مدد مجلس الأمن، أمس الثلاثاء، عهدة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) بستة أشهر إلى غاية 31 أكتوبر المقبل، بأغلبية ساحقة وهي 13 صوتا، وامتناع روسيا وجنوب إفريقيا، وهذا في حد ذاته انتصار للمغرب، على اعتبار أن أول ردود فعل جبهة البوليساريو بعد صدور القرار، كان هو اعتبارها له مشجعا للمملكة على "الإمعان في تعنتها وتقويض المسار السياسي الهش أصلا".
وقد طالب الروس أن يشار في قرار مجلس الأمن الجديد رقم 2468 إلى "الحل الذي يقبله طرفا النزاع والذي يفضي إلى تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي"، فيما كان الوفد الجنوب الإفريقي أكثر "حماسة" للجانب الانفصالي، إلى درجة "انشغالهم" بالتعابير والإشارات على غرار "الواقعية" و"التوافقات" في نص القرار، مؤكدين على رفضهم "تمييع" مبدأ "تقرير المصير"، الذي لا يعني بالنسبة إليهم إلا "الانفصال".
"التوازن" بالمفهوم الروسي
امتنعت جنوب إفريقيا وروسيا عن التصويت على مشروع القرار التي قدمته الولايات المتحدة، معتبرتين أن النص "غير متوازن".
ولمعرفة "حقيقة" الموقف الروسي، تجدر الإشارة إلى ما قاله ممثل روسيا الذي ألقى كلمة عقب المصادقة على القرار. فقد أعلن أنه "من غير المقبول إثارة جدل مصطنع بخصوص تجديد عهدة هذه البعثة أو تحديد الاتجاه الذي يجب إعطاؤها للمسار السياسي الذي شرعت فيه الأمم المتحدة".
و اعتبر الوفد الروسي انه من "غير المقبول" تغيير معايير موجودة من قبل لتسوية النزاع، متأسفا لكون التعديلات التي أدخلت خلال السنوات الأخيرة على مشاريع القرارات المتعلقة بالمينورسو لديها "تأثير سلبي على مسعى مجلس الأمن، الذي من المفروض أن يكون حياديا" بشأن مسألة الصحراء.
و خلال النقاشات حول تمديد عهدة المينورسو، أكد الروس أن "مبدأ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره لم يتم التطرق إليه بالقدر الكافي، في مشروع القرار"، مقترحين التأكيد على "الحل الذي يقبله طرفا النزاع والذي يفضي إلى تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي".
وذهبت روسيا بعيدا بتأكيدها على أن "تعويض المبادئ القاعدية المتعلقة بهذا المسار، بعموميات حول ضرورة إيجاد حلول واقعية أو اتفاقات، من شأنه خلق حالة غموض و إنقاص الثقة في مجلس الأمن وبالتالي فهو يعرقل آفاق مسار سياسي".
"حصان طروادة" الجنوب الإفريقي
من جهتها، ذكرت جنوب إفريقيا، التي جددت "دعمها الواضح و الصارم" للمينورسو، أن هذه "البعثة أنشئت أساسا لتسهيل تنظيم استفتاء" في الصحراء، ما جعلها تعتبرها أشبه بحصان طروادة لترديد الأطروحات الانفصالية المتقادمة.
وعقب المصادقة، أكد ممثل جنوب إفريقيا أن العديد من العناصر المتضمنة في هذا القرار "أثارت انشغال" وفده.
وأكد أن النص المصادق عليه لم يكن "متوازنا" و"يرمي إلى تغليب مصلحة طرف على الطرف الآخر وذلك غير مناسب لمسار سياسي محايد". كما أعربت جنوب إفريقيا عن "انشغالها" لاستعمال بعض التعابير والإشارات على غرار "الواقعية" و"التوافقات" في القرار. كما تأسف المتحدث ذاته قائلا "إننا لا نعلم بوضوح ما المغزى من تلك التعابير"، مشددا على أن "مبدأ تقرير المصير" في الصحراء "راسخ في عديد القرارات الصادرة عن الجمعية العامة و مجلس الأمن الدولي".
وزاد المتحدث حماسة في حديثه، عندما قال "إننا لا نتمنى البتة تمييع هذا المبدأ من خلال صياغة غامضة وغير واضحة حيث ينبغي على هذا المجلس أن يجدد التأكيد على تمسكه وبدون تحفظ بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره".
وتحفظت جنوب إفريقيا على سعي القرار "للتأثير بشكل غير ملائم على إدارة المسار السياسي" متأسفة "لكون مجلس الأمن الدولي لازال يقاوم طلب توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان".
خيبة الأمل الأمريكية
وكان الوفد الأمريكي، محرر قرارات مجلس الأمن حول الصحراء، قد أعرب، قبل تناول الوفدين الروسي والجنوب الإفريقي لكلمتهما، عن "خيبة أمله" لامتناع روسيا وجنوب إفريقيا عن التصويت موضحا أن الولايات المتحدة سعت من خلال "تجديد عهدة المينورسو إلى تركيز اهتمام مجلس الأمن على المسار السياسي". و تابع قوله إن "عمليات حفظ السلام مطالبة بدعم الحلول السياسية وسنواصل تقييم آداءات المينورسو في هذا الإطار".