يقترب الرئيس دونالد ترامب من أن يصبح ثالث رئيس أميركي يواجه احتمالات العزل في الكونغرس، غير أنه أبعد عن السقوط وعن خسارة منصبه مما كان يتوقع معارضوه قبل أسابيع قليلة.
وقبل أقل من 11 شهرا تفصل عن الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أواخر 2020، يبدو الملياردير الجمهوري مستعدا ومتسلحا باستراتيجية دفاع شرسة جدا وبارقام اقتصادية جيدة.
وتعد الاتهامات الموجهة إلى الرئيس الأميركي ال45 جسيمة، إذ تشير إلى أنه أساء استخدام السلطة وعرقل عمل الكونغرس. ويلام ترامب على أنه مارس ضغطا مباشرا على أوكرانيا لكي تحقق في ملف مرتبط بجو بايدن الذي قد يرشحه الحزب الديموقراطي لمواجهته في 2020.
غير أن المعادلة السياسية تشي بأن ترامب يوشك على تجاوز هذه العقبة من دون أضرار. ويبدو أن الاستراتيجية التي اتبعها ستؤتي أكلها، وهي قامت على الطعن بصدقية كل ما يواجه به، ورفض المشاركة في الإجراءات، كما السعي إلى إظهار المحاكمة على أنها عملية حزبية سخيفة.
وتثير تصرفات ترامب في هذا الشأن سخطا بين الديموقراطيين، فيما تكتسي طابعا إيجابيا ضمن الكتلة الناخبة المؤيدة له وبين ممثلي الحزب الجمهوري في بلد يعرف استقطابا سياسيا حادا وتبدو انقساماته متجذرة.
ومن دون الدخول في تفاصيل الاتهامات، يعتبر الجمهوريون أن الديموقراطيين يسعون إلى القفز فوق نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة وتقويضها.
ويرى ديفيد اكسلرود الذي عمل مستشارا لدى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أن "القول بأن إجراءات العزل باطلة لأنها تعيد النظر بخيار الشعب يعني بأن هذه العملية المنصوص عليها في الدستور عديمة الجدوى لأن كل الرؤساء انتخبهم الشعب !".
وقد يكون من شأن المقاربة القائمة على وصم عدد من المؤسسات وعلى رأسها الكونغرس أن تترك أثرا على المدى الطويل، ولكنها تظهر ذات منفعة لدونالد ترامب.
وفي حال عدم حدوث مفاجأة كبيرة، فمن المتوقع أن يصو ت مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون خلال أيام على إجراء العزل، ليرفضه بعد أسابيع مجلس الشيوخ ذو الغالبية الجمهورية، على أن تستعيد الحملات الانتخابية مجراها الطبيعي على أنقاض ذلك.
ويعتبر البيت الأبيض أن لهذه المحاكمة أثرا وحيدا، وهو تعزيز وحدة الحزب الجمهوري خلف مرشحه وتحفيز الناخبين في الولايات الرئيسة حيث يحدد مصير جزء مهم من الانتخابات.
وقال الرئيس السبعيني مساء الثلاثاء أثناء مغادرته باتجاه مدينة هرشي الصغيرة في بنسيلفانيا للمشاركة في تجمع للحملة الانتخابية، "من العار أن يتمكن أناس من إطلاق إجراء عزل انطلاقا من لا شيء"، مضيفا "لم يسجل مسبقا مثل هذا الحماس داخل الحزب الجمهوري".
ويباهي ترامب إزاء ذلك بالنتائج الجيدة للقوة الاقتصادية الأولى عالميا . وبالفعل، تبدو الأرقام مشجعة جدا . فشبح التباطؤ الاقتصادي الذي كان يحوم فوق الولايات المتحدة قبل بضعة أشهر، ابتعد، برغم أن النمو يتباطأ منذ بداية العام.
وتبدو أرقام سوق العمل جيدة. وجاءت الأرقام الأخيرة التي نشرت الجمعة مثيرة: خلق 266 ألف فرصة عمل في نوفمبر، وهو رقم يتجاوز بكثير توقعات الاقتصاديين. كما يعد مستوى البطالة الذي وصل إلى 3,5% الأدنى منذ 1969.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "غالوب"، فإن 55% من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يعتبرون أن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة "ممتاز" أو "جيد".
وثمة توافق في الآراء راسخ ضمن الطبقة السياسية الأميركية، حول أن أرقام الاقتصاد الجيدة لا بد أن تأتي بولاية ثانية لنزيل البيت الأبيض.
هل ستصح هذه القاعدة على دونالد ترامب الذي يعد غير مألوف على كل المقاييس؟ لا أحد يعرف، ولكنها توحد حتى الآن الجمهوريين خلفه.
وبانتظار معرفة ذلك، فإن أسئلة عدة لا تزال أجوبتها مجهولة، يتقدم ها السؤال حول ختام الحرب التجارية القائمة مع الصين.