حاوره عزيز الساطوري
متى انتميت إلى حزب الإستقلال ؟
قبل ذلك، أريد أن أشير إلى أنه بعد أن اقتنيت " الكارو " وأصبح لدي مدخول خاص من العمل ، وجمعت ما يكفي لكي أكون عائلة، ذهبت إلى " البلاد " حيث تزوجت ، وبعد مدة وجيزة استقدمت زوجتي وانتقلنا للعيش في دار تقع ب"درب الكبير " إشتريتها هناك. وهكذا عندما التحقت رسميا بالحزب كنت متزوجا وأسكن في درب الكبير ·
وما هي الظروف التي رافقت انتماءك إلى حزب الإستقلال، ومن كان وراء استقطابك للحزب ؟
الذي استقطبني إلى الحزب هو السي بناصر حركات، وكان مع الفقيه برادة
هل يمت بصلة إلى المقاوم الحسين برادة ؟
لا ، مجرد تشابه في الإسم
وأين كنتم تعقدون اجتماعاتكم الأولى ؟
كانت أولى الإجتماعات التي عقدناها ، كما أذكر ، في بنجدية ، في ورشة للنجارة كان يملكها وطني يدعى بنموسى . في تلك الورشة أقسمنا على العمل بإخلاص وتفان من أجل استقلال المغرب وعزته وكرامته. لا بد أن أوضح هنا أن الإنطلاقة الأولى لبناء خلايا الحزب، وككل عمل جديد كانت من لا شئ. كل ما هنالك بضعة وطنيين، أعلنوا استعدادهم للتضحية من أجل البلاد، وشمروا على سواعدهم من أجل تعزيز صفوف الحزب ونشر أفكاره. لقد كانت فترة حاسمة في تاريخ بلادنا ، لكن البداية كانت من لاشئ، لكننا كنا مقتنعين أن الشعور الوطني لدى المغاربة فياض، ولا ينتظر سوى من يطلق الشرارة الأولى.
كانت الشرارة الأولى هي وثيقة الإستقلال
بالفعل ، وبمناسبة صدورها سننظم مظاهرة تأييد لما جاء فيها . أذكر أننا في تلك الأثناء بدأنا نعقد إجتماعات في المدينة القديمة، وبدأت صفوف الوطنيين تتعزز بانخراطات جديدة. عقدنا إجتماعا موسعا في المدينة القديمة بمنزل أحد الوطنيين وكان آنذاك يعمل حارسا بالقنصلية الإسبانية.
من هو هذا الوطني ؟
للأسف لم أعد أذكر إسمه، لكني أذكر أن عدد الذين حضروا الإجتماع كان 35 مناضلا . خلال هذا الإجتماع اتفقنا على تنظيم مظاهرة تنطلق من جامع " الشلوح " في السماط بالمدينة القديمة، ولا يزال هذا المسجد موجودا لحد الآن ويحمل نفس التسمية. وكذلك كان، حضرنا إلى المسجد وبعد أداء الصلاة، خرجنا في المظاهرة. لم تكن مظاهرة حاشدة، لكنها أتت أكلها حيث أثارت انتباه المواطنين والقوات الإستعمارية، التي أخذت على حين غرة ·
وكيف كان شعوركم مع نجاحكم في تنظيم المظاهرة ؟
أدركنا أن بوادر الأمل موجودة ، وكذلك شعرنا بضرورة بذل المزيد من الجهود لإيصال صوت الحزب إلى جميع المناطق. ولم يمر سوى وقت قصير حتى بدأت خلايا الحزب تتكاثر. عقدنا عدة إجتماعات في درب الكبير وكاريان بن امسيك وغيره من الأحياء الشعبية في الدار البيضاء.في تلك الأثناء أصبحت مكلفا بالتنظيم الحزبي في " كاريان بن امسيك" وكنت انتقل هناك كل أحد لعقد إجتماعات مع المناضلين والملتحقين الجدد بصفوف الحزب، وكنت كلما دعت الضرورة أطلب من أحد الأطر المسؤولة وطنيا مرافقتي إلى الإجتماع لتأطير المناضلين وشرح مواقف وتوجهات الحزب. وأذكر أن من بين المسؤولين الذي حضروا معي تلك الإجتماعات السي عبد الرحمن اليوسفي ، السي بوشتى الجامعي ، السي بناصر حركات ، الفقيه برادة وغيرهم ·
وكيف كانت المردودية على الصعيد التنظيمي بعد هذه الإجتماعات المتعددة ؟
كانت أكثر من مشجعة. مثلا في بن امسيك تمكنا من تكوين 25 جماعة، ونفس الشئ يسري على باقي المناطق حسب ما كنت أتوصل به من معلومات من طرف المناضلين.
الذين عايشوا تلك المرحلة تحدثوا عن الدور الفاعل الذي كانت تقوم به لجنة التزيين، هل كنت من بين أعضائها ؟
نعم كنت عضوا بها. ما قامت به لجنة التزيين من أعمال لا يمكن الحديث عنها بعجالة · لقد كان لها دور مركزي في خضم التفاعلات التي كانت آنذاك · كانت مهمة لجنة التزيين تتجلى في الإعداد للمناسبات الوطنية أو زيارة المغفور له محمد الخامس، حيث كنا نعمل على جلب صور الملك وتزيين الشوارع والأمكنة بها ، لم يكن هذا الأمر سهلا، فالسلطات الإستعمارية لم تكن تنظر بعين الرضا لوجود صور محمد الخامس تملأ فضاءات المدينة، بل إنها كانت تقف ضد هذا العمل، ولذلك كنا نراوغ ونموه حتى لا تكتشف ذلك إلا في آخر لحظة.
وعندما كنا نعلم بأن الملك سيزور الدار البيضاء، كنا نشتغل طوال الليل بعيدا عن أعين القوات الإستعمارية وعملائها، وما أن يحل النهار حتى تصبح شوارع المدينة مزينة بالصور والأعلام ، وكنا نفعل ذلك ونصر باستماتة على إنجاح هذه المهمة، لأنها كانت تحمل في طياتها رسالة إلى المستعمر، وهي أن الشعب يقف مع الملك ضد الإحتلال، كما أنها كانت تلعب دورا تعبويا في صفوف الشعب، الذي بدأ يدرك مدى قوة الحركة الوطنية وتنظيمها، فيلتحق بصفوفها أعضاء جدد وهكذا دواليك. وخلال الزيارة التي قام بها محمد الخامس إلى طنجة سيظهر بالملموس القوة الضاربة للجنة التزيين التي إنتقلت إلى طنجة للإعداد لإستقبال الملك، وهي زيارة تحدث عنها الكثيرون لما كانت لها من أهمية على مختلف الأصعدة آنذاك ·