بوحوت لـ"تيلكيل عربي": السوق الصينية مفتاح الازدهار السياحي المقبل في المغرب

خديجة قدوري

أكد السفير الصيني في الرباط، لي تشانغ لين، سعادته بالتطور المستمر في مجالات السياحة والثقافة بين الصين والمغرب، مشيرًا إلى التفاؤل الكبير الذي يحيط بهذا التقدم المتواصل.

في هذا السياق، تواصل موقع "تيلكيل عربي" مع الزوبير بوحوت، الخبير السياحي، اليوم السبت، حيث أوضح أنه إلى حدود سنة 2015، كان عدد السياح الصينيين الوافدين إلى المغرب يقدر بحوالي 10 آلاف سائح. غير أنه بعد زيارة الملك محمد السادس إلى الصين في يونيو 2016، واتخاذ قرار إلغاء التأشيرة لدخول السياح الصينيين إلى المغرب، شهد العدد قفزة ملحوظة، حيث انتقل من 10 آلاف سائح سنة 2015 إلى 40 ألف سائح سنة 2016، مع الإشارة إلى أن هذه الزيادة تحققت خلال ستة أشهر فقط منذ بدء تنفيذ القرار.

وأفاد بوحوت أنه يمكن ملاحظة أن عدد السياح الصينيين استمر في الارتفاع بعد القفزة التي تحققت في 2016، حيث تجاوز 40 ألف سائح في السنوات اللاحقة. وأوضح أنه حتى سنة 2019، ظل العدد في تزايد قبل أن يشهد تراجعًا طفيفًا بسبب جائحة كوفيد-19. أما في سنة 2023، فقد بلغ عدد السياح الصينيين 59 ألفًا، ليحقق ارتفاعًا بنسبة 78 بالمائة في سنة 2024، حيث وصل إلى 106 آلاف سائح. وأشار بوحوت إلى أن هذا التطور تحقق رغم غياب النقل الجوي المباشر أو شبه المباشر بين المغرب والصين.

وأفاد بوحوت أن السياح الصينيين، عند قدومهم إلى المغرب، كانوا يمرون عبر دول أخرى، ما يعني أنهم غالبًا ما يقسمون رحلتهم، حيث يتوقفون في أوروبا أو إحدى الدول المنافسة قبل إكمال وجهتهم نحو المغرب. وأكد أن السوق الصينية تُعدّ مهمة جدًا للمغرب، نظرًا لحجمها الكبير، إذ تمثل ثاني أكبر تكتل سكاني في العالم، فضلاً عن التطور المستمر لاقتصادها، مما أدى إلى بروز فئة جديدة من الأثرياء. كما أشار إلى أن ارتفاع مستوى الدخل لدى الصينيين يعزز رغبتهم في السفر واستكشاف وجهات سياحية جديدة.

وفي السياق ذاته، أوضح بوحوت أن المغرب يرتبط بعلاقات تجارية واسعة مع الصين، حيث شاركت شركات صينية في إنجاز مجموعة من المشاريع العملاقة في المملكة. وأشار إلى أن هذه الشركات كانت حاضرة بقوة في عدة قطاعات، من بينها البنية التحتية للسكك الحديدية في الشمال، ومحطة نور للطاقة الشمسية، والمصانع، وغيرها من المشاريع الاستراتيجية. كما أكد أن للصينيين رؤية استراتيجية بخصوص تواجدهم في المغرب، إذ يعتبرونه بوابة نحو القارة الإفريقية، ومدخلًا مهمًا إلى السوق الأوروبية في الوقت ذاته.

وأضاف أن السوق الصينية تتميز بكثافة سكانية كبيرة، إلى جانب بروز فئة من الأثرياء الجدد وتوسع الطبقة المتوسطة، مما يجعلها سوقًا بالغة الأهمية. وأوضح أنه بحلول سنة 2030، من المتوقع أن يبلغ عدد السياح الصينيين الذين يسافرون إلى مختلف أنحاء العالم نحو 250 مليون سائح، ما يمثل حوالي 20 في المائة من إجمالي السياح العالميين في تلك السنة.

واستطرد بوحوت قائلاً إن العوامل الحاسمة اليوم ترتبط بشكل أساسي بالنقل الجوي والترويج السياحي. وأوضح أنه مع بدء تشغيل رحلات جوية مباشرة نحو الدار البيضاء، باستخدام طائرات ذات سعة كبيرة، أصبح هناك إمكانية لتطوير القطاع بشكل أكبر. كما أن دخول شركة صينية على خط النقل الجوي نحو المغرب يمثل خطوة مهمة، حيث قامت ببرمجة خط شبه مباشر يمر عبر مرسيليا، ما يعكس شراكة استراتيجية تعزز جاذبية المغرب كوجهة سياحية للصينيين.

