حين نشرت الحكومة عبر بلاغ للجنة بين الوزارية للتنسيق وتتبع جائحة "كوفيد-19"، نهاية شهر نونبر المنصرم، قرار تعليق الرحلات الجوية من وإلى المغرب، كان المضمون واضحاً بخصوص فترة إغلاق الأجواء، والتي امتدت لأسبوعين.
لكن قرار تمديد الإغلاق، اتسم بتدبير مرتبك، وغياب لخطاب رسمي واضح، أو بلاغ يحمل تفاصيل القرار باسم الحكومة.
"قرارات المصادر"
صباح الخميس الماضي (9 دجنبر)، خرج وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، عقب انتهاء المجلس الحكومي، واكتفى بالقول حين سؤل عن قرار الحكومة بشأن الإغلاق الجوي، هل سيكون التمديد من عدمه، اكتفى بالقول حينها: "مدة الإغلاق الجوي لن تنتهي إلا يوم الأحد المقبل (12 دجنبر)".
وفي غياب أي جواب رسمي ومباشر من طرف الوزير أو جهة أخرى في الحكومة، خرجت مساء نفس اليوم وكالة المغرب العربي للأنباء، بقصاصة تضمنت أن الحكومة قررت تمديد فترة الإغلاق دون أن تشير إلى مدته، وجاء فيها: "علم من مصدر مقرب من أوساط النقل الجوي، أنه تقرر تمديد تعليق الرحلات الجوية المباشرة للمسافرين من وإلى المغرب، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 29 نونبر الماضي لمدة أسبوعين، إلى تاريخ لاحق".
هذا الارتباك، فسرته مصادر تحدثت لـ"تيلكيل عربي"، بأنه "كان هناك غياب لرؤية واضحة على مستوى الدولي بخصوص انتشار متحورة (أوميكرون)، بالإضافة إلى التخوف من تأثير سرعة انتشاره على رفع عدد من الإجراءات الاحترازية في المغرب واحتمال العودة للإغلاق اللليلي ومنع عدد من الأنشطة خاصة المهنية منها".
وتابعت المصادر ذاتها، أن "ما جعل الرؤية غير واضحة أيضاً، عودة تباطؤ الحملة الوطنية للتلقيح، وعدم اقبال المغاربة على الاستفادة من الجرعة الثالثة المعززة للمناعة ضد الفيروس، والتخوف من أن تطال العدوى كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، ما سوف يعيد الضغط على أقسام الإنعاش واحتمال ارتفاع أعداد الوفيات".
وبالعودة إلى الارتباك الذي حصل في تصريف قرار تمديد الإغلاق، استمر غياب قرار رسمي صريح من طرف الحكومة، واكتفى المغاربة ببلاغ نشرته شركة الخطوط الملكية المغربية، وجاء فيه أن "إلغاء الرحلات الجوية الدولية لـ(لارام) من وإلى المغرب في كلاّ الاتجاهين سوف يستمر ابتداءً من 9 دجنبر 2021 على الساعة 18:43 إلى غاية 31 دجنبر 2021 على الساعة 23:59".
جدل توصية اللجنة العلمية
هذا الارتباك، ظهر أيضا من خلال ما تسرب حول توصيات اللجنة التقنية والعلمية لتدبير جائحة "كورونا" في المغرب، والحديث عن أنها "لم توصي بتمديد إغلاق الأجواء المغربية أمام الرحلات المدنية".
مصدر من اللجنة أوضح في حديث لـ"تيلكيل عربي" أن "توصياتها بخصوص متحورة (أوميكرون)، تأسست بناء على نتائج التقارير التي يتم التوصل بها من عدد من الدول، خاصة جنوب إفريقيا حيث يفترض أنها ظهرت لأول مرة".
وتابع: "من الناحية الصحية والعلمية، يجب إنتظار 15 يوماً منذ الإعلان عن ظهور الحالات الأولى للإصابة بـ(أوميكرون)، لمعرفة شدة خطورته وهل يسبب مضاعفات أخطر من باق المتحورات. ما كان مؤكدا عندنا، هو أن خطورته تتمثل في سرعة انتشاره أكثر من متحورة (دلتا)، وميزة طفراته الكثيرة، مقارنة مع كل المتحورات الأخرى، لكن ما يخص الأعراض وشدتها أو خطورتها، فكان لزاما انتظار انقضاء أسبوعين".
تباين المواقف بين ما صدر سواء عن الحكومة أو من خلال مصادر أو عبر شركة "لارام"، بخصوص قرار تمديد الإغلاق الجوي، والخلاف حول ذلك، ظهر جلياً في تدوينة للبروفيسور عز الدين الإبراهيمي، عضو اللجنة التقنية والعلمية لتتبع جائحة "كورونا" المستجد في المغرب.
