أكد المبعوث القطري في قطاع غزة أن المساعدات المالية التي تقدمها بلاده للفلسطينيين في القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد، واتصالاتها مع حركة حماس وإسرائيل تساعد على منع حرب كارثية جديدة.
وقال رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة السفير محمد العمادي في مقابلة مع وكالة فرانس برس في غزة، إنه "سيتم توزيع دفعة أخرى بقيمة عشرة ملايين دولار الأحد لمائة ألف عائلة فقيرة في غزة.
وتندرج هذه الدفعة المالية الثالثة التي تقدمها قطر في إطار تفاهمات تهدئة بين إسرائيل وحماس تقضي بالهدوء مقابل تخفيف الحصار على القطاع.
وتخصص قطر 330 مليون دولار من أموال برنامج المساعدات الذي بدأ العام الماضي لتغطية كلفة الوقود والكهرباء ومساعدة العائلات المحتاجة في قطاع غزة.
وقال العمادي "تم إنفاق أكثر من 150 مليون دولار وإقامة عدد من المشاريع الكبيرة مثل إقامة مستشفى للأطراف الصناعية ورصيف بحري (كورنيش) وتعبيد طرقات عامة".
وتشمل المساعدات المالية التي تبلغ قيمتها الشهرية ثلاثين مليون دولار أيضا برنامجا مؤقتا لتشغيل خمسة آلاف من خريجي الجامعات عبر الأمم المتحدة.
وقال العمادي لفرانس برس من مكتبه في فندق المشتل الساحلي شمال غرب مدينة غزة في وقت متأخر السبت "هذه الأموال ضرورية للحفاظ على الهدوء وإلا فإن غزة ستكون مكانا لا يستطيع أحد أن يعيش فيه".
وأضاف "نحن نعرف أن الوضع سيء جدا، لذلك فإن مساعداتنا المالية تساعد الناس كثيرا وتمنع حربا جديدة".
وتابع "ليس فقط المساعدات. التواصل مع الطرفين والجهود المبذولة أيضا تساعد، نحن ننسق مباشرة مع الأشخاص الذين يمكنهم اتخاذ القرارات في الجانبين".
ووفق مسؤول في اللجنة القطرية فإن هذه الدفعات المالية النقدية تم إدخالها صباح الجمعة إلى القطاع عبر معبر بيت حانون (إيريز) الإسرائيلي كجزء من اتفاق للتهدئة تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة ومصر لإنهاء موجة من أعمال العنف التي اندلعت في الأشهر الأخيرة بين إسرائيل وحماس.
وخاضت إسرائيل وحماس ثلاثة حروب منذ عام 2008.
وهددت سلسلة من المواجهات العسكرية العنيفة التي تجددت في غشت الجاري الهدنة بين الطرفين.
ويأتي هذا التوتر قبل الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في إسرائيل في 17 شتنبر المقبل.
ويرى محللون سياسيون أن إدخال الأموال القطرية الجديدة قد يساعد في عودة الهدوء النسبي على الأقل في الوقت الحالي.
وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الأحداث شملت إطلاق صواريخ من غزة، ومحاولات تسلل قام بها فلسطينيون مسلحون ورد الجيش بهجمات عدة استهدفت خصوصا مواقع لحماس.
ويقول العمادي إن "إسرائيل وحماس غير معنيتين بمواجهة عسكرية أو حرب جديدة".
ويحظى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشعبية كبيرة قبل الانتخابات، وينظر إليه على نطاق واسع بأنه يريد تجنب التصعيد مع غزة قبيل الانتخابات، لكنه يواجه أيضا ضغوطا سياسية شديدة للرد بحزم على الهجمات الفلسطينية.
لذلك، كانت هناك تكهنات في إسرائيل بأن حماس قد غضت الطرف عن إطلاق الصواريخ ومحاولات التسلل بدلا من منعها في محاولة منها للضغط على نتانياهو لتقديم المزيد من التنازلات.
ويرى العمادي أن الانتخابات المقبلة في إسرائيل تعني أنه لا يمكن مناقشة حلول طويلة الأجل في الوقت الحالي بسبب الحساسية السياسية، لكنه يأمل أن تبدأ في وقت لاحق محادثات بشأن تخفيف الحصار. وقال إن "حربا أخرى ستكلف المجتمع الدولي أكثر بكثير من الناحية المالية، لكن المخاوف الإنسانية ستكون أكبر، خاصة وأن غزة لا تزال تتعافى من الصراع الأخير(الذي حدث) في 2014".
وقال العمادي "أي حرب جديدة في ظل هذا الوضع، أعتقد أنها ستكون كارثية على غزة وعلى سكان غزة".
وأشار العمادي إلى عقده اجتماعات مع قادة حماس في الجناحين السياسي والعسكري ويجري كذلك مناقشات منفصلة مع المسؤولين الإسرائيليين، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
ولا تقيم قطر، التي تعتبر حليفا نادرا لحماس مع أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعتبران الحركة تنظيما إرهابيا، علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.
ويعاني الاقتصاد في قطاع غزة من الضعف بسبب الحصار المستمر منذ أكثر من عقد بالإضافة إلى الحروب المتكررة التي دمرت البنية التحتية وأثرت سلبا على مليوني نسمة تعيش في القطاع.
ويقول البنك الدولي إن نسبة البطالة بين صفوف الغزيين بلغت 52 بالمائة، مشيرا إلى أن ثلثي الشباب عاطلون عن العمل.
وأظهرت إحصاءات الأمم المتحدة أن المساعدات القطرية المتعلقة بالوقود أتاحت تشغيل الكهرباء بمعدل عشر ساعات يوميا عوضا عن أربع ساعات قبل ذلك.
ونتيجة للتهدئة، وسعت إسرائيل المنطقة التي تسمح لصيادي السمك في غزة الوصول إليها، لكنها تقلصها أو تمنع الوصول إليها أحيانا ردا على هجمات من غزة.
وبين العمادي أنه تمت مناقشة العديد من القضايا مع المسؤولين الإسرائيليين مثل منح المزيد من تصاريح العمل لسكان غزة لدخول إسرائيل.
وشدد السفير القطري على أن بلاده "تواصل الدعم المالي وإقامة المشاريع في إطار اهتمامها بالناس في هذا المكان من أجل توفير حياة أفضل لهم".