"ديما إفريقيا" شعار البطولة القارية للاعبين المحليين المقامة في المغرب، علق فوق باب مركز الإصلاح وإعادة إدماج القاصرين في الدار البيضاء. المناسبة؟ بطولة مصغرة في كرة القدم لفائدة السجناء الأفارقة نظمت تزامنا مع "شان 2018" التي تختتم الأحد.
في باحة صغيرة ذات أرضية صلبة مجهزة بمرميين ومحاطة بجدران مرتفعة تعلوها أسلاك شائكة، أقيمت هذه البطولة المصغرة غير المسبوقة، بمشاركة "لاعبين" من أكثر من عشر دول افريقية.
والسبت، استضاف الملعب الصغير مباراة المركز الثالث والمباراة النهائية من البطولة. الى جانب الملعب، نصبت منصة مخصصة للضيوف من مسؤولي الاتحاد المغربي لكرة القدم ومندوبية السجون، منظمي البطولة.
خلف المرمى، جلس عشرات القاصرين الى كراس وضعت بشكل منتظم، لمتابعة المباريات الختامية. منح هؤلاء المباريات أجواء حماسية، اذ رددوا الهتافات التي غالبا ما يقوم بها المشجعون كما لو كانوا في مدرجات ملعب دولي، لاسيما صيحات "إلتراس" الرجاء، أحد أكبر أندية الدار البيضاء.
ورفعت اللجنة المنظمة أيضا أعلام الدول "المشاركة" في البطولة.
بعد 30 دقيقة من اللعب (الوقت الرسمي لكرة القدم المصغرة) الذي لم يخل من بعض الخشونة، هزمت الكاميرون مالي لتفوز بالمركز الثالث.
وقال فرانسيس، حارس مرمى الفريق الكاميروني، لوكالة فرانس برس "كنا نسعى للعب المباراة النهائية لكن لم نستحق ذلك".
يضيف بابتسامة "في أي حال لعبنا وفزنا بمباراة الترتيب، وهذا لا يزعجنا".
يمضي فرانسيس، الثلاثيني ذو البنية الجسدية الرياضية، عقوبة بالسجن لمدة سنة في سجن مراكش بسبب ما وصفه بأنه "خطأ". ويوضح "تسببت بعراك وأنا في حالة سكر"، قبل أن يوجه شكره الى "الطاقم التقني" والعاهل المغربي محمد السادس "الذي يفكر بنا نحن السجناء الأفارقة".
"لقد تحدث بشكل جيد"، بحسب موظف تابع لإدارة السجن، وموكل بمرافقة الصحافيين المدعويين لمتابعة المباريات. ومن النادر ان تمنح في المغرب تصاريح لوسائل الاعلام بدخول السجون.
بعد المباراة على المركز الثالث، يترك فرانسيس وزملاؤه أرض الملعب للقاء بين المغرب وغينيا على لقب البطولة.
عبد الرحمن مغربي يبلغ من العمر 29 عاما، ويمضي عقوبة بالسجن لعشرة أعوام بعد إدانته بالقتل.
لا يخفي الشاب المغربي سعادته "للعب مرة أخرى"، و"تمثيل بلدي"، وهو يقوم بعمليات الاحماء قبل انطلاق المباراة النهائية.
يرى هذا المدافع الهاوي للعبة الشعبية الأولى عالميا، ان "بطولة إفريقيا للأمم لفائدة السجناء الأفارقة"، تشكل "متنفسا لنا".
يتابع السجين الذي ارتدى قميصا أحمر اللون يناقض الألوان الباهتة التي عادة ما تطغى على السجون "لعبت كرة القدم من قبل برفقة أصدقاء الحي".
وبحسب رئيس مصلحة الشؤون الاجتماعية في المندوبية العامة للسجون وإعادة التأهيل في المغرب بناصر بنعيسى، شارك في البطولة المصغرة أكثر "من مائة سجين إفريقي، وزعوا على أربعة سجون في المغرب"، في مدن طنجة ومراكش وأغادير والدار البيضاء، التي تستضيف بدورها البطولة الافريقية التي انطلقت في 13 كانون الثاني/يناير وتختتم غدا الأحد.
ويوضح ان البطولة المصغرة شملت "تنظيم دور المجموعات، ثم ربع النهائي ومباراتي نصف النهائي"، وصولا لمباراة المركز الثالث والنهائي.
تم تشكيل كل "منتخب وطني" من سجناء في السجون الأربعة، وكانوا ينقلون الى مكان إقامة المباريات للمشاركة فيها. أما المباراتين الختاميتين، فأقيمتا في الدار البيضاء.
ويبلغ عدد السجناء في المملكة حوالى 75 ألف شخص موزعين على 77 مركز اعتقال يعاني بعضها من الاكتظاظ، مثل سجن عكاشة (الدار البيضاء) الذي يضم 8 آلاف سجين بينما لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 5800، بحسب تقرير صادرة حديثا عن المرصد المغربي للسجون.
في المباراة النهائية، دخل اللاعبون المغاربة على وقع استقبال حار من الحاضرين، وضعوا يدهم على صدرهم، ورددوا النشيد الوطني.
ووسط فرحة المشجعين، فاز "المنتخب الوطني" على غينيا وتوج باللقب، ورفع اللاعبون كأس البطولة بعدما تسلموها من الدولي التونسي السابق عادل الشاذلي الذي كان أحد ضيوف شرف المباراة النهائية.
ويقول لاعب كرة القدم المغربي السابق عبد المؤمن شريف "هناك مواهب حقيقية في السجون، لاعبون من مستوى عال".
ولا يخفي عضو اللجنة التقنية للبطولة التابعة للاتحاد المغربي، أمنيته في ان يرفع المنتخب المحلي الأحد كأس "الشان الحقيقية"، عندما يلاقي نيجيريا في النهائي.
أ.ف.ب