وجاءت تدوينة الإبراهيمي، أحد أبرز الوجوه في قطاع الصحة التي رافقت تدبير الجائحة وخرجت لتصريف القرارات للمواطنين وشرحها، رداً على ما صدر عن وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، حين عاتب أعضاء اللجنة بخصوص ما صدر عنهم حول إنهاء الإغلاق، ونقلته وسائل إعلام على لسانهم.
ودعا عضو اللجنة إلى "التواصل العلمي السلس والمتواضع"، والابتعاد عن ما أسماه "الغباء التواصلي" و"نفش الريش" بخصوص القرارات "التي تكون دائما مفاجئة وبدون مقدمات".
وقال الإبراهيمي في تدوينته التي عنونها بـ"معادلة الخروج من الأزمة": "التواصل هو مفتاح الخروج من الأزمة، وربما أهم من الدواء واللقاح في عز جائحة كونية. لذا، فالكل سيتفق معي برفض أي مزايدات تواصلية، أكانت مؤسساتية أو فردية".
"سد حل"
ولم يقف الارتباك عند هذا الحد، بل إنتظر المغاربة مرة أخرى، بلاغات شركة الخطوط الملكية المغربية، لتعلن الأخيرة نهاية الأسبوع المنصرم عن تنظيم رحلات خاصة صوب 8 وجهات إنطلاقا من المغرب، ثم أضافت يوماً بعد ذلك وجهات أخرى، وكل هذا دون صدور أي قرار واضح وصريح يتحدث بالتأكيد أو النفي لما يروج نقلا عن مصادر أو عن شركة "لارام" بخصوص تمديد الإغلاق الجوي وهل هناك استثناءات سوف ترافق القرار.
لتخرج الحكومة يوم أمس الاثنين 13 دجنبر، قرار تمكين المواطنين المغاربة المقيمين فعليا بالمغرب من العودة إلى المملكة، والذين ظلوا عالقين على إثر توقف الرحلات الجوية، وبترخيص من السلطات المغربية، بصفة استثنائية، العودة عبر الرحلات الجوية للركاب انطلاقا من البرتغال وتركيا والإمارات العربية المتحدة.
وأفاد بلاغ للجنة بين الوزارية للتنسيق وتتبع جائحة "كوفيد-19"، بأن هذه العملية، التي ستنطلق ابتداء من الأربعاء 15 دجنبر الجاري، تهم، حصريا، المواطنين المغاربة المقيمين فعليا بالمغرب والذين غادروا التراب الوطني مؤخرا.
ولم يشر البلاغ إلى التفاصيل الأخرى المتعلقة بالترخيص بالسفر إلى خارج المغرب، رغم أن "لارام" وكما تمت الإشارة له سابقاً، أعلنت عن برنامج رحالات إنطلاقاً من المغرب نحو باق الوجهات حول العالم.
ورغم عدم وجود قرار صريح، بمنع السفر من المغرب إلى الخارج، تناقل مجموعة من المواطنين منذ دخول قرار تعليق الرحلات الجهوية حيز التنفيذ، حالات منعهم من السفر إلى الخارج، وكانت الحالة الأبرز لشاب مهندس كان يفترض أن يسافر إلى إلمانيا من أجل العلاج، لكن تعذر عليه ذلك، وتم إرجاعه حسب تدوينة نشرها على حسابه في "فيسبوك"، بعدما طلب منه الحصول على رخصة للسفر.
وزاد من الارتباك، هو ما جاء في بلاغ شركة "لارام" خلال اتخاذ قرار الإغلاق أول مرة، أو حين نقلت هي نفسها تفاصيل تمديدها، ماء جاء فيه بكون رحلاتها "متوقفة من وإلى المغرب".
في السياق ذاته، يبقى عدم منع السفر من المغرب إلى الخارج، بدوره غامضاً وغير واضح، خاصة وأن الحكومة لم تتحدث عن مصير من سوف يقررون السفر إذا رغبوا في العودة خلال فترة استمرار الإغلاق الجوي عبر الرحلات العادية أو الاستثنائية.
هذا الجانب، تطرق له الزملاء في موقع "هسبريس"، ونشرت الجريدة الإلكترونية نقلا عن مصادرها في الخطوطة الملكية المغربية، أن "المغاربة الذين سوف يسافرون خلال هذه الفترة لن يعتبروا عالقين، وليست لديهم أحقية العودة طيلة فترة الإغلاق".