توقّفت حركة نقل الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، اليوم الأحد، بعدما علقت روسيا، أمس السبت، الاتفاق بشأن صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية الحيوية لإمدادات الغذاء في العالم.
وبرّرت موسكو تعليق مشاركتها بهجوم مكثف بطائرات مسيرة استهدف، صباح أمس السبت، سفنا عسكرية ومدنية تابعة لأسطولها في البحر الأسود المتمركز في خليج سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم.
من جهتها، ندّدت أوكرانيا بهذه "الحجة الكاذبة"، داعية إلى ممارسة الضغط على روسيا، لتلتزم مجددا، باحترام واجباتها، بموجب هذا الاتفاق الذي أبرم، في يوليوز الماضي، برعاية الأمم المتحدة وتركيا، والوحيد بين موسكو وكييف منذ بدء النزاع.
وأكّد مركز التنسيق المشترك المكلف الإشراف على تطبيق الاتفاق أن أي حركة لسفن شحن تنقل الحبوب الأوكرانية لم تسجل في البحر الأسود، اليوم الأحد.
وتمكنت تسع سفن شحن، أمس السبت، من استخدام الممر البحري في البحر الأسود، "وثمة أكثر من عشر سفن أخرى" جاهزة لذلك في الاتجاهين.
وفي كلمته المصورة اليومية عبر الأنترنت، أكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، أن القرار الروسي "لا يعود لليوم فقط. فروسيا بدأت تفاقم أزمة الأغذية العالمية، في شتنبر الماضي، عندما باشرت تعطيل حركة السفن التي تنقل منتجاتنا الزراعية".
وتابع "أنها نية واضحة لروسيا للتلويح مجددا، بهاجس المجاعة، على نطاق واسع، في إفريقيا وآسيا"، مضيفا أن موسكو عطلت حركة ما لا يقل عن 176 سفينة حتى الآن.
كما شدّد على ضرورة حصول "رد دولي صارم، على مستوى الأمم المتحدة، ولاسيما مجموعة العشرين".
بدوره، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمس السبت، إن قرار روسيا الانسحاب من الاتفاق الذي يسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا "مشين"، مضيفا خلال حديثه إلى صحافيين: "ليس هناك سبب ليفعلوا ذلك".
أما وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، فقال: "بتعليقها الاتفاق، تستخدم روسيا مجددا الغذاء سلاحا في الحرب التي شنتها، ما يخلف تداعيات مباشرة على الدول ذات الدخل المنخفض وعلى الأسعار العالمية للسلع الغذائية، ويؤجج الأزمات الإنسانية وانعدام الأمن الغذائي الخطر أساسا".
وسمح الاتفاق الذي أبرم، في يوليوز الماضي، برعاية الأمم المتحدة وتركيا، بتصدير ملايين أطنان الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية، منذ بدء النزاع، في فبراير الماضي.
وتسبب هذا الحصار بارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، مثيرا مخاوف من حدوث مجاعة.
ودعت الأمم المتحدة إلى الحفاظ على اتفاق تصدير الحبوب؛ حيث قال المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك: "من الحيوي أن يمتنع كل الأطراف عن أي عمل من شأنه أن يعرض اتفاق الحبوب في البحر الأسود للخطر"، مؤكدا أن لهذا الاتفاق "أثرا إيجابيا" لتأمين الغذاء للملايين، في مختلف أنحاء العالم.
وصعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، انتقاداته للاتفاق، في الأسابيع الأخيرة، مشيرا إلى أن الصادرات من روسيا، وهي منتج رئيسي للحبوب، تضررت بسبب العقوبات.
وبرّرت موسكو تعليق الاتفاق بهجوم بمسيرات على سفن روسية في خليج سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو؛ حيث قالت وزارة الدفاع الروسية على "تلغرام": "بالنظر إلى العمل الإرهابي الذي نفذه نظام كييف، بمشاركة خبراء بريطانيين، ضد سفن في أسطول البحر الأسود وسفن مدنية تشارك في ضمان أمن ممرات نقل الحبوب، تعلق روسيا مشاركتها في تطبيق الاتفاق حول صادرات المنتجات الزراعية من المرافئ الأوكرانية".
واعتبرت وزارة الدفاع البريطانية الاتهامات "ادعاءات خاطئة" لموسكو تهدف إلى "تحويل الانتباه".
وتقول السلطات الروسية إن الهجوم وقع، في الساعات الأولى من صباح أمس السبت، "بتسع طائرات مسيرة وسبع مسيرات بحرية"؛ ما سبب "أضرارا طفيفة" لسفينة كاسحة للألغام.
وتشكل شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، في مارس 2014، مقرا لأسطول البحر الأسود التابع لموسكو وقاعدة خلفية لوجستية لغزو أوكرانيا. واستهدفت منشآت عسكرية ومدنية هناك مرات عدة، في الأشهر الأخيرة.
وكتبت وزارة الدفاع الروسية على "تلغرام": "التحضير لهذا العمل الإرهابي وتدريب عسكريين في المركز الأوكراني الـ73 للعمليات البحرية الخاصة، نفذهما متخصصون بريطانيون مقرهم في أوتشاكوف في منطقة ميكولايف الأوكرانية".
وكذلك، اتهمت لندن بالضلوع في الانفجارات التي دمرت خطي أنابيب "نورد ستريم 1 و2"، لنقل الغاز الروسي في بحر البلطيق، في شتنبر الماضي.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في بيان: "طلبت روسيا مرارا إجراء تحقيق مشترك في الهجمات. إن رفض الدول الغربية هذا الاقتراح يؤكد أن لديها ما تخفيه".
وقبيل إعلان تعليق اتفاق الحبوب، انتقد وزير الزراعة الروسي، مجددا، النص على التلفزيون، متهما دول الاتحاد الأوروبي باحتكار الصادرات الأوكرانية التي ينبغي أن تذهب إلى البلدان الفقيرة، وهو ما سبق ونفاه مركز التنسيق الموجود في تركيا.
وقال ديمتري باتروشيف إن "اتفاق الحبوب للأسف لم يحل مشاكل البلدان المحتاجة، بل فاقمها أيضا إلى حد ما".