سجلت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرة إخبارية صادرة حديثا، أن أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت بنسبة 0,6 في المائة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 2,0 في المائة.
وشهدت أسعار المواد الغذائية تغيرات كبيرة، بين شهري يناير وفبراير 2025. وكانت أبرز الزيادات المسجلة في قطاع المواد الغذائية تتعلق بأسعار الفواكه والخضر والأسماك ومنتجات الألبان؛ حيث ارتفعت أسعار الفواكه بنسبة 3,3 في المائة، في حين زادت أسعار الخضر بنسبة 2,7 في المائة.
ووفقا للوثيقة الصادرة عن سوق الجملة للفواكه والخضر بالدارالبيضاء، والتي اطلع موقع "تيلكيل عربي" على نسخة منها، عرفت الأسعار ارتفاعا، حيث تراوح سعر البصل ما بين 4 إلى 6,50 في ال12 من الشهر الجاري، ليرتفع، وفقا لذات المصدر، إلى ما بين 5 و8.5 دراهم يوم 26 من الشهر نفسه.
وفي ما يتعلق بالفواكه، فقد جاء وفقا للمصدر ذاته أن سعر الأفوكادو قد تراوح ما بين 13 إلى 24 درهما في الـ12 من هذا الشهر، ليرتفع سعره إلى ما بين 25 و37 درهما في الـ26 من الشهر الجاري.
في هذا السياق، أفاد عبد المجيد شراس، الأستاذ المحاضر بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، أن المغرب يشهد منذ العامين الماضيين موجة تضخم غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
ووفقًا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط، فقد بلغ معدل التضخم السنوي في المغرب 2.6 بالمائة خلال شهر فبراير 2025، مقابل 2 بالمائة في الشهر السابق.
وأوضح شراس أن هذا أعلى مستوى منذ 2023 حيث بلغ حينها إلى 6.1 بالمائة، والمعدل الحالي يفوق بكثير المتوسط السنوي المسجل خلال العقدين الماضيين والذي لم يتجاوز 1.5 بالمائة. وقد انعكس هذا الارتفاع بشكل واضح على أسعار السلع الأساسية، مما زاد من الضغوط الاقتصادية على الأسر المغربية.
العوامل المؤثرة في ارتفاع التضخم: داخلية أم خارجية؟
وفي هذا الصدد، أبرز شراس، أن ارتفاع معدلات التضخم في المغرب يعود إلى مزيج من العوامل الداخلية والخارجية، بالنسبة للعوامل الخارجية فتتمثل في تأثر الاقتصاد المغربي بارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية، خاصة الطاقة والحبوب، نتيجة الأزمات الجيوسياسية المتلاحقة، أبرزها الحرب في أوكرانيا واستمرار بؤر التوتر في منطقة الشرق الأوسط التي أدت إلى اضطرابات في سلاسل التوريد وارتفاع أسعار النفط والغاز.
وفي ما يتعلق بالعوامل الداخلية، فقد ذكر المتحدث أن المملكة تعاني من تكرار موجات الجفاف التي أدت إلى تراجع الإنتاج الزراعي، مما ساهم في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه. بالإضافة إلى ذلك، فإن اضطرابات سلاسل التوزيع والمضاربات في الأسواق المحلية ساهمت في زيادة الأسعار، وهو ما أكدته تقارير رسمية.
تأثير التضخم على أسعار الخضر والفواكه
في هذا السياق، قال شراس، إن أسعار الخضر والفواكه قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، حيث سجلت بعض المنتجات زيادات فاقت 30 بالمائة مقارنة بالعام الماضي. ويعود هذا الارتفاع إلى نقص الإنتاج بسبب الجفاف، وارتفاع تكاليف النقل والتخزين. في هذا الإطار، يؤكد خبراء الاقتصاد أن تعزيز الإنتاج المحلي واعتماد سياسات أكثر صرامة في ضبط الأسعار يمكن أن يساهما في تقليص حدة هذا الارتفاع.
سياسات التخفيف من آثار التضخم
أبرز شراس، في هذا السياق، أن الحكومة المغربية تسعى إلى اعتماد سياسات اقتصادية تهدف إلى الحد من تداعيات هذه الأزمة، من قبيل تعزيز الدعم الاجتماعي، بحيث تعمل على تقديم مساعدات مباشرة للأسر ذات الدخل المحدود، بالإضافة إلى دعم أسعار بعض المواد الأساسية عبر صناديق الموازنة.
كما لفت الانتباه إلى ضبط الأسواق، من خلال تكثيف عمليات مراقبة الأسعار للحد من المضاربات والتلاعب بالأسعار، وذلك من خلال تشديد الرقابة على سلاسل التوزيع. وكذلك تحفيز الإنتاج المحلي، ودعم الفلاحين وتشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق نوع من الأمن الغذائي.
واختتم شراس حديثه قائلا إن المغرب يواجه تحديات اقتصادية صعبة نتيجة التضخم، مما يستدعي ضرورة تبني سياسات أكثر فاعلية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين. وبينما تتطلب الحلول المستدامة إصلاحات هيكلية على المدى الطويل، يبقى التدخل الحكومي السريع ضروريًا لضمان استقرار الأسعار والحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على الأسر المغربية.