كانت للزلزال الذي أعلنه الديوان الملكي، مساء أمس، ارتدادات قوية على محاكمة نشطاء الريف. الزفزافي طالب بمحاكمة من أسماهم "العصابة".
لم يتردد بعض المحامين في استثماره لتنبيه القضاة الثلاثة، إلى ضرورة ألا يكتفوا بمحاضر الشرطة، إذ سلموهم نسختين من خطابين ملكيين، ثم أوصوهم بالمطالبة بالاطلاع على تقارير مثل التي رفعت إلى الملك، لتشكيل صورة موضوعية وإصدار أحكامهم باستقلالية، كما استثمر المعتقلان ناصر الزفزافي، ونبيل أحمجيق، نبأ الزلزال، للإعلان أن النصر حليفهم في ملف الريف.
وكان وراء خطوة تنبيه القضاة، أحمد الدغرني، من أقدم المحامين بالرباط ومؤسس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور، إذ لم يتردد في التوجه إلى علي الطرشي، رئيس الجلسة، بالقول "أنتم لا تتوفرون على كافة معطيات الملف، فما يوجد أمامكم جاء من عين واحدة هي بالأساس محاضر الشرطة، في حين توجد تقارير أخرى غائبة عنكم، لذلك شخصيا أنا أود تحذيركم من الاستناد على المحاضر وحدها، خصوصا أن أصداء المحاسبة بدأت تتوارد (وقع حينها الزلزال)، وقد تحاسبون أيضا في المستقبل، وهو ما لا أريده لكم".
ولم يقف الأمازيغي المثير للجدل عند ذلك، بل فتح حقيبته وأخرج منها وثيقتين، ثم توجه إلى القاضي والتمس منه "تسجيل وإدراج وثيقتين في الملف"، هما "خطاب الملك لمناسبة عيد العرش الأخير، وخطابه في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان قبل أيام"، ثم قال: "أظن أن الوثيقتين لابد أن يكونا في الملف، ولأن الشعار السياسي للمرحلة هو ربط المسؤولية بالمحاسبة، لا أريد لكم السقوط في ورطة ما، وهو ما لن يقع إذا قمتم بدوركم كسلطة قضائية مستقلة، وساهمتم في إيجاد حل لملف الريف الذي يراوح مكانه منذ 28 أكتوبر 2016".
وذهب المحامي الأمازيغي إلى درجة القول للقاضي: "من الجيد أن تعلموا أن التقارير الموازية غير المتوفرة لديكم بخصوص الملف المعروض عليكم، يعمل بها بعض سماسرة السياسة لإيجاد حل للملف من وراء ظهوركم وخارج المحكمة، وإذا لم تمنحوا الآن السراح المؤقت للمعتقلين، فعندما يتم إيجاد حل خارج المحكمة، أخاف أن يقال عنكم، أن القضاء مازال يخضع للتعليمات، وبالتالي ساهموا في إيجاد حل، ولا تأخذوا بتقارير الشرطة والنيابة العامة لوحدها، إن عدم استحضار الوثائق الأخرى الغائبة عنكم، قد يسقطكم في ورطة لا وجود لأخطر منها".
وفيما كان كلام الدغرني آخر مرافعة خلال جلسة الترافع حول السراح المؤقت لمجموعة ناصر الزفزافي، إذ رفعت الجلسة بعدها مباشرة، صدر عن الزفزافي، المتهم الرئيسي، أثناء اقتياده من كراسي المتهمين في الجلسة نحو قفص المعتقلين، كلام ينطوي على موقف من الزلزال السياسي، إذ صاح قائلا: "الوطن ينتصر بفضل الأبطال"، ثم "عاش الوطن ولا عاش من خانه"، مضيفا "سننتصر، سننتصر، موتوا بغيظم"، ليختم بالقول "أحضروا العصابة لتحاكم".
أما نبيل أحمجيق، الموصوف بـ"دينامو حراك الريف"، فلم يتردد، بمناسبة قبول القاضي منحه الكلمة، ليعلن مدى تفاعله مع مناشدة النقيب عبد الرحيم الجامعي، منسق هيأة الدفاع عن المعتقلين، حول وقف إضرابه عن الطعام، في التفاعل مع قرارات الملك بشأن تعثر مشاريع برنامج الحسيمة منارة المتوسط، فقال: "قواي انهارت بعد 43 يوما من الإضراب، وبعد الاستماع إلى نداء المحامين وأسرتي، وتجاوبا مع الخطوة الملكية السديدة، التي عزلت المفسدين من مناصبهم، ورأفة بأسرنا، أعلن وقف إضرابي عن الطعام".
ولأن القاضي علي الطرشي، سارع إلى رفع الجلسة والخروج من القاعة، بمجرد أن قال أحمجيق كلمة "الخطوة الملكية"، ولم يتركه يتمم كلامه، اهتزت والدة المعتقل وشقيقه من مكانهما، ومعهما عائلات باقي المعتقلين، وصاح الجميع "عاش الوطن، عاش الشعب"، لتضيف والدة أحمجيق وعينها تدمع من شدة الفرح باستجابة ابنها لنداءها"التشبث بحقه في الحياة"، فصاحت "عاش نبيل ينو، عاش نبيل ينو"، أي "عاش ابني، عاش ابني".