أكدت الولايات المتحدة استعداداها لمساعدة الدول، بما فيها المغرب، التي تريد إعادة الجهاديين المعتقلين من مواطنيها مع عائلاتهم من سوريا إلى بلدانهم، لكنها تشدد في الوقت نفسه على ضرورة إتمام الأمر سريعا، وعلى أنها غير معنية بإيجاد حلول لهؤلاء الجهاديين.
وتشير التقديرات إلى وجود نحو 800 مقاتل جهادي أجنبي حاليا في أيدي القوات الكردية في سوريا يضاف اليهم نساء غير مقاتلات وأطفال ينتظرون أيضا إعادتهم إلى بلدانهم.
ويتحدر هؤلاء الجهاديون من تونس والمغرب والعربية السعودية وتركيا وروسيا، إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية مثل فرنسا والمملكة المتحدة والمانيا و بلجيكا، حسب المصدر ذاته.
"الوقت يضيق"
وقال مسؤول أمريكي لوكالة "فرانس برس" طالبا عدم الكشف عن اسمه "إن الوقت الذي يمكن خلاله أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة يضيق"، مضيفا "ندعو كل الدول إلى العمل سريعا جدا على تحمل مسؤولية مواطنيها الذين توجهوا إلى سوريا للقتال إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية".
ودفع الاعلان المفاجىء للرئيس دونالد ترامب في دجنبر عن قرب سحب قوات بلاده من سوريا، إلى بدء العد العكسي للحكومات التي لديها مواطنين معتقلين بأيدي قوات سوريا الديموقراطية، لإيجاد طريقة لنقلهم إلى بلدانهم.
وتسارع العد العكسي هذا الأسبوع مع شن قوات سوريا الديموقراطية هجومها على المعقل الأخير للتنظيم الإرهابي شرقي الفرات. وفي حال نجاح هذه العملية فإن الولايات المتحدة عازمة على إعلان السيطرة الكاملة على أراضي "الخلافة" وبدء سحب قواتها من سوريا.
وتتزايد المخاوف إزاء احتمال إفلات هؤلاء الجهاديين من سيطرة القوات الكردية مع انسحاب القوات الأمريكية، ما لم يتم نقلهم سريعا إلى بلدانهم.
وباتت اليوم العديد من الدول التي كانت اختارت إبقاء الجهاديين من مواطنيها في سجون قوات سوريا الديموقراطية، مثل فرنسا، تواجه معضلة لها تشعبات دبلوماسية وقانونية ولوجستية وسياسية: كيف يمكن نقل جهاديين محتجزين في منطقة حرب لدى قوات تسيطر على أراض وليس لها صفة دولة، مع العلم أيضا أن الرأي العام الفرنسي لا يرحب كثيرا بعودة هؤلاء ولم ينس بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي ضربت مناطق عدة من البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.
ورغم الصعوبات ونتيجة الضغوط الأمريكية، يبدو أن بعض الدول وبينها فرنسا قررت نقل مواطنيها من الجهاديين إلى أراضيها.
وتكرر الإدارة الأمريكية منذ عشرة أيام وتلح على حلفائها العمل سريعا على إعادة الجهاديين من مواطنيها إلى بلدانهم.
"لتجنب العودة للقتال"
وقال السفير ناتان سيلز منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية لوكالة فرانس برس "إن نقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية وتوجيه الاتهامات إليهم هناك، هو أفضل طريقة لتجنب عودتهم إلى القتال".
وفي باريس، أكد مصدر مقرب من هذا الملف لوكالة فرانس برس أنه من "المحتمل جدا" أن يتم الاستعانة بطائرات أمريكية لنقل الفرنسيين من جهاديين وغير مقاتلين إلى فرنسا، ويقدر عددهم بأكثر من مئة غالبيتهم من القصر.
وكان قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل قال مطلع فبراير إن الولايات المتحدة تتحمل "مسؤولية تسهيل" تنفيذ هذه المهمة، مضيفا "بإمكاننا التوصل إلى اتفاقات".
وسبق أن سيرت واشنطن رحلات جوية من سوريا لنقل جهاديين إلى بلدانهم، وهي مستعدة للبحث في عدة خيارات لوجستية لتجنب القيود القانونية والسياسية التي تكبل أيدي بعض الحكومات، مثل المرور ببلد ثالث إذا لزم الأمر، قبل الوصول إلى البلد الذي يتحدر منه الجهاديون.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية في الوقت نفسه ليست مستعدة للانتظار إلى ما لا نهاية.
وقال السفير ناتان سيلز في هذا الصدد "ليست من مسؤولية قوات سوريا الديموقراطية ولا من مسؤولية الولايات المتحدة إيجاد حلول لمئات المقاتلين الإرهابيين الأجانب المحتجزين لدى هذه القوات"، ودعا البلدان المعنية "إلى عدم انتظار قيام الآخرين بإيجاد حلول لها".
أما المسؤول الأمريكي الذي طلب عدم ذكر اسمه فقال أيضا "القيام بعمليات لنقل الجهاديين لا يقتصر على مجرد إرسال طائرة إلى مطار في شمال شرق سوريا لنقلهم إلى بلدانهم الأصلية"، موضحا "أن هناك مشاكل تقنية ولوجستية" معقدة لا بد من تذليلها، مثل التأكد من جنسية كل جهادي، وجمع المحتجزين، والحصول على أذونات تحليق، وتنسيق كل هذه الأمور لضمان سيرها بالشكل المناسب.
أما الشرط الأساسي الأمريكي للمساهمة في هذه العملية فهو "عدم استعداد واشنطن تحت أي ذريعة لتحمل مسؤولية حراسة المقاتلين الإرهابيين الأجانب خلال هذه العمليات"، بحسب المسؤول ذاته.