انطلقت، اليوم الأربعاء، بالقاعدة الجوية العسكرية بمراكش، فعاليات الدورة السابعة لمعرض مراكش الدولي للطيران، والذي يعتبر من الأحداث البارزة في مجال صناعة الطيران والفضاء في القارة الإفريقية؛ حيث رسخ موقعه كموعد متميز للتبادل المثمر والشراكات الإستراتيجية بين مختلف الفاعلين الدوليين في القطاع.
ويشارك في هاته الدورة أكثر من 70 وفد حول العالم، على رأسهم الوفد الهام لدولة الإمارات العربية الشقيقة، الذي اختير ضيف شرف لها.
وفي كلمة له بهذه المناسبة، قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إن الملك محمد السادس أولى عناية كبيرة لصناعة الطيران؛ حيث إن الرؤية الملكية الاستباقية والمتبصرة جعلت هذا القطاع قصة نجاح مكنت بلادنا من أن تتحول إلى منصة دولية رائدة في صناعة الطيران، بشراكة مع كبريات الشركات العالمية. كما أصبحت المصدر الرئيسي لإمدادات قطع الغيار وأجزاء الطائرات على مستوى القارة الإفريقية.
وتابع رئيس الحكومة أن هذا النجاح الذي نعيشه، اليوم، في هذا المجال، بدأته المملكة منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، عندما أقدمت الخطوط الملكية المغربية ومجموعة "Safran" على إنشاء مشروع مشترك لصيانة وإصلاح المحركات، وهو ما ساهم في تعزيز قدرة المملكة على مراكمة الخبرة في هذا المجال، وتطوير الأطر ذات الكفاءة العالية.
وسجل أخنوش أنه بداية من سنة 2000، شرع المغرب في صناعة الأسلاك الكهربائية الخاصة بصناعة الطيران، ثم أخذ في التموقع كفاعل دولي بارز في النسيج الصناعي للطيران، وكوجهة مفضلة لقطاع المناولة في هذا المجال.
وفي إطار هذه الدينامية، يضيف أخنوش، عمل القطاع على إنشاء 6 منظومات متكاملة لصناعة الطيران عالية الأداء، تتوزع بين: التجميع، والهندسة، والصيانة، ونظام الأسلاك الكهربائية، والمحرك ومكوناته، بالإضافة إلى نظامين متكاملين للتوريد يضمان اثنين من رواد صناعة الطيران العالمي؛ هما: بوينغ (Boeing)، وكولينس (Collins).
وقال المتحدث نفسه إن المنحى الإيجابي الذي يشهده القطاع جعل صناعة الطيران في المغرب تتميز، اليوم، بنموها المتسارع والتزامها بالابتكار وقدرتها التنافسية العالية، ما مكن بلادنا من أن تصبح منصة إقليمية رائدة في صناعة الطيران في إفريقيا، وهو ما يعكسه الانتقال من المركز 36 عالميا، سنة 2012، إلى المركز 26، سنة 2023، إضافة إلى تمكن هذا القطاع الإستراتيجي ببلادنا من جذب أكثر من 150 مقاولة؛ على غرار بوينغ (Boeing)، وإيرباص (Airbus)، وسافران (Safran)، وغيرها من الشركات العالمية الكبرى، التي اختارت المغرب لتوسيع استثماراتها، مسجلا أن آخر مثال على هذه الشراكات المثمرة، شركة سافران (Safran) التي وقعت، هذا الأسبوع، بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المملكة، على شراكة جديدة مع المغرب تشمل تطوير شبكة الصيانة وإصلاح المحركات.
وأبرز أخنوش أن هذا التطور المتسارع لصناعة الطيران ببلادنا مكن القطاع من المساهمة في رفع حجم الصادرات الوطنية؛ حيث بلغ حجم صادرات القطاع، خلال العام الماضي، أكثر من 23 مليار درهم، علما أن قيمته تضاعفت ثلاث مرات، بين عامي 2013 و2023. كما حقق، خلال العام الجاري، أكبر نمو في الصادرات بنسبة 21 في المائة، إلى حدود متم غشت 2024.
