بين الوعود غير المحققة والشروط غير المقبولة.. تقرير يكشف أسباب عرقلة عملية إعادة إعمار الحوز

بشرى الردادي

سجل مرصد برنامج الأطلس الكبير لإعادة البناء بعد الزلزال، في تقرير أصدره حديثا، أن الجهود التي بذلت لتوفير وسائل الإيواء للسكان المتضررين من زلزال الحوز، سواء من مؤسسات الدولة، أو من المواطنين، عانت، منذ البداية، من بعض أوجه النقص؛ ما جعلها لا تحقق الوقع المطلوب.

إجراء مؤقت طال أمده

وأوضح المرصد، في التقرير الأول الذي يقدمه لجمعية "ترانسبرانسي المغرب"، والذي يقيم حصيلة سنة من عمل السلطات العمومية المتعلقة بإعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة، أن الدولة تحركت بسرعة، عبر القوات المسلحة الملكية ومؤسسة محمد الخامس والسلطات المحلية، لتلبية احتياجات الإقامة الطارئة للمنكوبين.

وتابع المصدر نفسه أنه بالإضافة إلى هذه الجهود المؤسساتية، كانت هناك جهود هائلة من جانب المواطنين لتوفير وسائل الإيواء للسكان المتضررين من الزلزال، مبرزا أن هذه الجهود سوف تعاني، منذ البداية، من بعض أوجه النقص؛ إذ لم تتمكن تحركات المواطنين من تغطية جميع المناطق؛ مما أدى إلى استفادة مناطق أكثر من اللازم بالمساعدات عن باقي المناطق الأخرى.

ولوحظ أن هؤلاء المواطنين يفتقرون إلى الخبرة في معدات الإقامة في حالات الطوارئ (نوع الخيام اللازمة في مثل هذه الحالات، ونوع المواد المناسبة لكل منطقة،...). ونظرا إلى عدم وجود تنسيق إقليمي أو جهوي لهذه المساعدات، فلم تتمكن هذه المجهودات من تحقيق الوقع المطلوب، فيما يتعلق بالإيواء في حالات الطوارئ. وبعد فترة التضامن العفوي للمواطنين، جاء دور المتخصصين في هذا المجال بأنظمة إيواء مختلفة في حالة الطوارئ.

وأضاف التقرير أن السلطة المحلية والقوات المسلحة الملكية قامت بتوفير الخيام في عدة أقاليم، لضمان أماكن الإقامة الطارئة. ولم تتمكن محاولات إعداد مواقع استقبال مجهزة بجميع وسائل الراحة المطلوبة من تحقيق النجاح المتوقع. وبصرف النظر عن الأيام الأولى للزلزال، فسرعان ما هجر السكان هذه الخيام التي أقيمت وسط الجماعات الترابية؛ حيث فضّل هؤلاء العودة بالقرب من منازلهم التي دمرت كليا أو جزئيا، وفضلوا، قبل كل شيء، البقاء بالقرب من أنشطتهم الفلاحية أو تربية المواشي. وتبقى مواقع أمزميز وأسني وويركان، التي أعدتها القوات المسلحة الملكية، نموذجا لتدخل الدولة، وتشهد تدفقا مستمرا.

وسجل المرصد أنه، بدءا من فصل الشتاء، بدأت المنظمات غير الحكومية بتوفير وحدات سكنية في مناطق معينة. ويشمل استخدام هذا النوع من السكن مزايا؛ كالأمن، واحترام الخصوصية...، إلا أن له أيضا عيوب؛ كالحرارة والاستدامة. لكن هذا الحل لم ينتشر على نطاق واسع في جميع المناطق؛ إذ تظل الخيام هي "المعدات" غير المستقرة السائدة في جميع المناطق المتضررة. وعلى مدار الأسابيع، ومع حلول فصل الشتاء في هذه المناطق الجبلية، عبر السكان المتضررون عن غضبهم على أماكن الإيواء التي لا تحترم كرامتهم. وقد سبق أن حذر المراقبون من هذا الوضع، في وقت مبكر، منذ يناير 2024.

ومنذ نهاية شتنبر 2023 وحتى 2024، احتج السكان المتضررون في عدة مناطق على ظروف إقامتهم. وأدت ظروف الطقس البارد، وهطول الأمطار، والرياح...، إلى تعقيد حياة السكان المتضررين.

