"حضرت أوراق الامتحان، وغاب الممتحنون" هكذا بدا المشهد صباح اليوم الإثنين أمام باب كلية الطب والصيدلة بالرباط، حيث نفذ الطلبة وعيدهم بمقاطعة الامتحانات، بطريقة تشبه "العصيان المدني" احتجاجا على عدم استجابة وزارتي التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي لمطالبهم.
الطلبة اختاروا عدم المجيء للكلية يوم الامتحان، مما جعلها خاوية على عروشها، ولم يحضر لاجتياز الامتحان سوى بضع عشرات من الطلبة العسكريين والأجانب من أصل حوالي 600 طالب يتابعون دراستهم بالكلية، في مشهد بدت معه الإجراءات الأمنية المتخذة، وحضور سيارات الاسعاف، ورجال المطافئ بدون جدوى.
وبحسب، حمزة قرمان، عضو التنسيقية الوطنية لطلبة الطب، فإن مشهد كلية الطب في الرباط هو نفسه في باقي جميع كليات الطب والصيدلة والأسنان.
حمزة قرمان، قال في تصريح لموقع "تيل كيل عربي" إن مقاطعة الامتحان بطريقة تلقائية من الطلبة تعبر عن مدى وعيهم ونضجهم، معتبرا أنهم وجهوا رسالة قوية للحكومة من أجل فتح حوار جاد مع الطلبة، والاستجابة لمطالبهم.
وأضاف" نسبة المقاطعة اليوم هي مائة في المائة، وكما تلاحظون فإن الطلبة لم يحضروا لقاعات الامتحان، مما يفند ادعاءات وزيري الصحة، والتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بوجود محاولات لمنع الطلبة من اجتياز الامتحان"، داعيا الوزارتين إلى فتح حوار جدي مع الطلبة والاستجابة لمطالبهم.
موقف حمزة قرمان، تتقاسمه معه زميلته آية غوتي، التي كانت من بين طالبات معدودات على رؤوس الأصابع حضرن لباب الكلية مرتديات بدلاتهن دون أن يلجنها. آية غوتي، قالت في تصريح للموقع "إن الاحصائيات التي تتوفر عليها التنسيقية الوطنية لطلبة الطب تشير إلى نجاح مقاطعة الامتحان بنسبة مائة في المائة، مما يؤكد أن الطلبة مجمعون على وحدة مطالبهم، والمتمثلة أساسا في غياب جودة التكوين".
ودعت غوتي الحكومة إلى فتح حوار جدي ومسؤول مع ممثلي الطلبة من أجل ايجاد حل للأزمة، مشيرة إلى أن البلاغ الأخير لوزارتي الصحة والتربية الوطنية والتكوين المهني يعتبر متقدما عن سابقيه، لكن النقط المدرجة فيه لم يتم عرضها على الطلبة، مشددة على ضرورة توقيع اتفاق بين الجانبين.
أمهات وآباء يحتجون
مقابل غياب الطلبة عن اجتياز الامتحان، حضر عدد من الآباء أمام باب الكلية من أجل التعبير عن مساندتهم لأبنائهم، ورفضهم اجتياز الامتحان. ورفع الآباء والأمهات لافتة كبيرة كتبوا عليها:"آباء وأمهات وصيادلة الغد يرفضون اجتياز أبنائهم للامتحانات بدون استكمال الدروس".
في هذا الصدد، قال أحمد فقري، واحد من الآباء الذين حضروا صباح اليوم الإثنين أمام كلية الطب والصيدلة بالرباط في حديث مع موقع "تيل كيل عربي" إن حضورنا اليوم يأتي من أجل دعم ومساندة أبنائنا في الدفاع عن مطالبهم العادلة والمشروعة".
وأضاف "جئنا لندد بإجراء الامتحانات في ظل هذه الظروف، خاصة أن الطلبة قاطعوا الدروس والتداريب الاستشفائية منذ عشرة أسابيع"، قبل أن يتساءل "ما الذي سيمتحن فيه هؤلاء الطلبة"؟، مضيفا "من العيب أن يتم فرض الامتحان بهذه الطريقة". واعتبر فقري أن "المقاطعة الحضارية والسلمية التي نفذها الطلبة اليوم رسالة واضحة للمسؤولين يجب التعاطي معها بإيجابية، وايجاد حل عاجل للأزمة".
صمت الكلية
حاول موقع "تيل كيل عربي" الحصول على رأي عميد الكلية بخصوص نسبة المقاطعة، إلا أن عددا من "الحراس" أبلغونا أنهم تلقوا تعليمات من العميد بمنع أي صحافي من ولوج الكلية والتواصل معه، إلا بعد الحصول على ترخيص من رئاسة الجامعة.
وكانت زارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة قالتا في بلاغ مشترك لهما أمس الأحد "إنه بعد استنفاذ جميع سبل الحوار مع ممثلي الطلبة، تقرر إجراء امتحانات الدورة الربيعية، وفق البرمجة الزمنية التي صادقت عليها الهياكل الجامعية لكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، ابتداء من يوم الاثنين 10 يونيو 2019.
وأضاف البلاغ "لقد عملت الوزارتان على اتخاذ التدابير اللازمة من أجل ضمان حق جميع الطلبة في اجتيازها في أحسن الظروف كما أنهما لن تتوانيا في اتخاذ الإجراءات القانونية المعمول بها ضد أي شخص يقوم بعرقلة السير العادي لهذه الامتحانات".
وأشار البلاغ إلى أن الوزارتين التزمتا باتخاذ 14 اجراء من أجل الاستجابة لمطالب الطلبة. وتوقف البيان عند نقطتين مازالتا موضوع خلاف مع الطلبة.
في هذا الصدد، أوضح البلاغ أنه فيما يخص مباراة الأطباء المقيمين، فإن الوزارتان عملتا على تقديم الاقتراحات الآتية:
- التزام وزارة الصحة بالعمل على مواصلة الرفع من عدد المناصب المخصصة لمباراة الإقامة؛
- التزام وزارة الصحة بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بمراجعة المرسوم رقم 2.91.527 المتعلق بتنظيم المباراة الخاصة بالأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان المقيمين بما يضمن حقوق ومكتسبات طلبة كليات التكوين الطبي العمومي في ولوج تكوينات التخصص؛
- إحداث لجنة مكونة من مختلف المتدخلين بما فيهم ممثلي الأساتذة الباحثين والطلبة، تتولى مهمة دراسة الحيثيات المرتبطة بتعديل المرسوم رقم 2.91.527 السالف الذكر بما فيها دراسة إمكانية تحديد النسب ما لم يتعارض ذلك مع النصوص القانونية الجاري بها العمل؛
- حذف الشق المتعلق بمعدل النقاط المحصل عليها خلال سنوات التكوين السبعة من مكونات اختبارات المباراة. أما بخصوص تفعيل السنة السادسة من طب الأسنان، فقد تقرر إبرام شراكة مع الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان وتوفير شروط تنفيذ مقتضيات دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لدبلوم دكتور في طب الأسنان بما فيها أرضية التداريب الاستشفائية الخاصة بالسنة السادسة وكذا تقديم مضمون متكامل للتداريب في إطار هذه السنة".