أكد تقرير أعدته مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمنظومة الصحية بمجلس النواب، تم تقديمه ومناقشته خلال جلسة عمومية اليوم الثلاثاء، على أهمية الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية بالمغرب، وذلك في سياق جائحة " كوفيد-19" .
وقدم التقرير مجموعة من المقترحات والتوصيات الكفيلة بتجاوز مختلف المعيقات المرتبطة أساسا بالتحديات التنظيمية، والموارد البشرية والتمويل، فضلا عن الاكراهات الكبرى المتعلقة بالحكامة والبنيات التحتية، والتي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من السياسات العمومية الرامية للنهوض بالقطاع الصحي بالمغرب.
ووقف التقرير، عند حيثيات هذه الاختلالات المتعلقة أساسا بغياب بعض التشريعات، والحاجة لمراجعة وتعديل مجموعة من القوانين السارية المفعول، بالإضافة إلى وضع نصوص قانونية جديدة وإصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بها، فضلا عن إخراج المؤسسات المنصوص عليها في التشريعات إلى حيز الوجود، والعمل على وضع مدونة عامة للتشريع الصحي.
وتطرق التقرير أيضا إلى التحديات التنظيمية للقطاع الصحي والبنيات التحتية التي لازالت تعاني من إكراهات وإشكالات ترتبط بشكل أساسي بضعف البنيات التحتية وغياب العدالة المجالية في توزيعها وضعف التجهيزات الضرورية لضمان جودة الخدمات الطبية والشبه الطبية، وكذا نظام الحكامة والتمويل الصحي الذي يعاني بدوره من نقص من حيث الموارد المادية والبشرية مقارنة مع توصيات المنظمة العالمية للصحة.
كما أشار التقرير إلى عدد من المقترحات والتوصيات المرتبطة بآليات والوسائل الحديثة من قبيل الانفتاح على آليات عصرية ومتطورة كاعتماد التجارب السريرية والتفكير في التمويلات المبتكرة أخذا بعين الاعتبار الممارسات الفضلى في التجارب الدولية الرائدة في مجال البحث والتنمية التطبيقي في مجال علوم الصحة والانسان.
وشددت هذه المبادرة النيابية كذلك على أن الاهتمام بمجالات التكوين في العلوم الصحية، خاصة اقتصاد الصحة، الذي أضحى من الأولويات الراهنة لتعزيز منظومة التكوين والبحث العلمي المتخصص، وكذا النهوض بالرأسمال البشري المؤهل والقادر على مواكبة جل المستجدات في هذا المجال العلمي الحيوي.
ومن أجل السير قدما نحو تحقيق هذه الأهداف الطموحة، اقترح التقرير العمل على صياغة وتنزيل مدونة خاصة تعنى بالمنظومة الصحية والذي من شأنه أن يشكل وعاء قانوني شامل وناجع لتجاوز مختلف الاكراهات والتحديات.
وفي معرض تدخلاتهم، أبرز النواب البرلمانيون مختلف الاشكاليات المرتبطة بالقطاع الصحي بالمغرب، وخاصة التمويل الصحي التي اعتبروها من بين العقبات التي تقف حجر عثرة أمام إصلاح القطاع الصحي، مشيرين إلى أنه لا يمكن الحديث عن الزيادة في عدد الموارد البشرية أو التحسين من البنيات التحتية دون الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع، وذلك قصد الوصول للمستويات التي تحددها منظمة الصحة العالمية.
وأكدوا أيضا على ضرورة توحيد تدبير التغطية الصحية في قطب واحد للحد من التجزئة في تجميع الموارد، وتحسين القدرة على إعادة توزيع الأموال المدفوعة مسبقا، داعين أيضا إلى المزيد من الاستثمار في الصحة كقطاع إنتاجي واقتصادي للأجيال القادمة وليس كقطاع اجتماعي فقط، بالإضافة إلى توجيه تكاليف المقاصة نحو آليات مندمجـة للحماية الاجتماعية والسجل الاجتماعي الموحد خاصة لتمويل تكاليف الصحة.
ودعا النواب كذلك إلى تنويع مصادر التمويل من خلال إضافة ضرائب خاصة بالصحة، والانفتاح على القطاعات الوزارية والجهات والقطاع الخاص، ووضع آليات لتحفيز هذا الأخير على تمويل البحث العلمي والابتكار، إضافة إلى إرساء سياسة دوائية ناجعة وفعالة قادرة على الوفاء والاستجابة لحاجيات ومتطلبات المغاربة، وسن ومراجعة مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمنظومة الصحية. كما أعربوا عن أملهم في أن تجد توصيات هذا التقرير، الذي لامس مختلف الجوانب المرتبطة بالمنظومة الصحية، طريقها إلى التنزيل وأن تعتمد كمساهمة من المؤسسة التشريعية لإصلاح المنظومة الصحية في إطار التعاون والتكامل بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، مؤكدين في الوقت ذاته على أهمية التعبئة الجماعية لإنجاح الورش الملكي المتعلق بالتغطية الاجتماعية، وذلك بهدف الارتقاء بالمنظومة الصحية الوطنية الكفيلة بالاستجابة لانتظارات المغاربة.