اعتبرت جماعة العدل والإحسان، يوم أمس الأربعاء، في بيان لها، أن "بعض الأطراف التي أسند إليها الإشراف على الإصلاح الحالي لمدونة الأسرة معروفة بعدم حيادها وبنشوز مواقفها الإيديولوجية، وذلك على حساب العلماء الأتقياء الصادقين، الذين ينبغي أن تكون لهم الكلمة العليا والحاسمة في الموضوع".
وأكدت الجماعة أن "المرجعية الإسلامية ليست مجرد منطلق للتقارب والتفاهم بين المسلمين من أبناء الوطن الواحد فحسب، بل تمثل القاسم المشترك، والمنطلق المؤسّس، والمسلّمة التي لا نتصور نجاح أي نقاش عمومي حول تعديل المدونة خارج دائرتها".
وسجلت الجماعة أن "المرجعية الإسلامية ليست محصورة في القوانين؛ بل هي مشروع نهوض وبناء وحقوق وتكريم للإنسان والشعب والأمة، للمرأة والرجل، على حد سواء، بلا تفريق في الحقوق والواجبات، إلا ما خص الله به أحدهما من أحكام ومسائل تتناسب وطبيعة التكليف وأغراضه ومقاصده"، رافضة "كل اقتراح يتناقض معها".
وتابعت أن "الاجتهاد المتخصص من داخلها فيه فسحة للإجابة عن كثير من الإشكالات والمعضلات، ولا مجال، نهائيا، للتنازل عن أي حكم قطعي جاءت به شريعة الإسلام. ونقول بالاجتهاد المتخصص والمسؤول؛ لأنه من السهل أن تأتي بالشاذ من كل مذهب، لتجد نفسك، في نهاية المطاف، خارج إطار أي اجتهاد وأي التزام بأساسيات الدين".
كما سجلت أنه "من الجنايات التاريخية على هذا الدين العظيم، في كثير من الحالات، اعتماد المنطق التبريري والتلفيقي الذي يشوه أحكام الدين، ويستجيب لما تستهويه الأنفس المريضة، ويفرز اختيارات لا هي بقيت في دائرة الشرع، ولا هي قدمت إجابات وافية بالمطلوب".
وخاطبت الجماعة العلماء بأن "عليهم مسؤولية كبيرة وجسيمة، بأن يصدعوا بكلمة الحق، ولا يخافوا في الله لومة لائم، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمحاولات العبث بأقدس ما بقي بين أيدينا، ونحن من المستأمنين عليه، من الشريعة".
واعتبرت جماعة العدل والإحسان أن "منطلق التعديل اليوم في المدونة ينبعث من إرادتين؛ إرادة تريد الإصلاح وتؤمن به وتدعمه الغالبية الساحقة من هذا الشعب، من أجل تجاوز أي خلل، وإدخال كل تحسين على الموجود، وإبداع كل تجديد، في إطار ثوابت الدين الإسلامي وخصوصيات المجتمع المغربي الحضارية والثقافية، وترى أن الإصلاح في هذا المجال ينبغي أن يكون عاما لكل أحوال الأسرة وبكل مكوناتها، المرأة والطفل والرجل، وبكل مجالاتها المتداخلة من بيئة اجتماعية سليمة ومن رعاية كافية للمعوزين من أبناء الشعب، ومن إعلام هادف لمصلحة البناء الاجتماعي المتماسك، وتعليم ضامن لنقل الأخلاق والقيم البانية من جيل إلى جيل".
أما الإرادة الثانية، حسب نفس المصدر، فهي "فاسدة مفسدة لأقلية تستقوي بالسلطة وبالدعم الخارجي، وتريد أن تصبغ بفسادها كل المجتمع، وأن تعلنها حربا ضروسا داخل الأسر المغربية، من خلال محاولات رفع الجرم عن الفساد في علاقة الرجال بالنساء، وجعل الأسر بين خيارين، إما أن تكون أوكارا للفساد وشيوع الرذيلة وانتشار الفاحشة، أو ميدانا للاقتتال والحروب ينتهي بالناس إلى المقابر والمستشفيات والسجون".
وتابعت الجماعة، في نفس البيان: "إننا مع كل تواصل وتعاون عالمي على قاعدة العدل الدولي والتراحم الإنساني. وندعو إلى الاعتراف والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الإقليمية والدولية الحافظة للفطرة الإنسانية والمقرة للسلم الاجتماعي، والتي نحضرها ونسهم في إنضاجها، شريطة ألا تتعارض مع سيادة الدولة، أو تتصادم مع أصول ديننا وقطعياته، ومع خصوصياتنا الحضارية والثقافية، لاسيما وأن قضايا الأسرة ترتبط بالهوية، مباشرة، وبمدى استقلالية الدولة، فعليا، عن الخضوع لابتزازات الغير".
كما أشارت، في هذا السياق، إلى أنه "لا ينبغي تجاهل الضغط الخارجي في سياق التعديل الحالي. هذا الضغط الذي لم يتوقف يوما في هذا المجال (منذ مصادقة المغرب، سنة 1993، على اتفاقية "سيداو"، مع تحفظات..)، وفي كل مرة تستجيب السلطة المغربية لمجموعة توصيات، يتم إخراج توصيات جديدة، دون مراعاة لأي خصوصية وطنية، حتى تم، سنة 2020، تقديم إملاءات تهم قضايا مصيرية في هويتنا؛ كإلغاء نظام الإرث، وإلغاء تجريم علاقات الشذوذ والفساد، والترخيص للإجهاض، بشكل شبه مطلق، ودون قيود، ليتم، سنة 2022، إمهال السلطة المغربية أجل سنتين من قبل "سيداو" (لجنة القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة) ينتهي، في سنة 2024".