سجل المغرب تراجعًا مقلقا في مؤشر تنمية السفر والسياحة (TTDI) لسنة 2024، حيث خسر 12 مرتبة، منتقلاً من المرتبة 70 في عام 2019 إلى المرتبة 82 في عام 2024.
تراجع تنافسية المغرب السياحية في تقرير 2024
وفي هذا السياق، كشف الزوبير بوحوت، الخبير السياحي أن "هذا التراجع يُعد الأكبر من حيث عدد المراتب المفقودة بين الدول التي شملها التحليل، مما قد ينعكس سلبًا على تنافسية المغرب السياحية على الصعيد العالمي. حيث انخفض المؤشر الإجمالي من 3.76 إلى 3.64، مسجلًا تراجعًا بنسبة 3.2 بالمائة."
وأوضح بوحوت، أن "هذه التراجعات تثير قلقًا خاصًا، كونها تعكس ضعفًا هيكليًا يستدعي تدخلًا عاجلًا". وأكد "أنه في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع السياحي العالمي، يتوجب على المغرب التعامل مع هذا التقرير بجدية واستخلاص الدروس اللازمة".
وأشار بوحوث، إلى أن "المغرب شهد تراجعات ملحوظة في مختلف المعايير التي تناولها التقرير، خاصة في مؤشر البنية التحتية السياحية الذي سجل انخفاضًا بـ0.3 نقطة، وفي الاستدامة التي انخفضت بالمقدار نفسه. كما تكبد المغرب خسائر في النقاط المتعلقة بالسياسات السياحية والبيئة المواتية، وهما عنصران جوهريان لجذب الاستثمارات وتعزيز نمو القطاع".
تراجع مؤشرات البنية التحتية والاستدامة في المغرب
ولفت الخبير إلى أن "مؤشر البنية التحتية تراجع من 3.8 إلى 3.5، بانخفاض نسبته 7.9 بالمائة، بينما انخفض مؤشر الاستدامة من 3.5 إلى 3.2، مسجلًا تراجعًا بنسبة 8.6 بالمائة. وتعكس هذه الانخفاضات قصورًا في الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية وتعزيز إدارة البيئة في المملكة".
وأفاد الخبير أن "التقرير يستند إلى خمسة أبعاد رئيسية في تقييم التنافسية السياحية العالمية، وهي: البيئة المواتية (Enabling Environment)، شروط السياسات السياحية (T&T Policy Conditions)، البنية التحتية والخدمات (Infrastructure & Services)، الموارد السياحية (T&T Resources)، والاستدامة السياحية (T&T Sustainability)".
وأضاف الخبير أن "كل بُعد يتم تحليله بشكل مفصل عبر 17 ركنًا و102 مؤشر، مع تقديم تقييم إجمالي يتراوح بين 1 و7. ويتم في بُعد البيئة المواتية تقييم عوامل مثل مناخ الأعمال، الأمن، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (TIC)، وجودة اليد العاملة".
وتابع بوحوت، قائلاً إن "شروط السياسات السياحية تهتم بأولوية القطاع السياحي في السياسات العامة وتوافر الأسعار التنافسية، بينما تقيس البنية التحتية والخدمات مستوى جودة بنية النقل التحتية والخدمات السياحية. من جهة أخرى، تقوم الموارد السياحية بتقييم الموارد الطبيعية والثقافية المتاحة في البلاد".
كما أفاد أن "الاستدامة السياحية، في النهاية، تقيس الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية للقطاع، مع التركيز على إدارة الموارد الطبيعية والتحديات البيئية العالمية. وبالتالي، لا يقتصر هذا التقرير على قياس التنافسية الاقتصادية فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على جهود الدول لضمان مرونة واستدامة قطاعها السياحي في مواجهة التحديات العالمية".
هيمنة القوى الكبرى في السياحة العالمية لعام 2024
وعلى الصعيد العالمي، ذكر الخبير السياحي أن "دول مثل الولايات المتحدة وإسبانيا واليابان تهيمن على القمة بفضل مزيج من الموارد الطبيعية، السياسات السياحية الطموحة، والبنية التحتية الحديثة، بينما يجب على دول مثل المغرب تعديل استراتيجياتها للبقاء قادرة على المنافسة. إذ تعتمد السياحة العالمية الآن على توازن معقد بين التنمية الاقتصادية والاستدامة وإدارة الموارد".
وأضاف بوحوت، أن "تصنيف الدول العشر الأوائل في عام 2024 يعكس هيمنة مستمرة للقوى الاقتصادية والسياحية الكبرى. وتتصدر الولايات المتحدة، إسبانيا، واليابان الترتيب، تليها دول أوروبية مثل فرنسا، ألمانيا، والمملكة المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، شهدت أستراليا تحسنًا في ترتيبها هذا العام. وتمكنت هذه الدول من الاستفادة من مواردها الطبيعية، بنيتها التحتية الحديثة، وسياساتها العامة المواتية للحفاظ على تنافسية قوية في قطاع سياحي يتطور باستمرار."
وتابع الخبير أنه " في عام 2024، تصدرت الولايات المتحدة الترتيب بتقييم بلغ 5.24، تلتها إسبانيا (5.18) واليابان (5.09). كما حققت اليابان تقدمًا ملحوظًا في التصنيف منذ عام 2019، عندما كانت تحتل المرتبة الرابعة. ويعكس هذا التحسن أهمية الجمع بين السياسات العامة الفعّالة، والبنية التحتية المتطورة، والأولوية الاستراتيجية للقطاع السياحي، مما مكن هذه الدول من الحفاظ على ريادتها في المنافسة العالمية مع التكيف مع التحديات المتعلقة بالاستدامة".
وأشار بوحوت إلى أنه "من بين الدول التي حققت تقدمًا بين عامي 2019 و2024، برزت أوزبكستان بانتقالها 16 مرتبة، من المرتبة 94 إلى المرتبة 78، بفضل الإصلاحات الطموحة التي شملت تحديث بنيتها التحتية السياحية وتنويع عروضها السياحية. كما حققت إندونيسيا تقدمًا ملحوظًا بـ14 مرتبة، حيث انتقلت من المرتبة 36 إلى المرتبة 22، نتيجة للاستثمارات الكبيرة في بنية النقل التحتية والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز جاذبيتها السياحية على الصعيد الدولي".
تقدم السعودية والإمارات وتراجع المغرب في تصنيف السياحة
وأضاف الخبير أن "دولا أخرى شهدت تقدمًا مثل السعودية التي حققت 9 مراتب لاحتلال المرتبة 41، بفضل استراتيجيتها في تنويع السياحة والاستثمار في مشاريع بارزة مثل مشروع نيوم. وكذلك الإمارات العربية المتحدة، التي تقدمت 7 مراتب، حيث عززت مكانتها بين الرواد العالميين بفضل الانفتاح الاقتصادي والسياسة السياحية طويلة الأجل".
واختتم حديثه قائلاً: "في المقابل، شهدت بعض الدول تراجعًا ملحوظًا، من بينها المغرب الذي خسر 12 مرتبة، حيث انتقل من المرتبة 70 في 2019 إلى المرتبة 82 في 2024. ويعود هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض جاذبية الاستثمارات في القطاع، بالإضافة إلى غياب الإصلاحات المهمة في إدارة الاستدامة. كما سجلت منغوليا تراجعًا بـ9 مراتب، والكويت بـ10 مراتب، وهما مثالان آخران لدول تواجه تحديات اقتصادية أو نقصًا في السياسات العامة التي تعزز نمو السياحة".