لم يرُق خوض مجلس المنافسة، في تقييم سياسة تحرير أسعار البنزين والغازوال، للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، الذي اعتبر أن ذلك ليس من اختصاصات المؤسسة الدستورية، التي رأى أن التحرير تم دون إعداد جيد.
و قد حرص المجلس، في الندوة الصحفية، التي عقدها اليوم، بعدما أوضح موقفه غير المتبني لتسقيف هوامش أرباح شركات المحروقات، على التأكيد علي أن تحرير أسعار المحروقات، شابتها هفوات يفترض تداركها.
وآخذ المجلس، في تقريره الذي كان موضوع ندوة صحفية اليوم الجمعة، على الحكومة اتخاذها قرار التحريرالكلي لأسعار المحروقات، مع معرفتها مسبقا بأن السوق سيفقد شركة التكرير الوطنية الوحيدة، التي كانت تلعب دورا جوهريا على مستوى الحفاظ على التوازنات التنافسية، وعلى صعيد تموين السوق والتخزين.
وتحيل تلك الملاحظة، على الوضع الذي يعرفه التكرير في المغرب، حيث أقفلت مصفاة "سامير" منذ غشت 2015، وهو الإقفال الذي سبق قرار التحرير الذي سرى في العام نفسه، ما فتح الباب بشكل كامل أمام الاستيراد، الذي يؤمن 93 في المائة من حاجيات المغرب من الوقود.
واعتبر المجلس أن قرار التحرير اتخذ في سياق متسم بالفراغ المؤسساتي المطبوع بغياب مجلس المنافسة، الذي كان من الممكن أن تساهم مهامه في النظامة التنافسية للأسواق، المعززة باختصاصاته الجديدة في التحقيق والبحث وفرض الجزاءات، في تعزيز المراقبة الدستورية المستقلة والمحايدة لتصرفات المتدخلين الذين لا يحترمون قواعد المنافسة الحرة والنزيهة في هذا السوق.
اقرأ أيضا: تسقيف أسعار المحروقات.. بعد شهرين من الانتظار.. مجلس المنافسة يصدم الحكومة
من جهة أخرى، اعتبر مجلس المنافسة أن الحكومة قامت بالتحرير دون الاهتمام المسبق بالمكونات الرئيسية للنظام التنافسي؛ أي وجود حواجز قوية أمام ولوج السوق في مختلف مستوياته، ومستوى مرتفع للتركيز الاقتصادي في القطاع، وبنية احتكارية لبعض الأسواق، واحتكار القلة بالنسبة لبعض الأسواق.
ولاحظ المجلس أن قرار التحرير الكلي لأسعار المحروقات تم دون إقرار تدابير مواكبة لحماية المستهلكين ومكونات القطاع الأكثر هشاشة، وذلك في نفس الوقت الذي أوصى فيه المجلس الأعلى للحسابات الحكومة بالحفاظ على مراقبة الأسعار في حالة إعادة هيكلة صندوق المقاصة.
تلك ملاحظات، أثارت حفيظة الداودي، الذي ذهب إلى أنه ليس من حق مجلس المنافسة، تقييم سياسة تحرير سوق المحروقات، معتبرا أنه تصرف، عند الخوض في ذلك الموضوع، كما لو كان حزبا سياسا معارضا.
اقرأ أيضا: هذه مبررات رفض مجلس المنافسة لمشروع تسقيف أرباح شركات المحروقات
واعتبر أنه لا يعود للمجلس تقييم قرار الحكومة حول تحرير سوق المحروقات، إلا كان عليه أن يقيم سياسة المحروقات منذ استقلال المملكة.
غير أن رئيس المجلس، إدريس الكراوي، أكد، في رده على الوزير، بأن المجلس أذعن للقانون في ما صدر عنه، معتبرا أن رأيه له قوة سياسية وأخلاقية ومعنوية.
وذهب مصدر مطلع إلى أنه من حق مجلس المنافسة، تناول سياسية تحرير سوق المحروقات، معتبرا أنه لا يمكن الحديث عن هوامش الأرباح والأسعار، دون تقييم شروط قرار التحرير الذي اتخذته حكومة عبد الإله بنكيران.
(تصوير فهد مرون)