تقرير: روسيا مضطرة إلى الاستثمار في شمال إفريقيا

بشرى الردادي

في ظل ضغوط العقوبات المتزايدة على روسيا، وانهيار العلاقات الاقتصادية مع الغرب، نمت أهمية شمال إفريقيا بالنسبة للسياسة الخارجية والاقتصاد الروسيين، بشكل كبير.

وحسب تقرير صادر عن مجلس الشؤون الدولية الروسي (RIAC)، يوم الخميس الماضي، تحت عنوان: "ديناميكيات التنمية المالية والاقتصادية لدول شمال إفريقيا: الفرص المتاحة لروسيا في الظروف الجديدة"، فإن شمال إفريقيا تعد واحدة من أسرع المناطق نموا، ليس فقط في العالم العربي، ولكن أيضا في القارة الإفريقية؛ حيث نما الناتج المحلي الإجمالي المشترك لدول المنطقة، في سنة 2023، بنسبة 4.2 في المائة، مقارنة بنسبة 1.6 في المائة في دول الشرق الأوسط، و3.2 في المائة في دول إفريقيا جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن المغرب ومصر هما محركا النمو.

وسجل التقرير أنه رغم ذلك، لا تزال دول هذه المنطقة تعاني من العديد من المشاكل، وخاصة تلك التي تتعلق، في المقام الأول، بضمان الأمن الغذائي، والاستقرار الاقتصادي الكلي، حيث يمكن أن تشارك روسيا في حلها.

وأضاف المصدر نفسه أنه في سياق التغيرات العالمية، تسعى إفريقيا العربية بنفسها إلى بناء علاقات بناءة مع موسكو. وتتجلى هذه النية، على وجه الخصوص، في انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس"، وحصول المغرب والجزائر على وضع شركاء في هذه المنظمة.

وأبرز التقرير أن الشركات الروسية تتعاون، حاليا، مع دول شمال إفريقيا في مجالات الزراعة، وإنتاج النفط وتكريره، والصناعات المعدنية والكيميائية والغذائية، والطاقة النووية، والفضاء، والتعليم. ومن بين الشركات التي تنفذ مشاريع اقتصادية في هذه المنطقة، هناك "Rosatom"، و"Renova"، و"Lukoil"، و"Alorsa"، و"Rosneft"، و"Nordgold".

وتابع المصدر نفسه، بناء على بيانات "The Valdai Club"، أن حجم التجارة مع إفريقيا زاد، بشكل عام، بنسبة 1.5 مرة، من 12.2 مليار دولار إلى 17.7 مليار دولار، بين سنتي 2011 و2021؛ حيث شكلت دول شمال إفريقيا حوالي 70 في المائة من هذا الحجم. وبحلول نهاية سنة 2023، ارتفع هذا المؤشر بنسبة 37 في المائة، مقارنة بسنة 2022، ليصل إلى 24.5 مليار دولار.

وأفاد بأنه خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2024، بلغ حجم التبادل التجاري 18.6 مليار دولار (بزيادة نسبتها 18.5 في المائة)، مسجلا أن ما يقرب من 90 في المائة من الصادرات الروسية إلى القارة الإفريقية تمثلت في محاصيل الحبوب (حصة 25 في المائة)، والنفط والمنتجات النفطية (22 في المائة)، بالإضافة إلى المعادن والمنتجات المعدنية. بالمقابل، استوردت روسيا، بشكل رئيسي، المنتجات الزراعية.

كما أبرز التقرير أنه من المجالات المهمة للتعاون بين موسكو ودول شمال إفريقيا؛ هناك تطوير صناعة التكنولوجيا المالية، من خلال إدخال نظام الدفع الرقمي والمدفوعات عبر الهاتف المحمول. وتمثل مصر 9.6 في المائة من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في جميع أنحاء إفريقيا؛ حيث تقوم بتنفيذ 65 مشروعا في هذا المجال، بينما تمثل تونس 6 في المائة، والمغرب 4 في المائة، وفقا لتقرير صادر عن "BDO South Africa"، مشيرا إلى إمكانية أن يكون إدخال نظام تسوية موحد وتطوير العلاقات في مجال المصارف الإسلامية محركا لنمو التعاون في القطاع المالي بين روسيا وشمال إفريقيا.

ومن أجل نمو حجم التجارة الروسية مع دول شمال إفريقيا، قال الخبير في معهد الشرق الأوسط، سيرغي بالماسوف، إنه سيكون من الضروري تنويع صادرات روسيا، مشيرا إلى أن عبء الديون الثقيل لدول شمال إفريقيا يمثل عائقا آخر أمام نمو حجم التجارة التجارية مع دول المنطقة.

أما بالنسبة للمغرب، فسجل بالماسوف أنه رغم كونه دولة أكثر استقرارا سياسيا وأكثر تطورا من الناحية التكنولوجية، مقارنة بجيرانه، فسيكون من الصعب على روسيا منافسة الأوروبيين في المشاريع الابتكارية المقامة فيه.