تقرير: كيفية تعامل إدارة ترامب مع المشاريع الأطلسية سيحدد اتجاه علاقة أمريكا مع المغرب

بشرى الردادي

في ظل الترقب والانتظار تجاه سياسيات ترامب الجديدة، أفاد تقرير صادر حديثا عن "Atlantic Council" بأن المغرب يعتبر الدولة الإفريقية التي قد يتعزز موقعها مع عودة الرئيس الأمريكي، سواء بالنسبة لواشنطن، أو على الصعيد العالمي.

وسجل التقرير نفسه أن المغرب هو أحد أقدم حلفاء أمريكا؛ حيث كان أول دولة اعترفت باستقلالها، في عام 1777، عندما فتح السلطان محمد الثالث موانئ المملكة أمام السفن الأمريكية. وفي عام 1787، أصبح هذا الاعتراف الضمني رسميا بتوقيع معاهدة السلام والصداقة، التي ما زالت سارية حتى اليوم.

وتابع أنه تم تصنيف المغرب حليفا رئيسيا من خارج حلف "الناتو"، في عام 2004، لافتا إلى أنه يلعب دورا مهما في أنشطة أمريكا في المنطقة، بما في ذلك في الحرب الدولية ضد الإرهاب.

وأضاف المصدر نفسه أن ترامب استذكر هذه الروابط، في دجنبر 2020، عندما اعترف بمغربية الصحراء، وذلك قبل بضعة أسابيع من نهاية ولايته الأولى. وبعد شهر من ذلك، زار السفير الأمريكي لدى المغرب مدينة الداخلة لبدء عملية فتح قنصلية. لكن الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، لم يحقق هذا المشروع.

وأبرز التقرير أن الدعم الفرنسي الجديد (الذي تم الإعلان عنه أمام البرلمان، خلال زيارة ماكرون للمملكة، الشهر الماضي) قد يساعد في تسريع هذا الملف.

واعتبر أن الدور المحوري الذي سيكون للمغرب ليس محط شك، مهما كانت إستراتيجية ترامب في الشرق الأوسط، قبل أن يستدرك: "لكن المملكة حددت لنفسها دورا مستقبليا يتجاوز الشرق الأوسط، إلى جنوب حاضنته الإفريقية".

وأوضح التقرير أن المغرب، الذي عاد إلى الاتحاد الإفريقي، في عام 2017، يواصل تعميق بصمته في القارة، وهو الأمر الذي أخذته فرنسا في الحسبان، ما جعلها تفكر في كيفية الاعتماد على المملكة لاستعادة الأرض المفقودة في إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل، مشيرا إلى أن واشنطن قد تتبع نفس النهج، خاصة في ظل إعلان عاهل البلاد، في نونبر 2023، عن مبادرة جديدة تمكن دول الساحل (مالي، النيجر، تشاد، بوركينا فاسو) من الوصول إلى المحيط الأطلسي، من خلال مشاريع تنموية واسعة النطاق.

وأبرز المصدر نفسه أن هذه الخطة تحتوي على مكون أطلسي طموح سيتطلب، بلا شك، التنسيق مع أمريكا، مضيفا أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال شراكة التعاون الأطلسي التي تم إطلاقها، في شتنبر 2023، والتي تشمل العديد من الدول الإفريقية، بما في ذلك المغرب، ودول الساحل؛ مثل السنغال، ونيجيريا.

وتابع التقرير أن هناك مبادرات أخرى وتحديات يمكن أن يتعاون فيها المغرب وأمريكا، بما في ذلك مكافحة تجارة المخدرات التي تعبر من أمريكا الجنوبية عبر الساحل، والتي أصبحت مرتبطة، بشكل متزايد، بالحركات الإرهابية التي زرعت الفوضى في المنطقة، على مدار عشرين عاما.

وأضاف أن كيفية تعامل إدارة ترامب مع هذه المشاريع الأطلسية سيحدد اتجاه علاقة أمريكا مع المملكة، نظرا إلى الدور المركزي الذي يلعبه المغرب في هذه المبادرات.

واعتبر التقرير أن تحركات ترامب بشأن قانون خفض التضخم قد يؤثر، أيضا، على موقع المغرب في خريطة واشنطن، موضحا أن الاقتصاد المغربي استفاد من هذا القانون.

كما سجل أن اقتصاد المغرب يعتمد، من بين أمور أخرى، على الإمدادات من الدول المرتبطة باتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا؛ بحيث كان لدى المملكة اتفاقية تجارة حرة مع هذه الأخيرة، منذ يناير 2006. ومع تطبيق قانون خفض التضخم، توجهت الشركات الصينية نحو الاستثمار في المغرب، بغرض الحفاظ على الوصول إلى الأسواق الأمريكية. وفي الوقت نفسه، كان هذا النظام مربحا للمغرب؛ حيث عزز خلق الوظائف على أراضيه، ونقل التكنولوجيا إليها، فضلا عن تحديد موقعه كلاعب رئيسي في صناعة الطاقة الخضراء في إفريقيا.

وأبرز التقرير أن المغرب يعتمد على اقتصاده، الذي يعد من الأقوى في إفريقيا، لتحقيق طموحاته الإقليمية، وتعزيز تأثيره، مشيرا إلى أنه، بالفعل، ثاني أكبر مستثمر في القارة بعد جنوب إفريقيا.

ولفت المصدر نفسه إلى أنه في حال تعاون ترامب مع الكونغرس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، لإلغاء قانون خفض التضخم أو تقييد السياسة، فقد يصبح المغرب أقل جذبا للصين؛ مما يؤدي إلى تقليل الاستثمارات. وفي حال تصاعد التوترات بين هذه الأخيرة وأمريكا، فقد يراجع المغرب إستراتيجيته التي تتسم بالمسافة المتساوية بين القوتين العظميين.

وأوضح التقرير أنه مع كون الصين، الآن، الشريك التجاري الأول لإفريقيا، بامتلاكها خمسة أضعاف حجم التجارة مع القارة مقارنة بأمريكا، فإن كيفية تعامل ترامب مع الشراكة المغربية ستكشف الكثير عن نواياه تجاه إفريقيا.

واعتبر المصدر نفسه أن إفريقيا التي تنتظر إدارة ترامب الثانية ليست هي نفس إفريقيا التي تركتها إدارته الأولى، في عام 2021، موضحا أنها تغيرت، بشكل عميق، بفضل جائحة "كورونا"، وأزمة الطاقة التي تلت حرب أوكرانيا، وسلسلة من الانقلابات في الساحل، والحرب الأهلية في السودان، وتقوية مجموعة "بريكس" من الاقتصادات الناشئة، وأكثر من ذلك، قبل أن يختم: "وفي كل من هذه القضايا، لدى المغرب صوت سيكون له وزن في واشنطن".