نشر بعض المصابين بمرض كورونا فيديوهات يشكون فيها ظروف إيوائهم في مستشفيات عمومية في المغرب، ما أعاد الى الواجهة الجدل حول أوضاع القطاع الذي لا يحظى سوى بالنزر القليل من ميزانية الدولة.
ويؤكد وزير الصحة ا خالد آيت الطالب لوكالة فرانس برس أن "مجهودا جبارا قد بذل للتكفل بالمرضى"، مشددا على أن "ظروف إيوائهم بالمستشفيات عادية... التصريحات الإيجابية للنزلاء يجب أن تؤخذ أيضا بالاعتبار".
وأضاف "الإشكال الرئيسي هو أننا نعاني نقصا في الأطر حتى قبل ظهور وباء كوفيد-19".
وتلى تداول فيديوهات احتجاجية لبعض النزلاء على مواقع التواصل الاجتماعي صدور أوامر ملكية بتحسين ظروف العناية بالمرضى في المستشفيات العمومية وتعزيزها بكوادر من قطاع الصحة العسكرية، بحسب وسائل إعلام محلية.
وأثار تدني عدد التحاليل المخبرية لكشف الإصابة بالفيروس هو الآخر انتقادات وتساؤلات في المملكة، إذ قارب 3500 فقط منذ مطلع مارس. وينتظر أن يقدم وزير الصحة توضيحات بهذا الخصوص أمام البرلمانيين منتصف أبريل بحسب الصحافة المحلية.
وبينما يواصل الوباء تفشيه، ترتفع أصوات في البلدان الثلاثة منددة بقلة الإمكانات المتوفرة لمواجهته.
ويشكو طبيب إنعاش في أحد المستشفيات المغربية لوكالة فرانس برس "قلة مستلزمات التحاليل ومحلول التطهير الكحولي"، بينما يأسف طبيب طوارىء في الدار البيضاء "لظروف عمل جد صعبة بوسائل محدودة".
ولدى المغرب حاليا 1642 سريرا للإنعاش فقط، بينما يبلغ عدد سكانه 35 مليونا.
ويلخص طبيب في مراكش الوضع قائلا "مصيرنا بين يدي منظومة صحية همشت على مدى سنوات". ويعرب في شريط فيديو تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أمله في أن تشكل الأزمة الحالية مناسبة "لاستخلاص العبر".
وتمثل ميزانية قطاع الصحة العمومية في المغرب 5 بالمئة من ميزانية الدولة، مقابل معدل 12 بالمئة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية. ويعاني القطاع "عجزا في الموارد البشرية" و"فوارق جغرافية واجتماعية واقتصادية عميقة"، بحسب تقرير للمنظمة.
وأحيت الأزمة أيضا الجدل حول مستوى التفاوت بين الخدمات العمومية التي تبقى ملجأ لذوي الدخل المحدود والمصحات الخاصة المزدهرة في المملكة بفضل استقطاب ذوي الدخل المرتفع، بينما يفضل الأكثر ثراء السفر للعلاج في الخارج.
ونشر طبيب مغربي رسالة مفتوحة ينبه فيها لهذا التفاوت جاء فيها "اليوم لا يمكنك الذهاب لا إلى المصحات الخاصة ولا السفر إلى الخارج، مرحبا بك في بؤسنا اليومي"، مذكرا بالاحتجاجات المتكررة لأطباء القطاع العمومي على قلة وسائل العمل في الأعوام الأخيرة.
وأطلقت السلطات المغربية بشكل مستعجل عملية شراء معدات طبية ممولة من صندوق خاص أنشئ لمواجهة الأزمة بلغ رصيده ثلاثة مليارات دولار، بفضل العديد من التبرعات من شركات خاصة ومؤسسات عمومية وأفراد. بينما ما تزال تونس عاجزة عن تعبئة الموارد اللازمة.
ونادت أصوات عدة في المغرب على مدى سنوات بضرورة زيادة ميزانية الصحة باعتبارها أولوية على حساب استثمارات أخرى. وأعرب المستشار في بلدية الرباط عمر حياني عن أمله في "أن يتم التفكير مليا مستقبلا قبل صرف 23 مليار درهم (نحو 2,3 مليار دولار) لبناء خط للقطار فائق السرعة (تي جي في) أو داري أوبرا بثلاثة مليارات درهم، بينما يظل مستشفى الحي دون دواء".
وكان حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي (معارضة برلمانية) الذي ينتمي إليه اقترح إضافة 5 مليارات درهم (نحو 500 مليون دولار) لميزانية الصحة لهذا العام بتحويل اعتمادات من قطاعات أخرى ما من شأنه توفير 14 ألف منصب عمل إضافي، لكن الكتل النيابية رفضت الاقتراح.
ووافق البرلمان المغربي في المقابل على رفع ميزانية الدفاع بـ30 بالمئة، لتناهز 4 مليارات دولار.