انتعاش حقينة السدود.. خبير لـ"تيلكيل عربي": يجب إعادة توجيه السياسة الفلاحية

خديجة قدوري

سجلت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التجهيز والماء ارتفاع النسبة الإجمالية لملء السدود إلى 6 مليارات و417 مليون متر مكعب، إلى حدود يوم السبت 12 أبريل الجاري.

ووفقا لما جاء في موقع "الماديالنا"، شهدت بعض سدود المملكة ارتفاعًا مهمًا في الموارد المائية خلال الـ 24 ساعة الماضية، بعد التساقطات المطرية الأخيرة.

أبرز هذه الزيادات تم تسجيلها بسد سيدي محمد بن عبد الله التابع لعمالة الصخيرات -تمارة، حيث ارتفع منسوبه بحوالي 22.5 مليون متر مكعب، ليصل إلى نسبة ملء بلغت 64.5 بالمائة، وسد المنصور الذهبي، الواقع بإقليم ورزازات، الذي استفاد بدوره من كمية مهمة من المياه بلغت 16.6 مليون متر مكعب، لترتفع نسبة ملئه إلى 47.3 بالمائة.

وفي هذا السياق، أفاد جواد الخراز، مدير شبكات خبراء المياه والطاقة والمناخ، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، بأن التساقطات الأخيرة أنعشت نوعا ما السدود والأحواض المائية، بحيث نتحدث عن 40 بالمائة من الامتلاء كمعدل وطني، لكن مازلنا في حاجة إلى إجراءات كثيرة.

وأشار الخراز إلى أن المملكة شهدت سبع سنوات متتالية من الجفاف، بسبب قلة التساقطات وتأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية، وكذلك بسبب ارتفاع الطلب على المياه من القطاعات المستهلكة للمياه، وهنا نتحدث عن القطاع الفلاحي الذي يستهلك 87 بالمائة من الموارد المائية، فضلا عن قطاعات أخرى.

وأوضح الخراز أن كل هذه الأنشطة الاقتصادية والمجتمعية أدت إلى أزمة في المياه، وكذلك إلى نقص في معدل استهلاك الفرد السنوي، بحيث انخفض من 1500 متر مكعب إلى 600 متر مكعب فقط.

واستطرد الخراز، قائلا: على المستوى الوطني هناك سياسات مائية ارتكزت على تعبئة الموارد المائية، من قبيل سياسة السدود التي نهجها الراحل الملك الحسن الثاني، واستمر الملك محمد السادس في نهج السياسة ذاتها، وقد حققت نتائج مهمة في الفترات الماضية، ولكن مع اشتداد الضغط على الموارد المائية لم يعد هذا النموذج كافيا، وبالتالي يجب تدبير الأزمة بشكل استباقي.

ولفت الانتباه إلى أن الحكومة الحالية والتي سبقتها قامتا بتحديث السياسات، من خلال، مثلا، البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 الذي يهدف إلى تحسين تعبئة المياه، وإلى تحلية المياه بشكل موسع، وهنا أتحدث عن برنامج طموح لتحلية المياه، الذي سيغطي، في 2030، تقريبا 55 بالمائة من الطلب على المياه المحلاة للشرب، وهذا سيؤدي إلى إنشاء حوالي 17 محطة تحلية على طول المحيط الأطلسي والبحر المتوسط في شمال وجنوب المملكة. مثلما تم كذلك الرفع من وتيرة إعادة استخدام المياه العادمة بعد معالجتها في سقي المناطق الخضراء وفي مجموعة من المدن.

ومن ناحية العدالة المجالية، قال الخراز إن هناك حكامة مياه متقدمة مقارنة بمجموعة من الدول الإفريقية والعربية، ونتحدث عن وكالات الأحواض المائية التي تضطلع بمعالجة المياه على مستوى الحوض المائي، وهناك كذلك مشاريع نقل المياه ما بين الأحواض.

واستطرد قائلا: هناك مناطق في المغرب معرضة للجفاف أكثر من نظيرتها في الشمال بسبب الأمور الجغرافية، فمناطق الشمال، مثلا، تعرف تساقطات مطرية أكبر من الجنوب، إذن، هناك مجموعة من المشاريع التي تروم نقل الموارد المائية من الأحواض الغنية إلى الأحواض الفقيرة خصوصا إلى الأحواض التي تحتاج إلى المياه بشكل كبير من قبيل الأنشطة الفلاحية.

وأضاف الخراز أن هذا يظل غير كاف ويجب نهج إدارة متكاملة للموارد المائية، كما يجب الاستمرار في تعزيز تعبئة الموارد المائية من خلال مشاريع تحلية المياه، وكذلك من خلال مشاريع الرفع من استخدام مياه الصرف الصحي ومعالجتها وإعادة استخدامها من خلال تسعيرة المياه، التي يجب من خلالها الدفع بترشيد استخدام المياه في مختلف القطاعات.

وتابع قائلا: وجب تعزيز سياسة الطلب على المياه بشكل يرشد المياه، واستخدام التقنيات الحديثة خصوصا في الفلاحة، كذلك يجب إعادة توجيه السياسة الفلاحية، والتنسيق في الحكومة بحيث تكون سياسة فلاحية واضحة، وأيضا تعزيز تقنية البحث العلمي والابتكار في تقنية الري والتخزين وإعادة الاستخدام.

وأبرز، في معرض حديثه، أن من بين الأشياء المهمة، أيضا، تحسيس المواطنين بأهمية المياه كعنصر نادر يجب الحفاظ عليه وتجنب هدره. باختصار السياسات المائية موجودة لكن يجب تحديثها بشكل مستمر ويجب تعبئة الموارد المالية لكي يتم تطوير المشاريع المقترحة.

واختتم حديثه، مشيرا إلى أهمية التسريع في إنجاز المشاريع عوض التباطؤ في ذلك، وأضاف أن هذا يتطلب التنسيق بين القطاعات، لكي تتحول سياساتنا إلى سياسات استباقية ونكون مستعدين للأزمات التي ستتكرر في الحقبة المقبلة، بسبب التغيرات المناخية التي لا نعاني منها نحن فقط بل جل الدول المتوسطية، ويجب دعم التعاون الدولي لأننا نتقاسم نفس المشاكل في محيطنا العربي والإفريقي والدولي.