كشفت نتائج مباريات شغل مناصب المسؤولية في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن عزوف واضح للأطر الصحية عن تولي مهام إدارة المستشفيات والمراكز الاستشفائية الجهوية والإقليمية، ما يعكس ظروف العمل في القطاع الصحي.
وفق قراءة "تيلكيل عربي" لنتائج مباراتين فتح باب الترشيح بشأنهما، فقد جرى التنافس على 70 منصبا، موزعة بين 31 منصبا يهم مدراء مستشفيات القرب، فيما خصصت البقية للمراكز الاستشفائية الجهوية والإقليمية.
غير أن الأرقام أظهرت عزوفا لافتا عن هذه المناصب، إذ لم يتقدم أي مترشح لتولي 9 مناصب في مستشفيات القرب، فيما لم يتم انتقاء أي مترشح في 4 مستشفيات أخرى، بينما لم يستوف 3 مترشحين الشروط المطلوبة، بذلك، بقي 21 مستشفى للقرب بدون مدير من أصل 31 منصبا معلنا عنه.
ولم تكن وضعية المراكز الاستشفائية الجهوية والإقليمية أفضل حالا، إذ لم يتم انتقاء أي مترشح لشغل 14 منصبا من أصل 39، فيما لم يتقدم أي مترشح لـ8 مراكز أخرى، ولم يستوف مترشح واحد الشروط المطلوبة.
وبذلك، بلغ مجموع المناصب التي لم تشغل 23 منصبا من أصل 39 منصبا، ما يطرح تساؤلات حول جاذبية هذه المناصب وظروف العمل في المستشفيات العمومية.
مصادر مطلعة، أكدت لـ"تيلكيل عربي"، أن "العزوف عن الترشح لهذه المناصب ليس أمرا جديدا، بل يعود لسنوات بسبب المشاكل التي تعاني منها المؤسسات الصحية، حيث يجد المدير نفسه أمام مؤسسة تعاني من نقص حاد في الموارد المالية والبشرية، بينما تطالبه الوزارة بأرقام وإحصائيات مرتفعة وكأن الظروف عادية".
وأضافت أن "غياب التحفيزات الكافية، وكثرة التعقيدات الإدارية، تجعل هذه المناصب عبئا بدل أن تكون فرصة للارتقاء المهني".
وأوضحت أن "المنتخبين والمجتمع المدني يطالبون بتحسين الخدمات، فيما لا توفر الوزارة الدعم الكافي من موارد بشرية أو تجهيزات، ما يجعل هذه المناصب عبئا أكثر منها فرصة للترقي المهني".
ووفق نفس المصادر التي تحدثت إليها "تيليكل عربي"، فإن أحد العوامل التي ساهمت في تراجع الترشيحات، خصوصا في صفوف فئة الممرضين، هو نظام التعويضات المعتمد، حيث يتراوح التعويض عن المسؤولية بين 1750 و3000 درهم حسب طبيعة المستشفى (محلي، إقليمي، جهوي).
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "الفارق الكبير في الأجور بين الفئات التي تتولى الإدارة أدى إلى عزوف العديد من الممرضين، حيث يتقاضى الممرض الذي يتولى منصب مدير، بعد أقدمية 15 سنة، أجرا إجماليا يبلغ حوالي 12 ألف درهم (راتب الممرض مضافا إليه التعويض عن المسؤولية)، في حين أن الطبيب الذي يتولى المنصب نفسه، ويمتلك نفس الأقدمية، يتقاضى حوالي 26 ألف درهم (راتب الطبيب مضافا إليه نفس التعويض)".
وأبرزت أن "هذا التفاوت جعل عددا من الممرضين يتراجعون عن الترشح مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كانوا يشكلون نسبة مهمة من المرشحين لمناصب المسؤولية داخل المؤسسات الصحية".