يشهد الاقتصاد المغربي تحولات مستمرة في ظل التغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية، ويأتي قطاعا الخدمات التجارية غير المالية وتجارة الجملة في صدارة القطاعات التي تعكس هذه التغيرات.
انخفاض ملحوظ في قطاع الخدمات التجارية غير المالية
وحسب مذكرة صادرة حديثا عن المندوبية السامية للتخطيط توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منها، اليوم الأربعاء، سجل قطاع الخدمات التجارية غير المالية تراجعا واضحا، خلال الفصل الرابع من سنة 2024؛ حيث أشار 49 في المائة من أرباب المقاولات إلى انخفاض النشاط الاقتصادي، في حين رأى 35 في المائة منهم أن القطاع شهد تحسنا.
ويرتبط هذا التراجع بالانخفاض المسجل في بعض الأنشطة المحورية؛ مثل الاتصالات، والنقل الجوي، والأنشطة العقارية، التي تأثرت بتباطؤ الطلب والاستثمارات.
في المقابل، سجلت أنشطة أخرى تحسنا ملحوظا، لاسيما في قطاع الإيواء، والنقل البري، والنقل عبر الأنابيب، والتخزين والخدمات الملحقة بالنقل؛ حيث استفادت هذه المجالات من ارتفاع الطلب وتحسن تدفقات السلع والخدمات.
أما على مستوى استغلال الطاقة الإنتاجية، فقد بلغت القدرة الإنتاجية المستعملة 74 في المائة؛ مما يعكس مرونة القطاع في التعامل مع التحديات.
قطاع تجارة الجملة يحقق استقرارا في المبيعات
وعلى عكس قطاع الخدمات التجارية غير المالية، شهد قطاع تجارة الجملة أداء أكثر استقرارا، خلال الفصل الرابع من سنة 2024؛ حيث سجلت مبيعات الجملة في السوق المحلي ارتفاعا حسب 36 في المائة من أرباب المقاولات، بينما أكد 53 في المائة منهم استقرارها.
ويرجع هذا النمو إلى انتعاش الطلب على بعض الفئات من المنتجات؛ مثل تجهيزات صناعية أخرى، والمواد الفلاحية الأولية، والحيوانات الحية، إضافة إلى بعض أصناف تجارة الجملة المتخصصة.
أما على مستوى التوظيف، فقد أفاد 77 في المائة من المقاولات بأن عدد المشتغلين ظل مستقرا؛ مما يعكس ثبات سوق العمل في هذا القطاع.
كما أكد 86 في المائة من تجار الجملة أن مستويات المخزون كانت طبيعية؛ مما يدل على توازن العرض والطلب.
وبخصوص الأسعار، فقد سجل 68 في المائة من أرباب المقاولات استقرارها، بينما أشار 27 في المائة منهم إلى انخفاض الأسعار، وهو ما قد يكون نتيجة لتحسن العرض أو انخفاض الطلب في بعض الفئات التجارية.
تفاؤل حذر في قطاع الخدمات التجارية غير المالية
ويتوقع أرباب المقاولات العاملون في قطاع الخدمات التجارية غير المالية تحسنا طفيفا، خلال الفصل الأول من سنة 2025؛ حيث يتوقع 37 في المائة منهم تحقيق نمو في النشاط، بينما يرى 8 في المائة فقط أن النشاط قد يتراجع.
ويرتبط هذا التفاؤل بانتعاش متوقع في بعض الأنشطة؛ مثل النقل البري، والنقل عبر الأنابيب، والتخزين والخدمات الملحقة بالنقل، والبرمجيات والخبرة الاستشارية والأنشطة المعلوماتية.
في المقابل، من المتوقع أن تشهد بعض الأنشطة الأخرى تراجعا، لاسيما خدمات البريد، والأنشطة المعمارية والهندسية، وأنشطة المراقبة والتحليل التقني، التي قد تتأثر بضعف الطلب والاستثمارات.
أما في ما يخص الطلب، فإن 68 في المائة من أرباب المقاولات يتوقعون استقراره، بينما يرجح 27 في المائة منهم تسجيل ارتفاع.
وفي ما يتعلق بالتوظيف، فإن 48 في المائة من المقاولات تتوقع استقرار عدد المشتغلين، بينما ترجح 31 في المائة منها تسجيل زيادة؛ مما قد يشير إلى خلق فرص عمل جديدة في بعض المجالات.
قطاع تجارة الجملة أمام رهانات الاستقرار والنمو
أما بالنسبة لتجار الجملة، فتشير التوقعات إلى استقرار عام في النشاط؛ حيث يتوقع 64 في المائة من أرباب المقاولات استقرار حجم المبيعات، في حين يتوقع 28 في المائة منهم تحقيق نمو.
ويرتبط هذا الارتفاع المتوقع بزيادة مبيعات بعض المنتجات؛ مثل اللوازم المنزلية، والمواد الغذائية والمشروبات والتبغ، وتجهيزات صناعية أخرى، التي قد تستفيد من انتعاش الطلب المحلي.
في المقابل، هناك مخاوف من تراجع في مبيعات بعض المنتجات، خصوصا المواد الفلاحية الأولية، والحيوانات الحية، التي قد تتأثر بتقلبات العرض والطلب.
أما على مستوى دفاتر الطلب، فإن 74 في المائة من المقاولات تتوقع أن تكون في مستوياتها العادية؛ مما يعكس استقرار السوق.
وبخصوص التشغيل، فإن 79 في المائة من أرباب المقاولات يتوقعون استقرار عدد المشتغلين، وهو ما يعكس توجها عاما بعدم إجراء تغييرات كبيرة في اليد العاملة، خلال هذه الفترة.