بعد احتجاب دام سنتين متتاليتين، افتتح، يوم أمس الخميس، بمدينة فاس، موسم المهرجانات بعودة مهرجان الموسيقى العالمية العريقة في دورته السادسة والعشرين، التي ستحتفي بأصوات روحية للعالم أجمع في موضوع "العلاقة ما بين الهندسة المعمارية وما هو مقدس".
ومنذ أزيد من عقدين، أضحى هذا المهرجان مؤسسة حقيقية وواجهة عالمية يتوافد على منصاتها فنانون دوليون مشهورون يحملون قيم التلاقح الثقافي والتسامح والتقاسم.
وبالنظر إلى المكانة المتميزة التي أضحى يحتلها هذا الحدث ضمن المواعيد الثقافية، والشهرة العالمية التي اكتسبها، والتي تجاوزت حدود المملكة، فقد تجندت كل الفعاليات السياحية والثقافية بالمدينة لضمان نجاح هذه التظاهرة وتعزيز إشعاعها.
ويعود المهرجان ببرمجة جد مختصرة، ويقترح خلال الفترة ما بين 9 و12 يونيو، برمجة غنية يشارك فيها فنانون ومجموعات موسيقية من مواقع فريدة ونادرة، احتفاء بأماكن جسدت تراث العاصمة العلمية والروحية للمملكة، على غرار باب الماكينة ودار عديل والمعبد اليهودي آبن دنان، وجنان السبيل.
ويعرف برنامج هذه الدورة، المنظمة تحت رعاية الملك محمد السادس، حضور مجموعات موسيقية تنتمي لـ15 بلدا، ضمنها سلطنة عمان وكازاخستان والهند وفرنسا وإيطاليا والسنغال.
وككل سنة، ستعطى انطلاقة المهرجان بحفل افتتاحي كبير، بالموقع الرائع والساحر لباب الماكينة، أجواء احتفالية ستغوض بالمشاهدين في موضوع هذه النسخة: "العلاقة ما بين الهندسة المعمارية وما هو مقدس".
وسيأخذ العرض شكل رحلة تنطلق من فاس إلى القدس، مرورا بالتبت وتاج محل وكاتدرائية نوتردام، لتنتهي في الدار البيضاء بمسجد الحسن الثاني.
وتتضمن فقرات المهرجات أيضا تخصيص تكريم خاص للتقاليد الموسيقية لفاس ومكناس، خلال حفل سيحتضنه فضاء باب الماكينة.
وسيكون الجمهور على موعد مع لحظات قوية برفقة فنانين رائعين؛ مثل إبراهيم معلوف والأخوات روحاني وفنانين آخرين.
من جهة أخرى، يستضيف ملتقى فاس المزمع تنظيمه في 11 يونيو الجاري، العديد من المتدخلين المغاربة والأجانب الذين سيفتحون آفاقا جديدة حول موضوع هذه الدورة. وسيتواصل المهرجان ببرنامج غني وحافل ليل نهار، بحدائق وأماكن للعبادة وقصور.
واعتبر رئيس مؤسسة "روح فاس"، عبد الرفيع زويتن، أن هذه الدورة ستشكل مناسبة للسفر عبر العالم والزمن، "لاكتشاف الكيفية التي عبر بها معتنقو جميع الديانات، من خلال الهندسة عن سعيهم للمقدس. فاكتشاف المباني الدينية ذات الرمزية الكبيرة سيجعلنا نسافر ونغوص في هذا الحوار الممتد والغني بين الثقافات والأديان".
وأشار إلى أن المعابد اليهودية والكنائس والمساجد ليست فقط مجرد أماكن للعبادة، بل تعتبر أيضا شاهدا على حركات تاريخية كبيرة؛ كالهجرات والفتوحات والثورات الفلسفية والفنية والمعمارية.
وأكد على أن "المغرب، الذي يعتبر أحد أقدم المملكات بالعالم، يجسد بامتياز هذه الفلسفة. وتاريخه يتخلله تشييد دور رائعة للعبادة والعلم؛ كمسجد الحسن الثاني، ومسجد القرويين، ومسجد تازة وتينمل"، مسجلا أن "هذه الأماكن الاستثنائية مكنت من تعزيز وتوطيد روح التسامح والانفتاح التي تميز بلادنا".