لم يقتصر رأي مجلس المنافسة على بحث مسألة وجاهة تسقيف أرباح المحروقات، بل امتد إلى تناول الحديث عن أهمية التكرير في سياق متسم بإقفال مصفاة "سامير"، ما جعل كاتب عام نقابة يدخل على الخط.
فقد انتقد المجلس، في الرأي الذي عبر عنه حول التسقيف، قرار الحكومة بالتحرير الكلي لأسعار المحروقات في دجنبر 2015، مع معرفتها مسبقا بأن السوق سيفقد شركة التكرير الوطنية الوحيدة، التي كانت تلعب دورا جوهريا على مستوى الحفاظ على التوازنات التنافسية، وعلى صعيد تموين السوق والتخزين.
وأكد رئيس المجلس، إدريس الكراوي، علي أهمية التكرير في المغرب، حيث لاحظ أنه قبل إقفال المصفاة، كانت "سامير" تزود السوق المحلية في حدود 64 في المائة من حاجياته من المنتجات المكررة، مشيرا إلى أن المصفاة لم تكن تكتفي بتزويد السوق بالمنتجات المكررة، بل تساهم في التخزين.
وشدد على أن المصفاة كانت تساهم في التوازنات التنافسية في السوق، وهي توازنات اختلت معها موازين القوى في السوق.
ويأتي موقف المجلس، في سياق تصريحات، عبر عنها وزراء في الحكومة، يعتبرون فيها أنه لا يمكن التدخل من أجل إنقاذ "سامير"، مادامت موضوع تصفية قضائية، بل إن منهم من ألمح إلى أن الاستيراد يلبي حاجيات المغرب من المحروقات.
وقد صرح عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، في اليوم التاسع من يناير الماضي، عندما سئل بالبرلمان، حول " سامير"، بأن حالة الآليات بالمصفاة لا تتيح العودة للإنتاج، مضيفا بأن المستثمر المأمول، يجب أن يقوم بستثمارات كبيرة من أجل إعادة تشغيل تلك الآليات.
واعتبر الحسين اليمني، الكاتب العام لنقابة البترول والغاز، أن تصريحات الوزير معاكسة للجهود التي تبذلها المحكمة التجارية بالدار البيضاء من أجل بيع « سامير »، مشيرا أن الوزير ليس من حقه تقييم مدى قدرة سامير على الإنتاج، مضيفا أن خبرات داخلية وخارجية انتهت إلى أن سامير قابلة للاستغلال وجاهزة للتشغيل.
ويذهب اليمني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح ل" تيل كيل عربي"، إلى أن الرأي الذي عبر عنه المجلس، يوم الجمعة الماضي، حول التكرير، كان ضمن التوصيات التي تقدمت بها في مذكرتها خلال جلسة الإنصات بمجلس المنافسة يوم الخامس والعشرين من دجنبر الماضي.
ويؤكد على أن رأي المجلس حول التكرير ينتصر للمطلب الرئيسي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجبهة الوطنية لانقاذ المصفاة المغربية للبترول والجبهة المحلية لمتابعة أزمة "سامير" والجبهة النقابية بشركة "سامير".
ويرى بأن "ضمان الأمن الطاقي البترولي لن يتأتى إلا عبر توفير شروط التنافس والتكامل بين التكرير المحلي والاستيراد وعبر تفكيك معاقل التحكم في الاستيراد والتخزين والتوزيع".
وذهب إلى أنه بعد تصريحات وزير الشؤون العامة المنتقدة لموقف مجلس المنافسة من التحرير، يتوجب على الوزير أن "يتقدم بقانون ليرجع المحروقات للائحة المواد المقننة الأثمنة أو ينطق جهارا بأنه وجب التشغيل العاجل لمصفاة المحمدية".
وشدد على ضرورة الكف عن "الاستغلال السياسوي والشعبوي لملف المحروقات والانتباه لحجم الخسارات الفظيعة المترتبة عن توقف الإنتاج بشركة 'سامير' على كل المستويات والصعد".
ومن جهة أخرى، يعتبر اليمني أن سعي الحكومة للتسقيف، هي محاولة لشرعنة أرباح غير مشروعة تجنيها شركات توزيع المحروقات بالمغرب، مؤكدا على أن التسقيف "محاولة للتهرب من الاعتراف بالمسؤولية عن التحرير الأعمى لسوق المحروقات"، مشيرا إلى أن الحكومة تتجنب الخوض في "الأرباح غير المشروعة التي راكمها لوبي النفط منذ فاتح دجنبر 2015".
وعبر عن أن النقابة التي يرأسها، كانت تنتظر من مجلس المنافسة، أن "يكون أكثر شجاعة ويطالب بتعليق العمل بالتحرير حتى توفير الشروط الحقيقية للمنافسة وحماية المستهلكين".
غير أنه يرى أن رأي مجلس المنافسة، الذي أفتى بأن التسقيف لن يكون كافيا أو مجديا، "نابع من القراءة الموضوعية والعلمية الشمولية للقطاع".