بعد إطلاق سراحه.. "تيل كيل عربي" يلتقي زعيم الشيعة المغاربة في أول خروج إعلامي

غسان الكشوري

 بعد خروج زعيمهم من السجن، يستعد الشيعة المغاربة إلى استئناف العمل بشكل أوسع انتشارا وبصفة قانونية ورسمية. في هذا الحوار مع "تيل كيل عربي"، وفي أول خرجة إعلامية بعد انتهاء مدة سجنه، يكشف عبد الرحمن (عبدو) الشكراني، زعيم الشيعة المغاربة، ورئيس جمعية "رساليون تقدميون" المحظورة، ما سيقدم عليه الشيعة المغاربة وبرنامجهم.

أياما قليلة، بعد خروجه من السجن (28 ماي)، وبعد قضائه سنة سجنا نافذة، كتب عبدو الشكراني، زعيم الشيعة المغاربة، على صفحته بالفايسبوك أنهم بصدد استئناف الإجراءات لتأسيس جمعية الرساليون، التي يلتئم تحت لوائها الشيعة المغاربة.

وكتب الشكراني قائلا: "بدأ العد العكسي لعقد المؤتمر الاستثنائي لجمعية رساليون تقدميون الممنوعة، بغية ضخ دماء جديدة في شرايين الجمعية التي تعرضت لما يكفي من النزيف لوأد مشروعها الذي يقوم هيكله على مبدأ حرية المعتقد والضمير، في أفق بناء مغرب تعددي حداثي متسامح يقطع مع سياسة التمييز على أسس دينية ومذهبية وعرقية ويجرم التحريض ونشر الكراهية بين مختلف مكوناته ".

وأعلن الشكراني الذي كان معتقلا لمدة سنة على خلفية "جرائم الأموال"، أنه بصفته الرئيس للجمعية الممنوعة، وكتب: "أهيب بكافة الأعضاء الاستعداد لخوض معترك التأسيس الثاني وجعل موضوع حرية المعتقد والضمير عنوانا للمعركة المقبلة".

يذكر أن عبدو الشكراني اعتقل في أواخر سنة 2016، وظل في الاعتقال الاحتياطي لما يناهز 5 أشهر قبل أن يتم الحكم عليه بسنة سجنا نافذة، على خلفية اتهامه بتبديد واختلاس أموال عمومية. هذه التهم نفتها، في المقابل، جمعيته "رساليون تقدميون"، التي تضم الشيعة المغاربة، ولم تحصل على ترخيص لمزاولة أنشطتها، وأدانت الحكم حينها، مؤكدة أن اعتقال رئيسها جاء على خلفية "معتقداته الفكرية".

نص الحوار:

من هو عبد الرحمن (عبدو) الشكراني وعلاقته بالشيعة المغاربة؟

عبدو الشكراني، عضو الخط الرسالي ومؤسسة الخط الرسالي للدراسات والنشر، ورئيس جمعية "رساليون تقدميون" الممنوعة. الجمعية التي أثارت لغطا كبيرا واستنفارا أمنيا لم تشهد له البلاد مثيلا؛ من محاصرة ومنع من ولوج قاعة الاجتماع وتصوير لكل المشاركين وبشكل مباشر. ثم وأخيرا التهديد باقتحلم القاعة وإنزال أوخم العواقب بالمشاركين.

وما هي جمعية الرساليون وما طبيعتها، وكيف تتحرك ؟

الجمعية تواجه حالة خنق بدون أي مبرر يذكر، رغم أنها جمعية مدنية لا تحمل أي طابع ديني أو مذهبي، فهناك غير الشيعة يشتغلون معنا في المركز، ويؤمنون بنفس ما نذهب إليه من نضال مجتمعي حول تيمة حرية المعتقد  والضمير. وبالتالي لا مبرر للدولة في منع أي مكون  اجتماعي من العمل. الجمعية مغربية ومواطنة وتشتغل  تحت سقف الثوابت الدستورية والوطنية.

جمعيتنا كانت تتوخى، ولا زالت، إثارة الانتباه للمضايقات التي يتعرض لها المختلفون دينيا ومذهبيا وفلسفيا، والدفع بالمغرب نحو تبني القرارات الأممية ذات الصلة بخصوص حرية المعتقد وتبنيها دستوريا وقانونيا، وذلك بإلغاء تجريم وتكفير المختلف دينيا ومذهبيا، وتغيير القانون الجنائي، بما يؤدي في الأخير إلى خلق مجتمع مدني حداثي ديمقراطي.

لذا أمام الجمعية برنامج عمل ليس بالبسيط؛ فنحن اليوم بإزاء محاصرة وتجفيف ينابيع الإرهاب الأموي، وإثارة الجدال بخصوص دور مؤسسة الطلقاء، في خلق حالة من العنف والتطرف والإرهاب على مدار قرون خلت. كانت داعش فصلا فقط من فصولها وليس آخرها طبعا؛ فلكل عصر داعشه ولكل مصر يزيده.

