كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي برسم 2023-2024، عن وجود اختلالات وقصور على مستوى تبرير الموارد والنفقات المصرح بها من طرف الهيئات السياسية والنقابية، داعيا وزارة الداخلية بمواصلة المجهودات الرامية إلى حمل هاته الأخيرة على إرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة أو غير المستعملة أو غير المبررة إلى الخزينة، كما أوصى هذه الهيئات بالعمل على تسوية وضعيتها إزاء الخزينة.
وفي التفاصيل، أفاد المجلس أن مجموع الموارد المصرح بها من قبل 29 حزبا التي أدلت بحساباتها عن سنة 2022، بلغ ما يناهز 152.96 مليون درهم، بما فيها الدعم الإضافي المقدم من طرف الدولة لسبعة أحزاب سياسية لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث. وبالمقابل، بلغ إجمالي النفقات المصرح بصرفها ما قدره 130,65 مليون درهم.
وسجل التقرير نقائص على مستوى تبرير الموارد المحصلة من قبل خمسة أحزاب، بما مجموعه 5.19 مليون درهم، همت استخلاص موارد دون تقديم وثائق الإثبات القانونية بشأن تحصيلها (3,08 مليون درهم)، وتجاوز السقف القانوني المحدد في عشرة آلاف درهم للاستخلاص نقدا (2.11 مليون درهم).
كما تم تسجيل قصور على مستوى إثبات صرف 26 في المائة من النفقات من قبل 24 حزبا، بلغ مجموعها 34.35 مليون درهم؛ تتوزع بين نفقات لم يتم دعمها بوثائق الإثبات القانونية (17,25 مليون درهم)، ونفقات لم يتم دعمها بوثائق الإثبات الكافية أو باسم الحزب (1,46 مليون درهم)، ونفقات مرتبطة بصرف الدعم السنوي الإضافي لم يتم دعمها بوثائق الإثبات القانونية (15.64 مليون درهم).
وفي نفس الإطار، خلص المجلس إلى وجود نقائص بخصوص الوثائق المدلى بها ضمن الحسابات السنوية والإشهاد بصحتها من طرف خبير محاسب، وكذلك جودة مسك المحاسبة استنادا إلى الدليل العام للمعايير المحاسبية والمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، علاوة على أداء نفقات نقدا، رغم أن مبلغ كل نفقة منها يساوي أو يتجاوز السقف القانوني المحدد في عشرة آلاف درهم.
وعليه، أوصى المجلس وزارة الداخلية بمواكبة الأحزاب السياسية، من خلال تنظيم دورات تكوينية هادفة لفائدة أطر هذه الأخيرة، بغرض تيسير استعمالها للمخطط المحاسبي الموحد، وكذا إعداد دليل للمساطر المحاسبية واعتماد نظام معلوماتي للمحاسبة مشترك بين الأحزاب السياسية يمكنهم من استغلال أنجع للمخطط المحاسبي الموحد.
وتفعيلا للتوجيهات الملكية، بتاريخ 12 أكتوبر 2018، الرامية إلى مواكبة الأحزاب السياسية والرفع من مستوى أدائها، شهدت سنتا 2021 و2022 تعديل وتتميم المقتضيات القانونية المتعلقة بصرف واستعمال الدعم العمومي الممنوح للأحزاب السياسية، بهدف الرفع منه وتخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار. وعلى أساس هذه التعديلات، تم صرف الدعم السنوي الإضافي، برسم سنة 2022، ما بين شهري شتنبر ونونبر، لفائدة سبعة (7) أحزاب سياسية، بمبلغ إجمالي قدره 20.10 مليون درهم، حسب التقرير.
ووسجل المجلس أن حزبين قاما بإرجاع إجمالي الدعم السنوي الإضافي الممنوح لهما إلى الخزينة، لعدم استعماله (2.76 مليون درهم).
ونظرا لقصر المدة الفاصلة بين تاريخ صرف الدعم السنوي الإضافي (ما بين شهري شتنبر ونونبر 2022) والأجل القانوني لتقديم ملفات الاستعمال (متم شهر دجنبر من سنة 2022)، تعذر على الأحزاب المستفيدة احترام هذا الأجل؛ إذ أودعت ملفات استعمال الدعم لدى المجلس، خلال الفترة الممتدة ما بين شهري مارس وغشت 2023.
ووقف المجلس على بعض الملاحظات المرتبطة بتطبيق المقتضيات المتممة للمرسوم المتعلق بتحديد كيفيات توزيع الدعم السنوي وطرق صرفه، المتخذ تطبيقا للقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية (المادة 33)، والتي تتعلق، أساسا، بتحديد المرسوم أجل الإدلاء بمستندات إثبات صرف الدعم الإضافي، في متم السنة المعنية بالدعم. في حين حددت مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية الأجل الأقصى لتقديم الحسابات السنوية، في متم شهر مارس من السنة الموالية.
