد الأساسية، كالزيت والزبدة والمحروقات وغيرها، في انتظار الغاز والسكر والكهرباء والدقيق".
ولفت إلى أن "الدولة والحكومات المتعاقبة، منذ الحكومة الأولى للعدالة والتنمية (ولم تسبقها حكومة منذ الاستقلال)، تسعى جاهدة وبلا هوادة، من أجل تطبيع المغاربة مع الغلاء وارتفاع أسعار جل المواد الاستهلاكية، وأصبح مطلوب من المغاربة اقتناء السلع والمواد الأساسية للمعيشة، حسب قانون السوق وحسب الأسعار العالمية، فإن ذلك يجب أن يقابله تحسن في دخولات المغاربة، من خلال توفير العمل اللائق للمعطلين من خلال الرفع من الحد الأدنى للأجور حتى يتساوى مع الحد الأدنى للأجور في العالم ومنها مثلا إسبانيا، حيث لا يقل عن 15000 درهم عوض 3200 درهم المعمول بها في المغرب".
وشدّد على أن "المدخل لإبرام اتفاق اجتماعي قوي في الظروف الراهنة، حيث الارتفاع المهول للأسعار وتراجع المجانية في الخدمات العمومية في الصحة والتعليم وغيرها، يتطلب البحث عن الجواب المناسب، للتعويض عن الضرر بسبب الغلاء وليس النقاش الكلاسيكي عن الزيادة في الأجور، فالأمر يتطلب إقرار تعويض خاص لكل المغاربة العاملين في القطاع الخاص وفي القطاع العام ولكل المغاربة العديمي الدخل".
وأشار إلى أن "الحكومة قبلت على مضض، بالزيادة في أجور التعليم وغيرها من القطاعات العمومية، وشرعت في صرف الدعم الاجتماعي المباشر، فإن الدولة وبصفتها صاحبة السيادة والسلطان، مطالبة بالانتباه إلى خطورة الوضع الاجتماعي والقلق المتنامي بسبب ضيق العيش، وترميم القدرة الشرائية للعاملين بالقطاع الخاص والقطاع العام وعموم ذوي الدخل المحدود، بإقرار دعم لا يقل عن 2000 درهم لكل عائلة، أو التراجع عن سياسة حذف الدعم عن المواد الأساسية والرجوع لتقنين أسعارها".