مع حلول ليلة رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2968، يتم تقديم وجبة يطلق عليها اسم "تاكلا" تيمنا بالسنة الفلاحية الجديدة التي ترتبط بالانسان الأمازيغي وأرضه ومزارعه وغلاله في أجواء المرح وعلى نغمات الفرق المحلية الأمازيغية ابتهاجا بالمناسبة.
وفي لقاء مع موقع "تيل كيل عربي"، يشرح الحسين أيت باحسين، وهو باحث في الثقافة الأمازيغية، أن "تاكلا"، يطلق عليها في مناطق أخرى "تاروايت"، وهو الاسم اشتق من فعل "روي" الذي يعني بالأمازيغية "حرك"، لأن الوجبة أثناء طبخها، تستوجب التحريك باستمرار إلى أن تكون قابلة للأكل، وتسمى عند الناطقين بالعربية "العصيدة" ( Bouillie بالفرنسية) ومن بين أنوعها "تاكلا أو تاروايت ن تمزين" (بالزاي المفخمة)، ومعنى هذا النوع بالأمازيغية، "عصيدة الشعير" أي المهيئة من دقيق الشعير.
والنوع الثاني: "تاكلا أو تاروايت ن ؤسنكار" ، ومعنى هذا النوع بالأمازيغية "عصيدة الذرة"، أي المهيأة من دقيق الذرة. وخلال المدة الأخيرة نجد نوعا جديدا يسمى "تاكلا ن روز" أي المهيأة من حبوب الأرز.
وبخصوص مكوناتها وكيفية تحضيرها، يشرح أيت باحسين ذلك قائلا: مقدار ما يستلزمه عدد الأفراد الذين سيتناولون وجبتها من دقيق الشعير أو الذرة المفتت (أي غير المطحون والمسحوق جيدا)، يضاف إليه مقدار من الماء يشكل ثلاثة أضعاف مقدار الدقيق، وقليل من الملح وقليل من زيت الزيتون أو زيت أركان، فيوضع الكل في قدر فوق النار، ويحرك باستمرار إلى أن يمص الدقيق الماء كله، فيوضع في الإناء الذي سيقدم فيه.
إقرأ أيضا: السنة الأمازيغية.. القصة الكاملة للمناسبة وخلفياتها
وأثناء طبخ "تاكلا"، تتم عملية تذويب قليل من السمن مع قليل من الزعتر أو الزعفران. ويتم تقديم "تاكلا" في إناء يطلق عليه اسم "تاقصريت"، وهو إناء ذو شكل دائري، غالبا ما كان هذا الاناء يصنع من خشب العرعار أو غيره من أنواع الخشب الجيدة، ويصنع من الطين أو من معدن خاص بأواني الأكل.
ويضيف أيت باحسين، أن في وسط الوجبة يشكل حوض صغير أي حفرة صغيرة، يصب فيها السمن الذي تم تذويبه مع الزعتر أو زيت الزيتون أو زيت الأركان المزوج بالعسل. وقد يوضع صحن صغير وسط "تاكلا" وبه أنواع الزيوت السابقة.
إقرأ أيضا: رأس السنة الأمازيغية عطلة في الجزائر.. ماذا يقول النشطاء الأمازيغ في المغرب؟
أكلة "تاكلا" تقدم ساخنة وتؤكل مرفوقة باللبن أو شاي ممزوج بالزعفران، كما هو معمول به في مناطق أولوز وتالوين بتارودانت وتازناخت وأساكي في ورزازات، كما يوضح أيت باحسين. ومع توالي السنين، تمت عصرنة أكلة "تاكلا" وفق تعبير الباحث أيت باحسين، فصارت تزين بمنتجات طبيعية مثل البيض البلدي وحبات اللوز البلدي، ويتم وشمها بحروف "تيفيناغ" وبعبارات التهنئة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة.
يؤكد أيت باحسين على أن "تاكلا" قليلة الكلفة عميقة الدلالة، ترمز للتضامن والتآزر، لكونها تقدم في شكل دائري يتقاسمها جميع أفراد الأسرة، وفضاء أرحب لتمرير كثير من الطقوس والعادات والمعتقدات لأجيال المستقبل، خاصة خلال ليلة رأس السنة الفلاحية التي توافق هذا العام يوم السبت 13 يناير 2018.