وفي شهادة له، قال أحد المتضررين: "كنا نترجى أن لا تمطر السماء، كما كنا نخشى أنه إذا تساقطت الثلوج، فسنعاني من شدة البرد، رغم أنه بالنسبة لنا نحن الفلاحين والمزارعين، فإن الموارد المائية حيوية لأنشطتنا الزراعية والمعيشية".

الحصيلة الكمية والنوعية

واقترحت الحكومة، عبر لجنتها بين وزارية، عرضا واضحا ترجمته صيغتان للمساعدات تم الإعلان عنهما، في 14 شتنبر 2023 (مساعدة مباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن المنهارة كليا، و80 ألف درهم لإعادة تأهيل المنازل المنهارة جزئيا).

وأشار التقرير إلى أن هذا العرض، الذي تم الترحيب به، في البداية، لم يكن واضحا بشكل تفصيلي لعامة الناس أو حتى للأشخاص المتضررين.

وتابع أنه لم يكن للرأي العام أي مبرر أو أساس لاختيار هذه المبالغ، متسائلا: "هل أخذت هذه المبالغ بعين الاعتبار تكلفة التضخم، في فترة تتسم بالتضخم؟ وهل استندت هذه المبالغ على أن يكون البناء بمواد جديدة أم قديمة؟ وهل أخذت هذه المبالغ في الاعتبار التكاليف المرتبطة بعملية البناء (التكاليف المعمارية، والنقل، وغيرها)؟"؛ حيث سجل أن هذه الأسئلة "ظلت معلقة دون إجابة".

وأضاف المرصد أنه لم يكن لدى المعنيين معايير تفصيلية تسمح للجان المحلية بتصنيف منازلهم ضمن إحدى فئتي المساعدة، وكذا تعليل قرار استبعاد منزل ما من برنامج المساعدات، ولم يقدم العرض جدولا زمنيا مفصلا لأوقات الاستجابة وتوقيت استلام الشطر الثاني والثالث من قبل المستفيدين. وبناء على هذه الملاحظات، تم تدبير برنامج إعادة الإسكان وإعادة بناء المساكن، من البداية إلى النهاية، من قبل السلطة المحلية على المستوى المحلي والإقليمي. ولعبت اللجنة بين وزارية دورها في التواصل مع العموم، وفقا للبيانات الإجمالية للجهات المعنية.

الأهداف والإنجازات

وأفاد التقرير بأنه تم تسجيل تباطؤ في تسديد القسط الثاني والثالث والرابع، بعد اثني عشر شهرا من وقوع الزلزال. وبالنسبة للشطرين الأخيرين، تظل معدلات الصرف منخفضة للغاية (22 في المائة و3 في المائة)، وتؤكد التأخير في ورشات البناء والصعوبات العملية في ضمان سلاسة سداد الأقساط للضحايا المتضررين، مشيرا إلى أن 1783 أسرة لم تتلق حتى الدفعة الأولى، بعد سنة من وقوع الزلزال.

وعلى الرغم من أن هؤلاء المتضررين يمثلون 3 في المائة "فقط" من إجمالي السكان المستهدفين، إلا أن الحقيقة هي أن هذه العائلات لا تزال تعيش في الخيام، وفي ظروف صعبة للغاية، حسب المصدر نفسه.

وتابع أن الأرقام التي قدمتها الحكومة أوضحت تفاعلا واستجابة فورية لضمان القيام بتشخيص المنازل، في أقل من شهر، وإصدار تراخيص البناء، وبدء أعمال التطهير الأولى (إزالة الركام). ومن الناحية المالية، تم تحقيق الهدف تقريبا بعد اثني عشر شهرا من وقوع الزلزال (2 مليار درهم من المساعدات السكنية الموزعة، إلى غاية 2 أكتوبر 2024).

كما سجل تطورا بطيئا في دفع المساعدات السكنية. وبما أن العمليتين مرتبطتين، فإن البناء يتقدم بوتيرة بطيئة للغاية.

وبعد مرور عام على وقوع الزلزال، وصلت المنازل المكتملة إلى 1000 وحدة سكنية، وهو عدد منخفض للغاية، أو بالكاد 1.7 في المائة من الهدف المحدد. ويلخص هذا الرقم تعثر برنامج إعادة الإعمار، في هذه السنة الأولى، وفق المرصد.

