وضعت منظمة مراسلون بلا حدود، في تقريرها السنوي حول "حرية الصحافة"، المغرب في الرتبة 135 عالميا في سنة 2022، بعدما صُنف في السنة الماضية بـ 136.
وحسب نفس التقرير، الصادر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، اليوم الثلاثاء، اختارت المنظمة الجزائر في الرتبة 134، وتونس في 94 عالميا، وليبيا بـ 143، وموريتانيا بـ 97.
وأورد المصدر ذاته، أن "المجتمع يستهلك الصحافة المستقلة، لكن دون إبداء استعداده للدفاع عنها. وتتفشى نماذج التضليل الإعلامي السائدة من خلال انتشار ما يُعرف بصحافة (البوز) والإثارة، التي لا تحترم الخصوصية وتحط من صورة المرأة، بشكل عام".
وأبرزت أن "الصحفيين المغاربة يعملون في بيئة اقتصادية مضطربة، حيث تعجز وسائل الإعلام عن جذب المعلنين. أما المنابر المستقلة، فإنها تعاني الأمرين من أجل تحقيق الاستقرار المالي الذي من شأنه أن يضمن لها الاستمرارية. وفي المقابل، تنعم المؤسسات الصحفية الموالية للنظام باستقرار أكبر بفضل سهولة حصولها على الموارد المالية".
ولفتت إلى أن "الدستور المغربي يكفل حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات، كما يحظر أي رقابة مسبقة وينص على أن "تضمن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري احترام التعددية". ورغم اعتماد قانون جديد للصحافة في يوليو 2016، بحيث تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية بالنسبة لجُنح الصحافة، لا زال اللجوء إلى القانون الجنائي لملاحقة المنابر الإعلامية الناقدة قائما".
وتابع التقرير: "وفي ظل هذا النقص على مستوى الضمانات القانونية بالنسبة لحرية التعبير والصحافة، وما يصاحب ذلك من ضعف في استقلالية القضاء وتزايد في وتيرة المتابعات القضائية ضد صحفيين، مما كرّس الرقابة الذاتية بين المشتغلين في مجال الصحافة".
وأشارت إلى أنه "بعدما ظل في الحُكم منذ 2011، مُني حزب العدالة والتنمية الإسلامي بهزيمة نكراء في الانتخابات التشريعية التي أُجريت خلال شهر سبتمبر 2021، حيث كان الفوز من نصيب التجمع الوطني للأحرار، الذي أصبح أمينه العام، عزيز أخنوش، رئيساً جديداً للحكومة".
ونبهت إلى أن "مكانته كرجل أعمال قوي تثير مخاوف بشأن إمكانية فسح المجال لظهور تواطؤ كبير بين وسائل الإعلام والقطاعات الاقتصادية. هذا ويواجه الصحفيون الكثير من العراقيل في القيام بعملهم، وسط الخطوط الحمراء العديدة التي تحيط بهم، وإن كانت ضمنية: الصحراء والنظام الملكي والفساد والإسلام، ناهيك عن التطرق للأجهزة الأمنية وطريقة تدبير جائحة كوفيد-19 وقمع المظاهرات".
وذكرت أن "تعددية الصحافة في المغرب تبقى مجرد واجهة صورية، حيث لا تعكس وسائل الإعلام تنوع الآراء السياسية في البلاد، حيث يواجه الصحفيون المستقلون والمنابر الإعلامية الناقدة ضغوطاً كبيرة، يُنتهك الحق في الحصول على المعلومات أمام آلة الدعاية التي ترمي بكل ثقلها، بينما أصبح التضليل الإعلامي أداة لخدمة الأجندة السياسية لدوائر السلطة. وأمام هذه الضغوط الخانقة، سقطت آخر قلاع الإعلام المستقل في المغرب بعد أن احتجبت جريدةُ "أخبار اليوم" في أبريل 2021، لتُصبح منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المصدر الرئيسي للباحثين عن الأخبار في البلاد".
وأوضحت أن "الاعتقال دون أمر قضائي والحبس الاحتياطي لمدة طويلة أصبح من الممارسات الشائعة في المغرب. ففي السنوات الخمس الماضية، اتخذت القضايا المرفوعة ضد الصحفيين المستقلين طابعاً أخلاقياً، مثل اتهامهم بالاغتصاب والاتجار بالبشر والعلاقات الجنسية غير القانونية وممارسة الإجهاض غير القانوني، علماً أن معظم هذه المحاكمات تصاحبها حملات تشهير من تدبير وسائل إعلام مقربة من دوائر السلطة. ففي 2020، ناشد 110 صحفيا المجلس الوطني للصحافة (الهيئة التنظيمية التي لها صلاحية معاقبة المؤسسات الإعلامية المخالِفة لقانون الصحافة) باتخاذ "عقوبات تأديبية" ضد "صحافة التشهير"".