تأملات مغربية – الجزء الأخير: المغرب إلى أين؟

تيل كيل عربي

هل نحن أمام نهاية مرحلة أم بداية جديدة؟

"إن التاريخ يعيد نفسه، المرة الأولى كمأساة، والمرة الثانية كمهزلة." – كارل ماركس

حين نمعن النظر في المشهد المغربي اليوم، تتبادر إلى الأذهان أسئلة تبدو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى: كيف وصلنا إلى هنا؟ هل الأزمة التي نعيشها مجرد عثرة عابرة في طريق التقدم، أم أنها إعلان عن نهاية مرحلة لم يعد بالإمكان إنقاذها؟ وإذا كان الحاضر يعكس فشلًا متراكمًا، فهل يحمل المستقبل إمكانية الخلاص؟

يقول ستالين "لكل أمة خصائصها، لكن على كل أمة أن تضمن توحيد قواها الداخلية إذا أرادت البقاء والتطور في وجه التحديات."

المغرب ليس وليد اللحظة، بل هو تراكم لتجارب سياسية، واجتماعية، واقتصادية شكلت ملامحه الحالية. لكن، هل استوعبنا دروس التاريخ؟ هل تعلّمنا من إخفاقات الماضي، أم أننا نستمر في إعادة إنتاج الأخطاء نفسها بصيغ مختلفة؟

إذا كانت الهوية الوطنية تتشكل عبر صراع بين قوى التغيير وقوى المحافظة، فهل نحن اليوم في مرحلة مراجعة نقدية لهذا الصراع، أم أننا عالقون في حلقة مفرغة من إعادة تدوير الشعارات دون أفعال؟

وفي ظل التفاوت الطبقي المتزايد، والخصخصة التي عمّقت الفجوات الاجتماعية، والاعتماد المتزايد على الخارج، يطرح السؤال نفسه: هل يعبّر الاقتصاد المغربي عن إرادة وطنية، أم أنه مجرد امتداد لإملاءات المؤسسات المالية الدولية؟

إذا كانت التنمية تعني القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، فلماذا نجد أنفسنا أكثر ارتباطًا بالأسواق الخارجية؟ وإذا كان الاقتصاد أداة لخدمة المجتمع، فلماذا يبدو وكأنه أداة لخدمة فئة ضيقة تحتكر الثروات؟

التعليم والاعلام

"التعليم هو المصالحة بين الفرد والمجتمع، وبين الذات والعالم، فلا يمكن للإنسان أن يبلغ حريته إلا من خلال المعرفة." – هيغل

هل يُعدّ النظام التعليمي المغربي أجيالًا قادرة على التفكير النقدي والإبداع، أم أنه لا يزال رهينًا لأنظمة بيداغوجية متقادمة تكرّس التبعية وتُعدّ الطلبة كأدوات لسوق العمل بدلًا من مواطنين أحرار؟ وإذا كان الإعلام مرآة للمجتمع، فهل يعكس الواقع كما هو أم يعيد إنتاج صورة مشوّهة تخدم مصالح معينة؟ كيف تحوّلت الصحافة من سلطة مضادة إلى أداة للهيمنة، ولماذا أصبح الإعلام أداة لصناعة الاستهلاك والتفاهة بدلًا من تشكيل الوعي؟

وفي المشهد السياسي، لماذا يبدو الشباب المغربي غائبًا عن مراكز القرار؟ هل فقدوا الاهتمام، أم أن السياسة فقدت معناها في نظرهم بعد أن تحوّلت إلى لعبة تديرها نفس النخب في دوائر مغلقة؟ وإذا كان الشباب هم المستقبل، فلماذا يشعرون بالإقصاء، وكيف يمكن استعادة دورهم ليكونوا جزءًا من مشروع وطني حقيقي بدلًا من بقائهم على هامش المعادلة السياسية؟

نموذج سياسي جديد

"الديمقراطية لَا تُختزل في صناديق الاقتراع، بل في امتلاك القدرة على التأثير الحقيقي داخل المؤسسات وخارجها." – عبد الرحيم بوعبيد

إذا كانت اللامركزية مطلبًا قديمًا، فهل آن الأوان للتفكير في نموذج كونفدرالي يمنح الأقاليم استقلالية في إدارة شؤونها، مع الحفاظ على وحدة الوطن؟

كيف يمكن توزيع السلطة بحيث لا تكون مجرد عملية إدارية، بل خطوة نحو تحقيق عدالة مجالية واقتصادية؟ وهل يمكن تحقيق ديمقراطية حقيقية دون إعادة هيكلة النظام السياسي بشكل جذري؟

هل نملك الشجاعة لإعادة البناء؟

"لَا تُستجمع الشجاعة للتقدم الحقيقي إلا إذا حفزتها الآلام التي تبدو فائقة." – إنجلز

إذا كان المغرب يقف اليوم على مفترق طرق، فما الذي نحتاجه لعبور هذه المرحلة دون أن نكرر أخطاء الماضي؟

هل نحن مستعدون للتخلي عن الأوهام، ومواجهة الحقائق كما هي، لإعادة بناء وطن أكثر عدلًا وديمقراطية؟ أم أننا سنواصل تأجيل الأسئلة الصعبة حتى نجد أنفسنا أمام واقع لا يمكن تغييره؟

التاريخ لا يتوقف، لكن هل نحن قادرون على أن نصنع تاريخنا بدلًا من أن نكون مجرد ضحايا له؟