أثار مشروع قانون المسطرة المدنية جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية والقضائية، حيث تعالت أصوات العديد بضرورة إحالته على المحكمة الدستورية لحسم الخلاف القائم بين من يعارضون بعض ما ورد في النص الجديد من جهة، وبين وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
في هذا السياق، أعرب عماد الدين بن الضو، محلل سياسي وباحث في القانون العام والعلوم السياسية، قائلا: "خصوصية هذا الحدث تعود بالأساس إلى كون أن المحكمة الدستورية، وإن كانت تنتمي إلى الجهاز القضائي، فإنها مع ذلك لها طبيعة خاصة. حيث أن اللجوء إليها في أوقات لا يفرضها القانون يظل استثنائيا، ويوحي بجسامة الموضوع وأهميته الرمزية وكذلك المجتمعية والقانونية".
وتابع بن الضو موضحا من خلال تصريح له " لتيلكيل عربي": "أن اللجوء إلى هذه الهيئة يظهر مكانة نص مشروع قانون المسطرة المدنية على مستوى تشكيلة الترسانة القانونية للمملكة. ذلك أن هذا النص ذو أهمية محورية، إذ يبين طرق التقاضي، وحدود الاختصاصات، ووسائل الطعن، بالإضافة إلى المبادئ العامة التي يتأسس عليها مفهوم العدالة".
وأضاف المتحدث ذاته، أنه "من الضروري، بل ومن البديهي، أن يكون للمحكمة الدستورية قول فصل في مواد قد أثارت الجدل في الآونة الأخيرة. وتعكس المراجعة الدستورية ظاهرة قانونية صحية تتمثل في مشاركة المحكمة الدستورية على مستوى التشريع بنظرها في بعض المقتضيات، في أفق تعديلها أو رفع الحرج حولها، وإضفاء شرعية ثابتة تحقق الأمن القضائي وتوفر شروطه، بغية صون حقوق المواطنين وضمان حقهم في التقاضي بشكل يراعي رؤية المغرب السياسية في علاقتها مع الحقوق والحريات".
وأبرز أن "مسطرة إحالة القوانين العادية تخضع لمضامين المادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، والذي جاء فيه أن "الإحالة المذكورة أعلاه تتم بواسطة رسالة من الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين، أو برسالة أو عدة رسائل تتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء مجلس النواب لا يقل عن خمس الأعضاء الذين يتألف منهم، أو أربعين عضواً من أعضاء مجلس المستشارين".
وعرج بن الضو بخصوص مآل ورهانات مشروع قانون المسطرة المدنية: "من المنتظر إذا عرض مشروع المسطرة المدنية على أنظار المحكمة الدستورية أن تقوم هذه الأخيرة بمراجعة مضامينه انطلاقاً من سلطتها التقديرية ورؤيتها الفقهية، وكذا على ضوء المرجعية الدستورية لمراجعة مدى دستورية النص والنطق فيما تم الاختلاف عليه بقرار نهائي غير قابل لأي شكل من أشكال الطعن، بما يضمن الاستقرار والعمل بمسطرة مدنية ذات شرعية دستورية ثابتة في انتظار تنزيل النص المتعلق بالدفع بعدم دستورية القانون".
المزيد:
وهبي يكتب: المصادقة على قانون المسطرة المدنية بمجلس النواب وسؤال الدستورية
طبيح يكتب: الأغلبية الحكومية لم تصوت على مشروع قانون المسطرة المدنية