لايؤشر انتعاش استهلاك الإسمنت في الستة أشهر الأولى من العام الجاري، على عودة الروح لنشاط الأشغال العمومية، بل يجد تفسيره في مساهمة فرع البناء الذاتي، الذي يصل طلبه على الإسمنت إلى حوالي نصف الطلب بالمغرب.
ويشي ارتفاع استهلاك الإسمنت في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 2,2 في المائة، بانتعاش قطاع البناء والأشغال العمومية، غير أن المركزي المغربي للظرفية لم يوضح، خلال ندوة صحفية عقدها حول أداء الاقتصاد الوطني أمس الخميس، تفاصيل استهلاك الإسمنت بين البناء والأشغال العمومية وصيانة المنازل والبناء الذاتي، في الندوة الصحفية التي عقدها أمس الخميس بالدار البيضاء.
ويؤكد محمد الطهراوي،عضو المركز، على أن المحاسبة الوطنية تدمج كل تلك الفروع التي تعتمد على الإسمنت، معتبرا أنه سواء تعلق الأمر بالبناء الذاتي أوالإنعاش العقاري والأشغال العمومي أو صيانة المنازل، هناك فرص عمل تخلق وقيمة مضافة تحقق.
البناء الذاتي.. وارتهان للموسمية
غير أن عبد السلام بيردير، المسؤول بالجمعية المغربية للمهنيين في قطاع الاسهلاك، والذي كان من الحاضرين في قاعة الندوة، يقدم بعض التفاصيل حول هذا الموضوع، حيث يشير جزء مهما من استهلاك الإسمنت في العام الحالي، يعزى إلى البناء الذاتي.
ويعتبر الاقتصادي إدريس الفينا، في تصريح لـ" تيلكيل عربي"، إلى أن استهلاك الإسمنت يشهد نوعا من التوزيع الذي لا يؤشر على انتعاش قطاع البناء والأشغال العمومية في المجمل، مشيرا إلى أن استهلاك الإسمنت يعزى إلى البناء الذاتي الذي يستوعب نسبة50 في المائة منه، حافظ بالإضافة.
ويشير عبد السلام بيردير إلى أن نمو استهلاك الإسمنت بحوالي 2,2 في المائة في النصف الأول من العام الجاري، لا يعني أن تلك الوتيرة ستتواصل إلى نهاية العام مشددا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الطابع الموسمي لسوق الإسمنت.
وأوضح أنه في النصف الأول من العام، ارتفع استهلاك الإسمنت ب2,2 في المائة، بينما تراجع ب17 في المائة في غشت، مضيفا أن الطلب على الإسمنت في الأشهر المقبلة سيبقى مرتهنا للتساقطات المطرية، في إشارة إلى توقف أو تباطؤ إنجار الأوراش في فصل الشتاء.
وعند تناول ارتفاع مبيعات الإسمنت في النصف الأول من العام الجاري، يؤكد الاقتصادي إدريس الفينا ، على أن الأمر لا يتعلق بدفعة جديدة لقطاع الإسمنت، لأن تلك المبيعات تحققت في فترة شهدت تراجع التساقطات المطرية، ما أعطى فرصة لاستمرار الأشغال على مستوى مشاريع البناء والأشغال العمومية.
ويرى أن عقد مقارنة بين الستة أشهر الأولى من العام الجاري والستة أشهر الأخيرة من العام الماضي من أجل الوصول إلى ارتفاع الاستهلاك، هي مقارنة بين فترتين غير متشابهتين من حيث الظروف المناخية، مؤكدا على أن القول بارتفاع المبيعات، وبالتالي انتعاش قطاع العقارات، لا يدعمه مستوى القروض الموزعة.
وشدد عبد السلام بيردير،على أنه إذا كان البناء عبر البناء الذاتي، بشكل خاص، يدعم قطاع الإسمنت اليوم، فإن الرؤية غير واضحة حول مشاريع البنيات التحتية في العام الحالي والعام المقبل.
انخفاض منذ الربيع العربي
وقد لاحظ المركز المغربي للظرفية، في تقرير قدمه أمس الخميس، أن المؤشرات التي يمكن عبرها قياس صحة قطاع البناء والأشغال العمومية، لا توحي بتحسن إنتاج قطاع البناء والأشغال العمومية في العام الماضي، مقارنة بالعام الذي قبله، حيث يحيل على مبيعات الإسمنت التي انخفضت بنسبة 3,6 في المائة، ليصل الطلب إلى 13,3 مليون طن، وهو أدنى مستوى يسجل منذ أعوام، وهي وضعية يؤكدها ضعف تطور القروض الممنوحة للقطاع، التي انخفضت بنقطة واحدة تقريبا.
ويعتبر الاقتصادي إدريس الفينا، أنه يجب لمعرفة حقيقة أداء قطاع العقار والأشغال العمومية، استحضار عامي2011 و2013، عندما سجلت مبيعات الإسمنت ارتفاعا ملحوظا، قبل أن تتراجع في الأعوام الأخيرة، معتبرا أن مبيعات الإسمنت مازالت في مستويات جد منخفضة.
ويؤكد على أن مبيعات الإسمنت بالمغرب واصلت الانخفاض منذ الربيع العربي بعدما كان البناء السري للإسمنت شهد مستويات قياسيا، ففي 2011، تجاوزت المبيعات 16 مليون طن، قبل أن تنحدر إلى حوالي 13,3 مليون طن في العام الماضي.
ويلاحظ أن الانخفاض المتراكم منذ 2011 وصل 18 في المائة، "ما يعني أننا فقدنا حوالي ثلاثة ملايين طن خلال هذه الفترة، الشيء الذي يترجم بخسارة على مستوى الاستثمار في قطاع البناء والأشغال العمومية بـ510 مليار درهم وما يقابله من مناصب شغل. وهذا رقم كبير جدا يسائل الجميع للتأمل فيه".
ويشدد على أن "فقدان ثلاثة ملايين طن من الإسمنت على مستوى استهلاك الإسمنت منذ 2011، يعني عدم إنجاز استثمارات في حدود 510 ملايير درهم في قطاع البناء والأشغال العمومية، ما يستدعي دق ناقوس الخطر حول وضعية هذا القطاع، الذي يمر بمرحلة صعبة. وهذا التراجع مس خصوصا قطاع بناء المساكن، الذي يتوزع بين نشاط بناء المساكن الجديدة، ونشاط صيانة المساكن المأهولة، الذي يستهلك أكثر مما يستوعبه بناء المساكن الجديدة بالمغرب".
ويعتبر أن انخفاض المبيعات أفضى إلى ظهور قدرات إنتاجية نائمة لدى المصنعين، يمكن استعمالها عندما يعود الطلب، موضحا أن شركات صناعة الإسمنت، اعتمدت منذ 2008، على وتيرة ارتفاع الطلب، في اتخاذ قرار توسيع قدرات الإنتاج.