وأضاف التقرير أن التعقيدات الإدارية واللوجستية والمالية أثرت، بشكل كبير، على حسن سير هذا العنصر. وأدى هذا الوضع إلى تأخير ركيزة برنامج إعادة الإعمار؛ مما ولد شعورا بخيبة الأمل لدى السكان، مقارنة مع الوعود التي لم يتم الوفاء بها.

وتساءل المرصد حول غياب بعض المعطيات المهمة؛ مثل الأرقام التفصيلية حسب المنطقة، ووضعية سداد القسطين الثاني والثالث، مشيرا إلى أن هذه الأرقام، التي تغطي مساحة شاسعة، لا تقدم فكرة دقيقة عن الوضع في كل من الجهات والعمالات الست المعنية. فقط التوزيع حسب العمالات والقيادات الذي يسمح بمدى تقييم استجابة السلطات العمومية.

أما السؤال الثاني، يضيف التقرير، فيتعلق بعدد المستفيدين، موضحا أن إحصاء المنازل الذي تم إجراؤه، في الفترة من 18 إلى 30 شتنبر، أتاح، في البداية، إحصاء مجموع المنازل المتضررة؛ وهو 26.798 منزلا؛ أي 4.232 انهارت كليا، و22.566 جزئيا. وفي مرحلة ثانية، مكنت النتائج المسجلة من إحصاء 32.640 منزلا التي تستوفي شروط التعويض اللازمة؛ منها 1.603 من المنازل التي انهارت بالكامل.

وأظهر تحليل هذه المعطيات الرسمية النسبة المنخفضة للمنازل المنهارة بالكامل. فمن 18.75 في المائة في المرحلة الأولى، انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 5 في المائة في الإعلان الرسمي الثاني، لتصل إلى نسبة إجمالية أقل من 10 في المائة. ومع ذلك، فمن الواضح أن هذا الرقم متفاوت مع رقم رسمي آخر أعلنته الحكومة، خلال عرض تقرير حصيلة الزلزال، من قبل الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بتاريخ 22 شتنبر 2023، أمام البرلمان.

وتابع المرصد أنه، إلى حدود 22 شتنبر 2023، سجلت الحكومة نسبة انهيار المنازل إجمالية بلغت 32 في المائة. وبالتالي، فرسميا، فقط 10 في المائة من المنازل هي التي انهارت كليا، مبرزا أن هذ الفرق البالغ 22 في المائة بين معدل الانهيارات الكاملة المعلن عنها ومعدل التعويضات المقبولة تثير تساؤلات حول النهج الذي اختارته اللجان المحلية والجهوية واللجن بين وزارية في معالجة ملفات المتضررين.

ووصل الرقم المعلن للمنازل المنهارة في الوثيقة نفسها إلى 59.674، إلا أن التوزيع بين نوعي الانهيار الكلي أو الجزئي يظهر تباينا كبيرا. فهل قدمت الحكومة تقديرا فائقا لعدد الانهيارات الإجمالية؟ وهل عمدت اللجان المحلية أو الجهوية لتقليص عدد المستفيدين من صيغة 140.000 درهم؟ هذه التساؤلات وهذه التباينات ستكون مصدر إحباط وغضب وسخط بين السكان المتضررين. وعلى الرغم من الأرقام المقدمة والتقدم الموضح (تراخيص البناء، إزالة الركام)، فإن ورشات البناء تواجه العديد من الصعوبات، يسجل التقرير.

صعوبات تدخل السلطات

وأوضح المرصد أن الخطوة الأولى للمالك الذي يرغب في الحصول على مساعدة إعادة البناء؛ هي قبول طلبه من قبل اللجان الإقليمية المكلفة بإعادة الإعمار. وفي حالة الرد الإيجابي، يجب على متلقي المساعدة، في خطوة ثانية، التوقيع على وثيقة هدم أنقاض منزله.

وفي شهادة له، قال أحد المتضررين: "بالنسبة لدوارنا، فقرار اعتبار السكن مهدما كليا أو جزئيا، وبالتالي، تبرير التعويض من عدمه، من صلاحيات المقدم حصريا".