كما تم ربط الاستفادة من الدعم الإضافي برسم السنة الموالية بـ"التصريح بمطابقة صرف الأحزاب المعنية للمبالغ الممنوحة لها في هذا الباب للغايات التي منحت من أجلها" من قبل المجلس؛ مما يوحي بإسناد اختصاص جديد للمجلس يتجاوز المهام المنوطة به، بمقتضى القانون التنظيمي سالف الذكر (المادة 44) ومدونة المحاكم المالية (المادة 3)، في إطار تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها بخصوص الدعم العمومي.
ومن أجل رفع نجاعة تدبير الدعم السنوي الإضافي وتحقيق الغايات التي منح من أجلها، أوصى المجلس رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية بملاءمة مقتضيات المرسوم المتعلق بتحديد كيفيات توزيع الدعم الممنوح للأحزاب السياسية وطرق صرفه مع مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية والقانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
من جهة أخرى، كشف التقرير أن 24 حزبا سياسيا ومنظمة نقابية واحدة قاموا، إلى غاية 05 دجنبر 2024، بإرجاع مبالغ الدعم العمومي الممنوح لها في إطار الدعم السنوي للمساهمة في تغطية مصاريف التدبير، والدعم الإضافي لتغطية المصاريف المترتبة عن الأبحاث والدراسات والمهام، والمساهمة في تغطية مصاريف الحملات الانتخابية للهيئات السياسية والنقابية، بما مجموعه 38,40 مليون درهم.
وتتوزع المبالغ المرجعة ما بين 19 مليون درهم (سنة 2022)، و10.55 مليون درهم (سنة 2023)، و8,85 مليون درهم (من فاتح يناير إلى حدود 15 أكتوبر 2024).
وشملت المبالغ المرجعة الدعم غير المستحق (9,66 مليون درهم)، والدعم غير المستعمل أو المستعمل لغير الغايات التي منح من أجلها (21.18 مليون درهم)، والدعم الذي لم يتم إثبات صرفه بوثائق الإثبات القانونية (7,56 مليون درهم).
وسجل المجلس إرجاع مبلغ قدره 1.60 مليون درهم من قبل 8 أحزاب، خلال المرحلة التواجهية قبل إصدار التقرير النهائي المتعلق بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها، برسم الدعم العمومي لسنة 2023
فيما لم يرجع بعد 13 حزبا سياسيا ومنظمتان نقابيتان ما مجموعه 22 مليون درهم من مبالغ الدعم غير المبررة أو غير المستعملة الواردة في تقرير المجلس عن تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها، برسم الدعم العمومي للسنة المالية 2022.
وأشار المجلس إلى أنه سيواصل تتبع حصيلة الإرجاع في تقريره برسم الدعم العمومي لسنة 2023.
وتبعا لما سبق، أوصى المجلس وزارة الداخلية بمواصلة المجهودات الرامية إلى حمل الهيئات السياسية والنقابية على إرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة أو غير المستعملة أو غير المبررة إلى الخزينة، كما أوصى هذه الهيئات بالعمل على تسوية وضعيتها إزاء الخزينة.
وبعد مصادقته على التقارير المتعلقة بفحص حسابات الحملات الانتخابية للمترشحين، برسم الاقتراعات المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلسي البرلمان والجماعات الترابية لسنة 2021، ونشرها على بوابته الإلكترونية، بتاريخ 08 يونيو 2023، قام المجلس، بتاريخ 9 نونبر 2023، بإحالة ملفات 21 منتخبا من مجالس الجماعات الترابية الذين تخلفوا عن إيداع حسابات حملاتهم الانتخابية إلى المحاكم الإدارية المختصة، قصد مباشرة الإجراءات اللازمة للتصريح بتجريدهم من عضوية مجالس الجماعات الترابية التي انتخبوا من أجلها، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 159 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
كما وجه المجلس قوائم تضم 474 مترشحا باسم 28 حزبا (468 مترشحا)، ومنظمة نقابية واحدة (مترشح واحد)، وبدون انتماء لحزب سياسي (5 مترشحين)، لم يودعوا حسابات حملاتهم الانتخابية لدى المجلس إلى وزير الداخلية لاتخاذ الإجراءات القانونية، وذلك عملا بمقتضيات المادة 96 من القانون التنظيمي 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والمادة 97 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، والمادة 158 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
وتمت إحالة القوائم المذكورة إلى الجهات المختصة بعد عدة مبادرات شملت توجيه إعذارات إلى المتخلفين عن إيداع حسابات حملاتهم الانتخابية، ودعوة المسؤولين الوطنيين للهيئات السياسية والنقابية المعنية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحمل المترشحين المعنيين على تقديمها إلى المجلس، في أقرب الآجال، وذلك تفاديا لتطبيق العقوبات القانونية، لاسيما فقدان الأهلية لانتخابات أعضاء مجلسي البرلمان ومجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية، طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين، وكذلك التجريد من عضوية المجالس المذكورة، دون الإخلال باتخاذ الإجراءات والمتابعات بشأن المبالغ التي تم تحويلها لفائدتهم، والتي يعود مصدرها إلى مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية.