قررت المديرية الإقليمية للتعليم بالقنيطرة تعميم تدريس المواد العلمية والمعلوميات باللغة الفرنسية، بالنسبة للمستوى الأول والثاني، بجميع الثانويات الإعدادية، كذا تعميم التدريس باللغة الفرنسية في الجدع المشترك آداب وعلوم إنسانية بمؤسسات الثانوية، وشمل القرار المؤسسات العمومية والخصوصية.
وجاء قرار التعميم، بناء على مذكرتين بعثهما المدير الإقليمي لمدراء المؤسسات التعليمية الإعدادية والتأهيلية، بتاريخ 29 غشت الماضي و5 شتنبر الجاري، يتوفر "تيل كيل عربي" على نسخة منهما.
قرار تعميم التدريس بالفرنسية في المواد المذكورة أثار جدلاً في الإقليم، ودفع مجموعة من أولياء أمور التلاميذ لتوقيع عريضة يرفضون من خلالها خطوة المديرية الإقليمية، ويرون أن "التلاميذ غير مؤهلين في هذه المرحلة لتدريسهم للمواد العلمية والمعلوميات باللغة الفرنسية، ما قد يرفع من نسبة الهدر المدرسي، ويعيق تمدرس نسبة كبيرة منهم".
ويشتكي أولياء التلاميذ كذلك من "غياب رؤية واضحة لتعميم التعليم بالفرنسية، كذا غياب المناهج، إذ أن ثمن المقرر الواحد يتجاوز سعره الـ200 درهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إقليم القنيطرة يضم عدداً من الضواحي والقرى التي تعاني فيها الأسر من الهشاشة وجلها من أصحاب الدخل المحدود جداً، خاصة العاملين في القطاع الفلاحي".
المدير الإقليمي لوزارة التعليم محمد أدادا اعتبر، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، أن "قرار تعميم تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية يعد تنزيلاً للرؤية الاستراتيجية 2030/2015 التي وضعتها وزارة التعليم، قصد النهوض بمدارك التلاميذ، ومنحهم قدرات تعليمية تساعدهم على متابعة الدراسات الجامعية والعليا، لأنه، وبعد وصولهم إلى هذه المرحلة، يجدون جميع مواد العلوم باللغة الفرنسية".
وأضاف المتحدث ذاته أن "القرار لم يكن ارتجاليا، بل تم تعميم التمدرس باللغة الفرنسية للمواد العلمية منذ السنة الماضية، وكانت هناك نتائج جيدة لدى عدد من تلاميذ المستوى الأول إعدادي، وهؤلاء هم الذين سوف يتابعون دراستهم بنفس المناهج في السنة الثانية إعدادي، ولم يمكن التراجع عن هذا القرار".
وبالنسبة لـ"غياب المقررات الموجهة لتدريس المواد العليمة بالفرنسية"، أوضح المدير الإقليمي بالقنيطرة أن "المقررات متوفرة، وتمت مراجعة أسعارها باتفاق مع وزارة التعليم بنسبة 80 في المائة خلال الموسم الدراسي الحالي"، مشدداً على أن "سعرها اليوم لا يفوق بالنسبة لجميع المقررات 60 درهماً، وبالنسبة لتلاميذ المناطق القروية، فقد استفادوا من المقررات مجاناً في إطار مبادرة المليون محفظة".
في سياق هذا الجدل، أصدرت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بالإقليم بلاغاً عبرت فيه عن رفضها لهذه الخطوة، وقالت في بلاغها، الذي وصلت "تيل كيل عربي" نسخة منه، إن قرار المديرية يعتبر "تعسفا على التلاميذ بفرض تدريس المواد العلمية بالفرنسية كخيار واحد ووحيد بالسلك الإعدادي".
واستغربت الجامعة من ما وصفته "السعي الحثيث لترسيم تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية في أسلاك التعليم العمومي، في تناقض واضح مع مبدأ التنوع اللغوي الذي دعت إليه الرؤية الاستراتيجية، ناهيك عن مخالفته لمقتضيات الدستور المغربي، وكذا للمذكرات الوزارية الصادرة بهذا الشأن". وأضافت أنه المديرية الإقليمية "تصر"على "الاستفراد بالقرارات الاستراتيجية والمصيرية، دون إشراك فعلي للشركاء الاجتماعيين والفاعلين التربويين، كما تعمل على تنزيل غير سليم للرؤية الاستراتيجية بشكل يخل بمقتضياتها".
كما سجلت، ما اعتبرته "مخالفة المديرية الإقليمية للمراسلة الوزارية رقم 17 - 803 بتاريخ 28 يونيو 2017 في شأن انطلاق تجربة مسلك دولي بالثانوي الإعدادي؛ والتي تنص على أنه يفتح باب الترشيح لقبول التلاميذ المترشحين في هذا المسلك بناء على طلبهم وعلى النتائج المحصل عليها في الامتحان المحلي الموحد لنهاية السلك الابتدائي".
وذكرت كذلك أن المديرية "لم تحترم قرار أكثر من 95 في المائة من التلاميذ الذين اختاروا المسلك العام بالعربية (إعدادية الغرب، معاذ بن جبل، صلاح الدين الأيوبي، ومجموعة من المؤسسات بجماعات قروية : سيدي علال التازي، سوق الثلاثاء، لالة ميمونة، مولاي بوسلهام، وادي المخازن، قرية بنعودة، عرباوة، سيدي بوبكر الحاج، التي اختار التلاميذ فيها المسلك العام بنسبة 100 في المائة).
هذه الملاحظات رد عليها المدير الإقليمي محمد أدادا بالقول إن "التلاميذ لم يخيروا ولم يتم توزيع أي استمارة عليهم بشأن تدريس المواد العلمية بالفرنسية"، وأضاف: "هناك إمكانية لإعادة التوجيه، ويمكن للآباء التقدم بطلب لمصالح وزارة التعليم، قصد ادراج أسماء أبنائهم ضمن الذين يرغبون في متابعة التدريس باللغة العربية، لكن إلى حد اليوم، لم نتوصل بأي طلب، كما لم نتوصل به السنة الماضية".
واستغرب المتحدث ذاته، في تصريحه لـ"تيل كيل عربي"، من "رفض خطوة تؤدي عليها الأسر المقابل ليستفيد منها أبناؤها، ويبحثون عن تسجيلهم في مدارس خصوصية تعتمد مناهج تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية"، واعتبر أن رد فرع نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، خلفيته "إيديولوجية وليست تربوية أو تعليمية لما فيه صالح لمستقبل التلاميذ".