وفي المرحلة الثالثة، يقوم المستفيد بتقديم ملفه مع رقم حسابه البنكي (RIB) لتلقي الدفعة الأولى من المساعدة (20.000 درهم)، مقابل التوقيع على محضر قبول شروط استلام المساعدة (استلام الدفعة الثانية بعد أشهر قليلة من الدفع). وبين هاتين الفترتين، يجب على المستفيد البدء في إجراءات إدارية أخرى (ترخيص البناء، والتحقق من صحة التصميم،...). وقبل كل شيء، إيجاد تمويل ذاتي لاستكمال بناء المنزل الجديد.

وفي شهادة أخرى، قال متضرر: "هذه العملية أجبرت المستفيدين على تدبر إيجاد بقية تكلفة البناء، أو العيش لفترة من الوقت دون منزل هم في حاجة ماسة إليه".

وسمحت السلطة المحلية بفترة انتصاف، اعتبارا من 20 شتنبر 2024، للمتضررين الذين يعتبرون أنفسهم غير محصيين أو متضررين أو مستبعدين من عملية مساعدات إعادة البناء. وتتم عملية إجراء دراسة الملفات من جديد من قبل اللجنة المحلية لإعادة البناء، غالبا في مقر القيادة، دون تقديم أجوبة لمقدمي الطلبات، حسب التقرير.

وفي شهادة له، أفاد أحد المتضررين بأنه "تم تنفيذ هذا الإجراء بشكل سريع، مع هيمنة من قبل السلطة المحلية في عملية تدبيرها. وظل السكان محبطين وفي حيرة، وتوجيه اتهامات بالمحسوبية. كما لم يكن لدى اللجان الإقليمية الوقت الكافي لاتخاذ القرار، ولا الصلاحيات الكافية التي تسمح لها بإجراء تعديلات كبيرة على إجراءات منح المساعدة".

وبشكل عام، أعرب السكان، الذين تمت مقابلتهم، عن أسفهم لعدم تماسك التشخيص الأولي بعد الزلزال، وهيمنة المقاربة الأمنية من جانب السلطة المحلية.

كما أعرب الأشخاص المتضررون من الزلزال في الجهتين عن أسفهم لاستمرار ضعف التناسق بين الفاعلين المؤسساتيين، وغياب الوضوح أثناء عملية إعادة البناء، موضحين أن المعايير التي تعتمدها الدولة وقيود الميزانية التي تفرضها صيغ المساعدات توجه هذه العملية نحو البناء الاسمنتي، ولا يمكن للمبالغ المقترحة أن تراعي إعادة البناء على أساس معايير البناء التقليدي.

معارضة المعايير

ومن بين المعايير الجديدة التي ترغب الدولة في فرضها كجزء من عملية إعادة الإعمار، يشير السكان إلى "التصاميم النموذج" التي اقترحتها الجماعات الترابية والوكالات الحضرية؛ وهي تصاميم سكنية تتراوح مساحتها بين 50 و80 مترا مربعا كحد أقصى، وتم رفض هذه التصاميم من قبل بعض السكان بسبب المساحة والنموذج المقترح.

وقال متضرر، في شهادة له، إن "التصاميم مبنية على هندسة معمارية حديثة، بعيدة كل البعد عن عادات مناطقنا. فالسكن التقليدي يشتمل على عدة مكونات أساسية لنمط الحياة القروية، ولاسيما المساحة المخصصة للماشية".

وأشار السكان، الذين تمت مقابلتهم، إلى أن استخدام المواد الخام المحلية أكثر قوة، ويوفر مقاومة للمناخ.

وفي المقابل، فإن أسلوب العمل الذي تتبعه الجماعات الترابية والوكالات الحضرية يفضل ما يسمى بالمواد "الحديثة"، ويستند على تضافر الموارد. فكل مهندس معماري، والمستخدم من طرف الجماعة الترابية، مسؤول عن إعداد نموذج التصاميم القياسية لدوارين أو ثلاثة دواوير، بالتنسيق مع مجموعة "العمران".

وأطلقت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مشاورات لاعتماد تصنيف الإسكان المحلي. إلا أن هذه المبادرة لم تر النور بعد. فالإعلانات التي صدرت في اليوم التالي للزلزال، من قبل مكاتب الهندسة المعمارية المغربية أو مدارس الهندسة المعمارية، لم تتم مراعاتها. وسرعان ما تحول التزام الجهات الحكومية أو الخاصة، الذي كان واضحا بقوة في البداية، إلى سراب. فعلى سبيل المثال، اقترحت المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية (ENA) في أعقاب الزلزال، وضع تصاميم معمارية لدعم جهود التخطيط، وتعبئة الطلبة للإشراف على تأطير السكان المحليين. وحتى الآن، ظل هذا الوعد حبرا على ورق.

