بوريطة: زيارة وزير خارجية بريطانيا تاريخية وتعكس تحولا في موقف المملكة المتحدة

خديجة عليموسى

أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الأحد، أن زيارة نظيره البريطاني ديفيد لامي "تكتسي طابعا تاريخيا من حيث تطور موقف المملكة المتحدة بخصوص قضية الصحراء المغربية"، موضحا أن "البيان المشترك الصادر اليوم يؤكد أن بريطانيا تعتبر خطة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 الأساس الأكثر واقعية والأكثر قابلية للتطبيق والأكثر براغماتية.

وقال بوريطة، في ندوة صحافية مشتركة عقدها اليوم بالرباط مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، "إن اليوم يعد محطة بالغة الأهمية في مسار العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة لأن زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى المغرب هي زيارة ذات طابع خاص إن لم أقل زيارة تاريخية لعدة اعتبارات" مبرزا أن هذه أول زيارة يقوم بها وزير خارجية بريطاني إلى المغرب منذ سنة 2011 كما أنها تمنح دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين.

وأضاف أن الزيارة تكتسي أهمية لكونها شكلت مناسبة لعقد الجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي بين المغرب والمملكة المتحدة وهو إطار مكن من التباحث حول عدد من القضايا ذات البعد الثنائي والإقليمي.

وأوضح أن الزيارة أيضا تعد نقطة تحول مهمة في العلاقات الثنائية، وتنطلق من التعليمات الملكية الداعية إلى تنويع وتعزيز الشراكات مع الدول الفاعلة مشددا على أن المغرب انخرط في هذا الإطار في حوار بناء لتطوير العلاقات بين البلدين مستندا إلى عمق الأسس التاريخية التي تجمع بين المغرب وبريطانيا وإلى العلاقة الخاصة التي تجمع بين الأُسرتين الملكيتين ومن هذا المنطلق نسعى اليوم إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية ورفع سقف الطموح المشترك.

وأشار إلى أن الزيارة جاءت أيضا تنفيذا للتوجيهات الملكية الرامية إلى العلاقات في المجالات الاقتصادية والأمنية وتشجيع الاستثمار وتعزيز الشراكة في ميادين الثقافة والتعليم والبحث العلمي، مشيرا إلى أنه تم اليوم توقيع أربع اتفاقيات وهناك اتفاقيات أخرى من المنتظر توقيعها خلال اليومين المقبلين ما يفتح عهدا جديدا في العلاقات الثنائية.

وفي ما يخص قضية الصحراء المغربية، أبرز بوريطة أنه انطلاقا من هذه الشراكة المتقدمة ستباشر المملكة عملها على مستويات ثنائية وإقليمية ودولية، معتبرا أن هذا التحول يعد تطورا مهما بالنظر إلى كون المملكة المتحدة عضوا دائما في مجلس الأمن وعضوا في مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء إلى جانب فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة وروسيا

وشدد على أن الدينامية التي أطلقها الملك محمد السادس بخصوص هذا الملف انخرط فيها أربعة من أعضاء مجموعة أصدقاء الأمين العام حول الصحراء وعبروا عن دعمهم لمبادرة الحكم الذاتي وهم فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا والمملكة المتحدة.

وأشار إلى أن المملكة المتحدة لها صوت مؤثر ومستقل على المستويين الأوروبي والدولي وكذلك داخل منظومة الأمم المتحدة، لافتا إلى أن لهذا الموقف البريطاني أبعادا اقتصادية مهمة حيث ستدرس وكالة المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار إمكانية تمويل مشاريع اقتصادية واستثمارية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وأكد بوريطة أن المغرب لا يعتبر هذه الدينامية مجرد محاولة للحفاظ على الوضع القائم بل ينظر إليها كعنصر جوهري في البحث عن حل وتسريعه دائم لهذا النزاع الذي طال أمده لأكثر من خمسين سنة.

وأضاف قائلا "اليوم هناك فرصة حقيقية أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع على أساس مبادرة الحكم الذاتي وفي إطار السيادة المغربية"، مذكرا بأن الملك محمد السادس في خطابه أمام البرلمان في أكتوبر الماضي شدد على ضرورة أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها وتأخذ بعين الاعتبار الدينامية الدولية الموجودة على المستوى الدولي من قبل القوى الفاعلة والدول الإفريقية والأوروبية والعربية من أجل تسريع مسلسل الحل عبر حوار وتفاوض جديين.

وسجل المسؤول الحكومي أن الموقف البريطاني يساهم اليوم بشكل كبير في الدفع بهذا المسارالأممي نحو تسوية متوافق عليها على أساس مبادرة الحكم الذاتي.

وخلص الوزير إلى أن الملك محمد السادس جعل من الدبلوماسية المغربية دبلوماسية قائمة على الوضوح والطموح، مشيرا إلى أنه بعد سلسلة من الحوارات مع المملكة المتحدة خلال الأشهر الماضية تم توضيح مجموعة من القضايا والمواقف وهو ما يسمح لنا بالانتقال من مرحلة الوضوح إلى مرحلة الطموح.

ومن هذا المنطلق، يضيف بوريطة، " نتطلع إلى شراكة إستراتيجية جديدة ترتقي بالعلاقات الثنائية في جميع المجالات وتحت الرعاية الملكية من المرتقب أن تعرف العلاقات المغربية البريطانية تطورات مهمة خلال الأشهر المقبلة"، معبرا عن أمله وأن ينخرط الجميع بشكل جدي ومسؤول في مسلسل تفاوضي واقعي يفضي إلى حل نهائي لقضية الصحراء المغربية على أساس مبادرة الحكم الذاتي وفي إطار السيادة المغربية".