خيمت أجواء الإحباط والمرارة الأربعاء في المغرب بعد فشله في محاولته الخامسة لاستضافة كأس العالم في كرة القدم، بعدما خسر ترشيحه لاستضافة مونديال 2026 في مواجهة ملف مشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وتفوق الملف الأميركي الشمالي في التصويت الذي أجرته الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للعبة (فيفا) الأربعاء في موسكو، حارما المغاربة من تحقيق حلم استضافة أكبر حدث كروي في العالم. ونال الملف المشترك 134 صوتا، في مقابل 65 صوتا للمغرب، في عملية التصويت التي جاءت عشية انطلاق منافسات مونديال روسيا 2018.
ومن الدول العربية الـ 21 التي يحق لها التصويت، صوتت سبع دول تتقدمها المملكة العربية السعودية لصالح الملف المشترك، في خطوة لقيت انتقادات واسعة في المملكة المغربية. ورأى مستخدمون ان التصويت العربي ضد المغرب هو بمثابة "خيانة و"طعنة في الظهر".
وكتبت مديرة الأخبار بالقناة الثانية المغربية الرسمية، سميرة سيطايل، في تغريدة عبر حسابها الخاص على "تويتر" بسخرية "الولايات المتحدة باتت تضم الآن ولاية جديدة عربية إسلامية" في إشارة إلى السعودية.
وعبرت الكثير من التعليقات التي تلت إعلان نتيجة التصويت عن شعور بـ"الغبن"، وامتزجت ردود الفعل بين تحميل المسؤولية لـ"تواطؤ" الدول الكبيرة على حساب المغرب، وضعف الحجج التي تضمنها ملفه على مستوى البنى التحتية بالمقارنة مع الملف المنافس.
وإن كان السعودييون اختاروا دعم المسؤلين في بلادهم عن الرياضة الشعبية الأولى، ومهاجمة المغاربة الغاضبين من تصويت السعودية على الثلاثي الأمريكي وحشد الدعم له وسط العرب والآسياويين خاصة، فضل نشطاء الكويت على مواقع التواصل الاجتماعي، الاعتذار للمغاربة بإطلاق وسما اختاروا له عنوان #الشعب_الكويتي_يعتذر_للمغرب، كتعبير عن غضبهم من موقف بلادهم.
ويقول عبد المولى (49 سنة) بعدما علم بخسارة الملف المغربي "كنا الأجدر بالفوز فهذا دور القارة الإفريقية، لكن المنافسة لم تكن سليمة، فالقوى العظمى تآمرت ضد المغرب الذي ينتمي إلى العالم الثالث".
وفي شوارع الرباط الخفيفة الحركة في صباح رمضاني، أوضح سعيد (62 سنة) لوكالة "فرانس برس"، أن "الخسارة كانت بديهية منذ أن أصبح الموضوع سياسيا وبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدد الدول التي ستصوت لصالحنا".
وحظي الملف المشترك بدعم مباشر من ترامب. وأعرب الأخير عن سروره بتفوق الملف بنتيجة عملية التصويت التي أقيمت للمرة الأولى بمشاركة أعضاء الجمعية العمومية بدلا من أعضاء اللجنة التنفيذية.
واعتمد هذا التعديل في عهد الرئيس الحالي السويسري جاني انفانتينو الذي انتخب رئيسا قبل عامين، في مسعى لتعزيز الشفافية في اختيار البلد المضيف بعد سلسلة شبهات بالفساد والرشى في عمليات تصويت سابقة.
إلا أن هذا الاجراء يبدو أنه لم يقنع بعض المغاربة. ويقول حسن، الرجل الخمسيني المقيم في العاصمة، "من الواضح أن تنظيم المونديال لا يمنح في ظروف شفافة".
أما المعلق الرياضي إدريس عبيس فاعتبر أنه "كان على المغرب أن ينسحب عندما تبين انحياز الفيفا لصالح الملف المنافس"، لاسيما وأن الاتحاد الدولي "لم يتدخل بعد التهديدات الصادرة عن الرئيس الأمريكي، مع أن ذلك يستوجب إقصاء مباشرا للملف الأميركي لو كان الفيفا محايدا".
وعلى رغم الخيبة العامة، دعا البعض الى التعامل بنوع من "الواقعية" مع نتيجة التصويت، لاسيما وأن تقرير لجنة التقييم التابعة للفيفا كان قد منح أفضلية كبيرة للملف المشترك (علامة 4,0 على 5، مقابل 2,7 للمغرب).
وأبرزت لجنة التقييم وجود "شوائب في الملف المغربي"، منها "مخاطر مرتفعة" في بعض المجالات لاسيما الملاعب التي يحتاج معظمها إلى بناء من الصفر، والاقامة والنقل. في المقابل، كان الملف الثلاثي يعتمد على بنية تحتية متطورة وجاهزة لاسيما لجهة الملاعب.
وخلال حملته، أبرز المغرب موقعه الجغرافي الوسطي لاسيما قربه من القارة الأوروبية، والتوقيت الزمني الملائم لإقامة المباريات. وكان الملف المغربي يتضمن الاستضافة على 12 ملعبا (من أصل 14 مقترحة) في 12 مدينة، منها خمسة ملاعب جاهزة سيتم تجديدها.
ودعا العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي السلطات إلى التركيز الآن على الاستثمار في البنى التحتية والخدمات الاجتماعية.
ووعد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني عبر "تويتر" بمواصلة العمل لتحقيق "التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية"، موجها "تحية خاصة للجنة المغرب 2026 على عملها الدؤوب (...) وهذا الحلم المشترك".
ونال المغرب الذي كان يسعى للمرة الخامسة لاستضافة المونديال بعد محاولات لم تثمر في 1994 و1998 و2006 و2010، 65 صوتا في مقابل 134 للملف المشترك، من أصل 203 أعضاء يحق لهم التصويت.
وكان رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية تركي آل الشيخ، قد ألمح في تصريحات سابقة الى ان بلاده قد تعمد الى التصويت لصالح الملف المشترك، على خلفية موقف المغرب من الأزمة الدبلوماسية الخليجية بين الرياض وحلفائها من جهة، والدوحة من جهة أخرى.
وبنتيجة التصويت الذي نشره الفيفا، صوتت قطر لصالح الملف المغربي. وعلى رغم الخيبة، أكدت لجنة الترشيح المغربية فخرها بما قدمته.
كما نقل بيان اعلامي بالانكليزية عن رئيس اللجنة مولاي حفيظ العلمي قوله "المغرب فخور بأنه قاد حملة كانت ملتزمة، أخلاقية، وعلى التزام تام بالقواعد التي فرضها الفيفا". مضيفا أن المغرب "أظهر قدرته على استضافة كأس العالم في كرة القدم".