وما علاقتكم بالتشيع؟

هل التشيع مخيف إلى هذه الدرجة! أرض المغرب تتنفس هواء كربلاء، منذ مقدم المولى إدريس الأكبر، واستشهاده  على يد عصابات بني العباس، وهارون الرشيد تحديدا.

ما هي الإجراءات المقبلة لاستئناف تأسيس الجمعية، وهل هناك تواصل مع باقي الأطياف أو المنظمات الحقوقية والجمعوية؟

نحن بصدد الاستعداد للبدء بحملة أخرى ستكون هذه المرة بحضور ممثلين دوليين من جمعيات حقوقية عالمية وأممية، ليكونوا شهودا على ما آل إليه الوضع الحقوقي  في المغرب. ومن منع  تعسفي لمجموعة من المواطنين  الذين يرفضون دينا أو مذهب الدولة الرسمي، ولكن في نفس الآن يلتزمون بالثوابت.

برغم الحصار سنكون مدعومين بثلة من الحقوقيين المغاربة وبعض المحامين والمراقبين الأمميين، وبعض الجمعيات التي تناضل معنا في نفس الخندق. نحن مسالمون ووطنيون ولا يمكن لأحد أن ينزع عنا وطنيتنا ويرمينا بالعمالة.

ملفنا معروف لدى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، ومعروف لدى كل الهيئات الأممية ذات الصلة، وبالتالي لا الاتهام بالعمالة للدولة الفلانية أو التخابر مع دولة أجنية سيجدي نفعا. كما إننا نرفض أن نكون رهينة بين الأيدي  في لعبة المصالح.

ماذا عن التنسيق مع باقي الأقليات الدينية ؟

نحن لا نعتبر أنفسنا أقلية أو مشمولين بهذا التوصيف؛ لأن الشعب المغربي يتنفس كربلاء سيد الشهداء الحسين  عليه  السلام، وهواء الشهيد المولى إدريس دفين زرهون، ويمشي على تربة تضم رفاة أهل البيت عليهم السلام، طوال قرون خلت، حينما استضافهم الأمازيغ وأووهم من مجرمي ما يسمى الخلافة الإسلامية.

لقد كان الشعب الأمازيغي الحاضنة الآمنة ولازال  كذلك، ولن يرغمه أي أحد  على اختيارات سرعان ما ستؤول إلى الزوال والاندحار؛ لأنها اختيارات فوقية، ولا تنبع من التربة الصلبة التي ترعرع عليها الأجداد.

انظر إلى الثقافة المغربية الشعبية، وانظر إلى التدين الشعبي، ستجد كل مفردات التشيع إلى أهل البيت عليهم السلام حاضرة، وانظر إلى العادات والتقاليد، سترى  كيف أننا نمثل فعلا الأغلبية ولسنا أقلية كما قد يحاول أن يوهموا الرأي  العام.

المذهب أو الدين هو أمر شخصي، ونحن لا نطلبه من أجل الانضمام أو الانتماء وإعلان الولاء، وذلك لأننا أصلا نحارب هكذا، سلوكا ومنهجا. وقد ذقنا الأمرين من حالة الإقصاء التي يتعرض لها أبناء المختلفين دينيا أو مذهبيا، وخصوصا الشيعة؛ مثلا من ولوج مناصب المسؤولية، وبعض المناصب الإدارية بسبب اليافطات التي يضعها المخزن على جبيننا. فكيف إذن، والحالة هذه، سنقبل  فقط الشيعة !

نحن جمعية مواطنة ونشتغل مع كل من نتقاطع معه أدبياتنا وأولوياتنا، ولعلمكم فالجمعية تشتغل على كافة  مواضيع المجتمع، وتجد نفسها في قلب التحولات  الكبيرة والعميقة في المجتمع. كما تشارك في صناعة  وتدبير  كل الأحداث إلى جانب شركائنا في العمل  والرؤية والأهداف.

لكن هل ترى أن "الشيعة المغاربة"، متوحدون في الصف، ليمكنهم تأسيس جمعية تضمهم، أو أننا سنرى كل "حزب بما لديهم فرحون" ؟

الاختلافات بين بعض الشيعة هي فقط في المرجعية، وتلك مسالة عادية وطبيعية جدا لا تفسد للود قضية. ونحن في الجمعية لا نضع  شرط التجانس والتناغم في  المرجعية؛ والتي هي شأن شخصي ويتعلق بالتفاصيل التعبدية الشخصية. لذا هي لا تستحق كل هذا العناء الذي بذلت للإجابة على سؤالك.