وفي سياق متصل، أوضح بوحوت أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أنه، رغم مرور الرحلة عبر مرسيليا، فإن 80 بالمائة من الركاب كانوا قد حجزوا تذاكرهم مباشرة إلى المغرب. واعتبر أن الشركة الصينية ربما اختارت برمجة هذا الخط عبر مرسيليا كجزء من استراتيجيتها لدخول السوق المغربية، وذلك كإجراء احتياطي يتيح لها استقطاب كل من المسافرين المتوجهين إلى فرنسا وأولئك الذين يقصدون المغرب.

ولفت بوحوت، إلى أن العلاقات التجارية بين المغرب والصين جيدة للغاية، مشيرًا إلى أن هذا الخط الجوي، بفضل مردوديته، سيستمر في جذب السياح الصينيين إلى المغرب، وكذلك المغاربة الذين يسافرون إلى الصين. وأوضح أن المغرب شهد تدفقًا كبيرًا للسلع الصينية، خاصة في الأسواق التي تبيع بالجملة، مشيرًا إلى أن التقييم الفعلي لهذا الخط الجوي يتطلب بعض الوقت، حيث انطلقت الرحلات بين 19 و20 يناير، وهو توقيت يتزامن مع الأعياد السنوية الصينية.

واسترسل الخبير قائلاً إنه بالمقابل هناك مجهود كبير يبذله المكتب الوطني المغربي للسياحة والخطوط الجوية الملكية، لكنه شدد على أهمية التناغم والتعاون بينهما. وأوضح أن المكتب الوطني المغربي للسياحة برمج ابتداءً من هذا الأسبوع، يوم الاثنين، رحلة لمهنيي القطاع السياحي المغربي، الذين سيكونون بصحبة وكالات الأسفار، حيث تشمل الرحلة وكالات سبق للمدير العام السابق للمكتب الوطني المغربي للسياحة أن أبرم معها اتفاقيات كبيرة، مشيرًا إلى ضرورة تجديد هذه الاتفاقيات وتعزيزها بشكل أكبر.

وقال بوحوت، إنه  يجب أن يتواءم منتوجنا السياحي مع خصوصيات السوق الصينية، نظرًا لاختلاف بعض العادات والتقاليد بين البلدين، كما أشار إلى أهمية مراعاة الجانب اللغوي. ومع ذلك، أبدى تفاؤله الأولي تجاه هذا السوق، رغم التحديات التي قد تطرأ، مثل تأثيرات عودة ترامب على السياحة العالمية. وأوضح أن الصين تُعدّ المنافس الاقتصادي الكبير له، وأن التعريفات الجمركية التي قد تفرضها الولايات المتحدة والحواجز المحتملة قد تؤثر على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك على سلسلة التمويل، مما قد ينعكس سلبًا على السياحة.

واستطرد بوحوت قائلاً إنه وفقًا للتقديرات بالنسبة لشهر يناير 2025، وبأخذ بداية تشغيل الخطوط الجوية في الاعتبار، وصل عدد السياح الصينيين إلى 11,865 سائحًا في شهر يناير. وهذا يعني أنه إذا قارنّا ذلك مع رقم 2023، حيث استقبل المغرب 106 آلاف سائح صيني، كان المعدل اليومي للسياح الصينيين في ذلك العام حوالي 290 سائحًا يوميًا.

واختتم بوحوت حديثه قائلاً إنه إذا اعتبرنا أن المعدل كان 290 سائحًا صينيًا في اليوم خلال الـ 19 يومًا الأولى من 2025، فإن بداية تشغيل الرحلات الجوية أدى إلى زيادة هذا المعدل ليصل إلى 577 سائحًا صينيًا في اليوم. وهذا يعني أنه مع هذه الوتيرة، من المتوقع أن يتجاوز عدد السياح الصينيين في المغرب 200 ألف سائح بنهاية 2025، إذا أخذنا بعين الاعتبار نسبة التدفق التي شهدناها. وأكد أن هذا الرقم يعد إيجابيًا، رغم التحفظات المتعلقة بالحرب  التجارية التي تشنها إدارة ترامب على الصين التي قد تؤثر على الوضع الاقتصادي الصيني.