تقرير النموذج التنموي للصحراء الذي أعاد بنموسى إلى الواجهة

المختار عماري

عين الملك محمد السادس، يوم الثلاثاء 19 نونبر، شكيب بنموسى رئيسا للجنة إعداد النموذج التنموي الوطني الجديد. بنموسى هو نفسه الذي أشرف على إعداد النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، عندما كان رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، والذي جرت المصادقة عليه بالإجماع من طرف الجمعية العمومية للمجلس، في دورة استثنائية في 24 أكتوبر 2013. "فلاش باك" حول أسلوب الرجل في العمل، وخلاصات تقريره التي شكلت "ثورة" في وقتها.

دعا الملك محمد السادس، في خطاب 6 نونبر 2012، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي كان يرأسه شكيب بنموسى، إلى وضع نموذج تنموي جديد للأقاليم الجنوبية، لتنطلق سلسلة من المشاورات، شملت 1500 شخصية من تلك الأقاليم، ضمت برلمانيين ومستشارين ورؤساء الجهات، ووزارات الداخلية والاقتصاد والمالية والسكنى والفلاحة والتعليم والتجهيز والصحة والطاقة والمعادن  والسياحة والثقافة وولاة الجهات .  وشملت المشاورات أيضا المكتب الشريف للفوسفاط، ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية ، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الأعلى للتعليم، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وجامعة الغرف الفلاحية والنقابات والأبناك.

تشخيص أسود

يعترف تقرير النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، منذ البداية، بمجهودات الدولة التي لايمكن نكرانها ، لكنه بالمقابل لايتردد في تقديم التشخيص الحقيقي للوضع. يقول التقرير : "لايمكن القول بأن إقلاعا اقتصاديا قد تحقق في هذه الجهات , فمفعول الإطار التحفيزي والنفقات العمومية على القطاع الخاص بقي محدودا، ومايزال النسيج الاقتصادي، المركز بالأساس على الأنشطة الأولية ، لم يتوجه بما فيه الكفاية صوب أنشطة تحويلية أو منتجات ذات قيمة مضافة عالية، كما أن المهارات المحلية وفعالية الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني لم تحظ حتى اليوم بالتثمين والدعم الكافيين".

وبناء على ما سبق، فإن "فرص الشغل بقيت غير كافية، ومستوى البطالة مرتفع (15 % مقابل 9% وطنيا)، وخصوصا في صفوف الشباب في(28%)، وحاملي الشهادات (41 %)، والنساء (35%). ويضاف إلى صعوبة الإدماج المهني ، مشاعر الحرمان والإحساس بالحيف ، والتعبير عن الضرورة الملحة للاستجابة الفورية للانتظارات، وكثيرا ما يكون ذلك في ارتباط مع ضعف منظورية سياسات المساعدة الاجتماعية، ذلك أن آليات المساعدة رغم حجمها الهام من حيث الميزانية والمساعدات العينية أو المالية".

مقترحات جريئة

بعد 10 أشهر من العمل، اقترح المجلس إجراء عدد من التحولات الهامة، من أبرزها:

1- استعادة الثقة عبر تشجيع مشاركة السكان وضمان سمو القانون . وفي هذا الإطار، قال التقرير: "إن مصداقية الدولة وعملها في الأقاليم الجنوبية رهين بالتدبير الفعال للشؤون العمومية، في إطار شفاف وواضح، يضمن ولوج المواطنين إلى المعلومة. من ثمة يتعين على الإدارات والمؤسسات العمومية أن تنشر للعموم حساباتها ومبادئها في التدبير، طبقا للفضل 154 من الدستور، مع الحرص على احترام مبدأ المساواة بين المواطنين في المعاملة( في معالجة الملفات وتدبير الحقوق والموارد).

2- القطع مع سياسة الريع ، عبر تحرير المبادرة الخاصة. ويف هذا الإطار يقول التقرير "من الضروري العمل على الانتقال من اقتصاد الريع  الذي يعتمد على الأنشطة الأولية والامتيازات إلى إطار يشجع الاستثمار الخاص المنتج للثورة، وفرص الشغل، ويضمن الشفافية، واحترام قواعد المنافسة الشريفة(...) ولوج الموارد الطبيعية يجب أن يكون أكثر إنصافا وتشجيعا للتنمية المحلية ، مع ربط الرسوم المطبقة عليها بمستوى الاستثمار، وحسب مستوى خلق القيمة المضافة وفرص الشغل المحلية".

3- نظام تحويلات نقدية مشروطة يستهدف الساكنة الهشة . ويقترح التقرير في هذا الباب "  إقرار نظام تحويلات نقدية مشروطة يستهدف الفئات الأكثر هشاشة عوض منطق المساعدات المعتمد حاليا، وهو ما من شأنه تعزيز قدرات الأفراد ومواكبة اندماجهم، وكذا الساكنة التي اندمجت مؤخرا في هذه المناطق".

4- تدبير الموارد الطبيعية وتوزيعها باعتماد مبدأي الاستدامة والإنصاف لفائدة الساكنة. (...) ويقتضي هذا المنظور "رؤية وممارسات  مجددة في مجال استغلال الموارد البشرية والهدف من ذلك إشراك السكان وممثليهم ، وتأمين استفادتهم الفعلية من هذه البرامج استفادة منصفة وعادلة".

5- تعويض السياسات الاجتماعية الحالية باستراتيجية مندمجة للتنمية البشرية

6- الاعتراف بالثقافة كحق ورافعة للتنمية

7- القطع مع استراتيجية المدى القصير واعتماد مبادئ وضوابط الاستدامة

8- فك العزلة عن الأقاليم الجنوبية

9- كسب رهان الجهوية المتقدمة.