وعلى مستوى خلق فرص الشغل، أوضح رئيس الحكومة أن أعداد الكفاءات الوطنية التي يشغلها القطاع تضاعفت، لتبلغ 24 ألف منصب شغل، مع نهاية عام 2023، خاصة وأن بلادنا تسهر على تثمين المهارات عالية المستوى، وتوفير تكوين يستجيب لأفضل المعايير الدولية.
وتابع أن تطور ودينامية هذا القطاع الحيوي يعكسه، كذلك، ارتفاع معدل إدماجه المحلي، الذي يفوق، اليوم، نسبة 42 في المائة، في الوقت الذي لم تكن هذه النسبة تتعدى 17 في المائة، سنة 2014، مضيفا أنه تماشيا مع التوجيهات الملكية، تستعد صناعة الطيران المغربية للاندماج، بشكل أكبر، في العهد الصناعي الجديد؛ حيث يجري، اليوم، تطوير قطاعات جديدة ومتزايدة التعقيد، مع التركيز على ظهور مهن أكثر تخصصا، خاصة ما يرتبط بالمقصورة الداخلية للطائرات، وتطوير تفكيك الطائرات، والصيانة والإصلاح، وتحويل الطائرات التجارية إلى طائرات الشحن، وذلك من خلال الشراكات بين مجموعات دولية كبيرة والجهات الفاعلة المحلية.
وسجل أخنوش أنه في ظل كل هذه المتغيرات الإيجابية داخل القطاع، ولمواكبة التغيير الكبير الذي تعرفه صناعة الطيران في العالم، تخطط المملكة، بشكل دقيق، لولوج الصناعات متزايدة التعقيد، مع التركيز، بشكل خاص، على تقنيات الصناعة الرقمية المتقدمة 4.0، والابتكار، والبحث، والتطوير.
ولفت رئيس الحكومة إلى أن مستقبل صناعة الطيران يعتمد، بشكل أساسي، على المواهب والعنصر البشري المؤهل، والبنية التحتية المتطورة، وسياسة الابتكار المستمر، مبديا، في هذا الإطار، افتخار المغرب بتوفره على رأسمال بشري مؤهل بشكل عال، تشكل النساء فيه أكثر من 42 في المائة، وهو ما تحاول الحكومة تعزيزه، من خلال فتح مجموعة من مدن المهن والكفاءات في جميع جهات المملكة.
ولمواصلة تطوير القطاع، قال أخنوش إن الحكومة ستواصل تعزيز جاذبية المملكة، ودعم الشركات الناشئة؛ حيث تم، في هذا الإطار، إطلاق العديد من البرامج والمشاريع الهيكلية لمواكبة الفاعلين الصناعيين؛ على غرار: ميثاق الاستثمار الجديد، والإستراتيجية الوطنية "المغرب الرقمي 2030"، وخلق 22 منطقة جديدة للتسريع الصناعي، وغيرها. وفي إطار الجهود التي تقوم بها المملكة لمواجهة التحدي البيئي، فإن المغرب ملتزم بحزم بتعزيز مسار التنمية المستدامة؛ حيث يتم العمل، في هذا الصدد، على تعزيز الممارسات المسؤولة بيئيا في مجال صناعة الطيران.
وأكد رئيس الحكومة أن طموح الملك محمد السادس في جعل المغرب فاعلا أساسيا في منظومة صناعة الطيران العالمية، يمنحنا، اليوم، حافزا كبيرا للمضي قدما في تطوير هذا القطاع، وتعزيز جاذبية المملكة للاستثمارات في مجال صناعة الطيران. وعلى هذا الأساس، تشكل الدورة السابعة لمعرض مراكش الدولي للطيران، فرصة مواتية لبلادنا ولمختلف الفاعلين الدوليين في هذا القطاع، من أجل نسج شراكات جديدة، وقوية، ومتطلعة إلى المستقبل.