كما أعلن فرع المهندسين بمراكش للمدرسة المحمدية للمهندسين عن نماذج بناء أولية باستخدام مواد محلية، إلا أنه لم يتم تتبع هذه المبادرة. وللأسف، تضاعفت إعلانات النية، وأصبح عجز الدولة عن حشد الخبرات الوطنية واضحا، كما أن الجماعات الترابية ترفض من جانبها، وبشكل قاطع، التصاميم التي يقترحها المستفيدون من المساعدات؛ إذ يجب أن تمر أي عملية بناء عبر الإجراءات الإدارية المعتمدة حسب دفتر التحملات الموقعة مع المهندسين المعماريين الذين وقع عليهم الاختيار، وبالتالي، أدى هذا الوضع إلى عرقلة عملية إعادة الإعمار.

وفي شهادة له، قال أحد المتضررين، إنه "في بعض المناطق، توقفت عملية إعادة البناء بالكامل، في يوليوز 2024. ويعتبر ذلك رفضا لمقاربة السلطات العمومية الذي تبناها بعض السكان، الذين يرفضون تصاميم وأشكال السكن التي يقترحها برنامج إعادة الإعمار. وهذا هو الحال بالنسبة لعدة دواوير بجماعة إغيل وجهة الحوز. ونفس الوضع أيضا في جماعة إمليل، لكن انتهى الأمر ببعض السكان إلى الاستسلام للضغوط؛ وهو ما يدل على مشهد غير متناسق".

وسجل التقرير أنه في الوقت الذي أبانت فيه الدولة أنها غير مرنة فيما يتعلق بالمعايير، فإنها أظهرت مرونة في مواجهة الاحتجاجات؛ وهذا هو الحال في سد تاسكورت (جماعة أسيف المال، إقليم شيشاوة)؛ حيث يتم إنشاء مناطق للسكن بشكل غير منتظم.

التضخم في أسعار مواد البناء

وبالإضافة إلى هذه الخلافات حول نموذج إعادة البناء والمشاكل الهيكلية للتخطيط العمراني، يضاف إلى ذلك صعوبات عملية مرتبطة بجودة خدمات البناء وارتفاع تكلفة المواد.

واعتبر السكان، الذين تمت مقابلتهم، أن عدد المهندسين المعماريين المستخدمين منخفض، مقارنة مع الاحتياجات الفعلية. وهذا يولد ضغوطا ومخاطر تؤدي إلى تعثر تصاميمهم. كما أنهم تساءلوا عن مدى احترام العمال المكلفين بإعادة بناء المنازل لهذه التصاميم. هذه اليد العاملة التي يزداد الطلب عليها، وتتعرض لضغوط للوفاء بالمواعيد النهائية، وستعمد إلى التسرع في إنهاء ورش ما والانتقال إلى ورش آخر. كما يواجه السكان مشكلة ثانية، تتعلق بتوفير مواد البناء وتكاليفها في المناطق الجبلية، وفق التقرير نفسه.

وتقدر تكلفة البناء التقليدي ما بين 160 ألف درهم إلى 200 ألف درهم للمساحات من 50 إلى 70 مترا مربعا، بما في ذلك الأشغال الكبرى واللمسات النهائية، وهو ما يتجاوز الميزانية الممنوحة للمساعدات العامة.

وفي حالة البناء بمواد حديثة، كان على السكان مواجهة التضخم في أسعار المواد وأسعار خدمات النقل واليد العاملة. وحدث، في بداية سنة 2024، اختناق مع الضغط التضخمي على أسعار المواد والخدمات. ويقدر سعر كيس الإسمنت بـ80 درهما، ويمكن أن يصل إلى 90 درهما، حسب المنطقة.

فيما تقدر تكلفة نقل الرمل والحصى بحوالي 600 درهم لكل 6 أمتار مكعبة. ووصلت هذه التكلفة إلى 1900 درهم. وعرف هذا السعر ارتفاعا مهولا وصل إلى 5000 درهم في دواوير جماعة إغيل (مركز الزلزال). كما ترتبط صعوبة النقل بعدد المواقع المطلوب خدمتها وتباعدها أو تجمعها، يضيف المرصد.