بدر إيكن لـ"تيلكيل عربي": المغرب يرسم ملامح مستقبل الطاقة النظيفة عالميًا

خديجة قدوري

 يحتل المغرب موقعًا رياديًا عالميًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر بكلفة تنافسية، حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. هذا التوجه يعكس رؤية المملكة لتعزيز دورها كمحور استراتيجي في الاقتصاد الأخضر، من خلال تطوير منظومة طاقية تعتمد على معايير الاستدامة البيئية، مما يدعم مكانتها كوجهة إقليمية ودولية رائدة في مجال الطاقة النظيفة.

وفي هذا السياق، أشار بدر إيكن، المدير العام السابق لمعهد البحث في الطاقات الشمسية والطاقات الجديدة، ورئيس مجلس الأعمال المغربي الألماني، إلى أن المغرب سيخطو قريبًا نحو تصنيع وتصدير الأمونياك الأخضر، موضحًا أن "المشاريع الأولية ستركز على الأمونياك بتعاون مع المكتب الشريف للفوسفاط، نظرًا لسهولة تخزينه ونقله، بخلاف الهيدروجين الذي يعتبر نقله مكلفًا نسبيًا".

وأوضح إيكن، في هذا السياق أن "هناك مشاريع كبيرة قيد التخطيط، حيث وضع المكتب الشريف للفوسفاط خارطة طريق تستهدف إنتاج مليون طن من الأمونياك الأخضر بحلول عام 2027، مع رفع الإنتاج إلى 3 ملايين طن بعد عام 2030، في إطار ديناميكية تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب في هذا المجال".

كما أشار إلى أن "البنية الصناعية اللازمة تشمل وحدات التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ووحدات مخصصة لتصنيع الأمونياك، بالإضافة إلى مرافق للتخزين ومحطات لتحلية مياه البحر، حيث ستعتمد هذه المشاريع بشكل رئيسي على مياه البحر. وأكد أن هذه المبادرات الواعدة ستساهم في خلق فرص عمل كبيرة، مما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية".

ولفت إلى أن "المغرب أصبح اليوم وجهة للشركات الكبرى الراغبة في تصنيع مكونات البطاريات، خاصة في ظل تطور قطاع السيارات الكهربائية بالمملكة. كما أن شركات صينية رائدة اختارت الاستثمار في المغرب بدلاً من دول أخرى، مما يعكس جاذبية البلاد كوجهة صناعية واعدة".

وذكر إيكن أنه "في السابق كان السوق المغربي محدوداً، حيث لم تتجاوز الاحتياجات بضع عشرات من الميغاواط. أما الآن، فقد شهدت هذه الاحتياجات نمواً كبيراً، لتصل إلى آلاف الميغاواط، خصوصاً في مجال الهيدروجين الأخضر الذي أصبح يحظى باهتمام متزايد".

وأوضح أنه في السابق، تم العمل مع الوزارة على إعداد خارطة طريق كانت تستهدف الوصول إلى 16 جيغاواط بحلول عام 2030. إلا أن الوضع تغير بشكل كبير، حيث تجاوزت المشاريع المطروحة حالياً حاجز 80 جيغاواط، بفضل اهتمام الشركات الكبرى بالاستثمار في هذا المجال داخل المغرب. وأضاف أن هذه الدينامية توفر آفاقاً واسعة لخلق فرص عمل كبيرة.

وأضاف قائلاً إن "وضع خارطة الطريق للهيدروجين الأخضر وما تضمنه العرض المغربي أتاح انطلاقة نوعية للمشاريع، حيث ظهرت مبادرات ضخمة مثل مشروع إنتاج الهيدروجين والأمونياك الأخضرين للتصدير. كما أن هذه المشاريع ستؤسس لقاعدة صناعية كبرى في المغرب، مع تركيزها على الإنتاج الموجه للتصدير وليس للاستهلاك المحلي. وأشار إلى أن هذا النموذج يشبه ما يحدث في قطاعات صناعية أخرى مثل صناعة السيارات، حيث تُصنَّع في المغرب ويتم تصديرها إلى الأسواق العالمية.

ونوه المتحدث ذاته، إلى أن المغرب سيشهد، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونياك الأخضر، إقامة شركات متخصصة في تصنيعهما محلياً قبل تصديرهما إلى الأسواق العالمية. وأكد أن هذا التطور يتجاوز مجرد التركيز على إنتاج الطاقة، ليشمل أيضاً بناء صناعات متكاملة بالمغرب. حيث تبدأ العملية بتوليد الكهرباء اللازمة للتصنيع، تليها مرحلة إنتاج الهيدروجين أو الأمونياك، ما يعزز من مكانة المغرب كقاعدة صناعية قوية في هذا المجال الواعد.

ولفت إيكن، إلى أننا أمام استثمارات ضخمة في القطاع الصناعي، حيث لم يعد الحديث مقتصرًا على مجالي الكهرباء والطاقة فقط، بل يمتد ليشمل أيضًا قطاع الغاز، نظرًا لأن الهيدروجين الأخضر والأمونياك هما غازات. وبالتالي، فإننا نتحدث عن توسع في ميدان الغاز أيضًا، ما يفتح آفاقًا جديدة في هذا القطاع.

وأشار إيكن، إلى أن النقطة المهمة الأخرى هي أن المغرب كان يركز جهوده في تصنيع الكهرباء، التي تمثل 20% من مزيج الطاقة الوطني. أما الآن، فإن الاستراتيجيات الجديدة تهدف إلى إزالة الكربون، ليس فقط في قطاع الكهرباء، بل في قطاعات أخرى أيضًا.

واختتم حديثه بالقول إن المغرب اليوم يعد من أول البلدان في العالم التي وضعت خارطة طريق تتيح له تقديم 300 ألف هكتار مخصصة للمشاريع، بالإضافة إلى مليون هكتار تهدف إلى تشجيع المبادرات الاستثمارية.