كشف بنك المغرب في تقرير له، أنه "رغم التحسن النسبي للنمو الاقتصادي، عرفت وضعية سوق الشغل تدهورا ملموسا سنة 2023، وذلك بفقدان عدد هام من مناصب الشغل، وتراجع ملحوظ في معدل النشاط وارتفاع قوي في نسبة البطالة".
وأضاف التقرير السنوي لبنك المغرب لسنة 2023، الذي يتوفر "تيلكيل عربي" على نُسخة منه، أن "الفلاحة سجلت خسارة جديدة قدرها 202 ألف منصب شغل، لتتراجع بذلك حصتها في التشغيل الإجمالي إلى 27.8 في المائة، في حين لم يحدث قطاع الخدمات سوى 15 ألف منصب عوض 164 ألف سنة من قبل، وعلى نفس المنوال، ظلت دينامية التشغيل ضعيفة في الصناعة، بما فيها الصناعة التقليدية، مع ارتفاع بما عدده 7 آلاف منصب، ليصل بذلك مجموع المناصب المحدثة منذ 2015، السنة الأولى لتطبيق مخطط التسريع الصناعي، إلى 71 ألفا. أما قطاع البناء والأشغال العمومية، وبعد شبه استقرار في 2022 عرف إحداث 19 ألف منصب. وفي المجموع، يرجح أن يكون الاقتصاد الوطني قد سجل خسارة 157 ألف منصب بعد فقدان 24 ألفا في 2022".
وأبرز التقرير أنه "أمام هذه الوضعية انسحب جزء من الساكنة النشيطة من سوق العمل، مما أدى إلى انخفاض جديد في نسبة النشاط إلى 43,6 في المائة. ورغم هذا التراجع، ارتفع معدل البطالة بما قدره 1,2 نقطة مئوية إلى 13 في المائة وهو أعلى مستوى له منذ 2001".
وأشار إلى أنه "شهد إطلاق مخطط المغرب الأخضر، نشاط القطاع تحسنا ملموسا ناهز 7.5 في المائة في المتوسط السنوي بين 2008 و 2017، وهو ما يفوق بكثير نمو الناتج الداخلي الإجمالي، الذي تزايد بواقع 3.8 في المائة فقط وابتداء من سنة 2018 أخذت هذه الوتيرة تتباطأ بشكل ملحوظ لتصل إلى 0.3 في المائة في المتوسط مقابل 2 في المائة بالنسبة للنمو الاقتصادي".
وتابع التقرير أنه "وفيما يتعلق بالتشغيل، تكبد القطاع خسارة 15 ألف منصب في المتوسط السنوي بين 2008 و 2017، 136 ألف بين 2018 و 2023. هكذا، يكون القطاع قد سجل في المجموع خسارة تراكمية على مدار الفترة بحوالي 965 ألف منصب، مما أدى إلى انخفاض حصته ضمن إجمالي التشغيل من 37,8 في المائة إلى 35.1 في المائة سنة 2017 وإلى أقل من 28 في المائة في 2023".
ورجح بنك المغرب أن "يكون هذا الأداء السلبي مرتبطا بالاحتباس الحراري الذي أسفر عن تعاقب سنوات من الجفاف، وعن تفاقم الإجهاد المائي. وحسب البنك الدولي، قد تؤدي هذه التحولات بحلول عام 2050 إلى نزوح 1.9 مليون مواطن مغربي، أي ما يعادل 5.4 في المائة من إجمالي السكان، إلى المناطق الحضرية".
ولفت الانتباه إلى أن "اللجوء المتزايد للتقنيات الحديثة، وكذا المكننة قد يكون من العوامل التي أسهمت في تراجع التشغيل في القطاع الفلاحي، إذ ارتفع عدد الآلات الفلاحية بين 2008 و2018 من 40 ألف إلى 75 ألف جرار ومن 3 آلاف إلى 7 آلاف آلة حصاد".
وأورد التقرير أنه "في المغرب، من أصل 10.6 مليون نشيط مشتغل في 2023، يحمل 6.2 مليون شخص (58,9 في المائة) صفة أجير. أما بالنسبة للبقية، فإن 3.2 مليون (301) يشتغلون لحسابهم الخاص وقرابة 1.2 مليون (10,8 في المائة) يندرجون ضمن فئة المساعدين العائليين والمتعلمين. ويعد الشغل المأجور أكثر انتشارا في الوسط الحضري بنسبة تصل إلى 71,1 في المائة مقابل 39,9 في المائة في المجال القروي، وإلى 59.3 في المائة وسط الرجال مقابل 57,4 في المائة في صفوف النساء".
وذكر أنه "خلال الفترة الممتدة ما بين 1999 و 2023، عرف الشغل المأجور ارتفاعا سنويا متوسطا بمعدل 2,1 في المائة مقابل 0,8 في المائة من إجمالي التشغيل. وفي 2023 بالخصوص، سجل قفزة بواقع 10.4 في المائة شملت الوسط الحضري والقروي على حد سواء. وبالرغم من هذا التوجه التصاعدي، تظل نسبة الشغل المأجور منخفضة نسبيا في المغرب مقارنة بدول أخرى. فمعطيات منظمة العمل الدولية الخاصة بسنة 2022، تظهر أن هذه النسبة بلغت على سبيل المثال، 70,7 في المائة في تركيا و 73,7 في المائة في مصر وتونس و 84.6 في المائة في إسبانيا مقابل 52.6 في المائة في المغرب".
ونبه بنك المغرب إلى أن "كان عدد المنتسبين لفئة المقاول الذاتي قد بلغ 406,3 ألف مع نهاية سنة 2022، لكنه انخفض إلى 396,4 ألفا في نهاية نونبر 2023. وتزامن هذا التطور بالخصوص مع (أ) بداية أداء الاشتراكات الخاصة بالتأمين الإجباري عن المرض اعتبارا من فبراير 2022 (ب) ورفع الضريبة على نشاط المقاولين الذاتيين في عام 2023، (ج) والظرفية الاقتصادية الصعبة في قطاعي الخدمات والتجارة اللذان يتمركز بهما، حسب نسخة سنة 2021 من تقرير المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة 85.2 في المائة من المقاولين الذاتيين المسجلين".