"هل سيعود اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء بمزيد من الفائدة أو الضرر عليها؟"، هكذا تساءل "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي"، في تقرير نشره، يوم أمس الأربعاء، معتبرا أن هذا الأمر كان العقبة الرئيسية، رغم تطور العلاقات بين البلدين، بسرعة.
وتوقع المعهد أن يؤدي الاعتراف إلى تحسين العلاقات بين إسرائيل والمغرب، بشكل كبير، والتغلب على الحواجز التي أعاقت تقدمهما، لاسيما في المجال الدبلوماسي، من خلال رفع مكاتب الاتصال الخاصة بهما إلى سفارات دائمة، وتعزيز الجوانب الأخرى للعلاقات أيضا.
وتابع أنه في الوقت نفسه، قد يكون لهذا التطور آثار تتجاوز العلاقات الثنائية، لاسيما بالنظر إلى الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل، فيما يتعلق بسياستها تجاه الفلسطينيين.
الاعتراف مقابل سفارة إسرائيلية
وفق نفس المصدر، فعلى مدى العامين الماضيين، زاد حجم التجارة الثنائية، بشكل كبير، وظهر تعاون جديد في البحث والثقافة والرياضة، وزار مئات الآلاف من الإسرائيليين المغرب. كما تم تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، لافتا إلى مواصلة المغرب تعزيز قدراته العسكرية لمواجهة التهديدات من جبهة البوليساريو الانفصالية، التي تتلقى الدعم من الجزائر وإيران؛ حيث يفعل ذلك جزئيا، بمساعدة إسرائيل.
وذكر بأنه، في العام الماضي، وحده، تبادل كبار العسكريين من كلا البلدين الزيارات العامة، وتم توقيع اتفاقيات بشأن الأمن والتعاون السيبراني، بالإضافة إلى التوصل إلى صفقات أسلحة، بما في ذلك بيع الطائرات بدون طيار وأنظمة للدفاع الجوي.
وعلى الرغم من هذه التطورات المثيرة للإعجاب، حسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، لا تزال العلاقات بين البلدين تفتقر إلى عناصر مهمة؛ كرفع مستوى مكاتب الاتصال إلى السفارات الكاملة - وهي خطوة تم الاتفاق عليها ولكن لم تتحقق بعد - واجتماعات القمة بين القادة المعنيين.
وتوقع ذات المصدر أن يؤدي اعتراف إسرائيل بالسيادة المغربية على الصحراء إلى تسهيل إزالة العقبات، وتمهيد الطريق لمزيد من التقدم، مضيفا أن هذه الخطوة مهمة أيضا، بالنسبة للجوانب الأخرى للعلاقات الثنائية، وكذلك في السياق الأوسع للساحة الدولية؛ مما يمثل آثارا محتملة يجب أن تكون إسرائيل مستعدة لها.
التفاعل الدولي مع الاعتراف الإسرائيلي
حسب التقرير، ينسجم الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم تسلط إدارة بايدن الضوء عليه، ومن المحتمل جدا أنها لم تكن لتقدم مثل هذا الاعتراف في المقام الأول، مشيرا إلى أنه، في الوقت نفسه، تحتفظ دول غربية أخرى بمواقف أكثر غموضا. لذلك، قد تجتذب هذه الخطوة انتقادات دولية؛ مما يضاعف من الانتقادات الحالية لإسرائيل، بشأن أفعالها في الأراضي الفلسطينية.
علاوة على ذلك، يضيف المعهد، يرى البعض في العالم العربي أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل خطوة إستراتيجية تخدم الهدف الإسرائيلي المتمثل في إقامة موطئ قدم أقوى في إفريقيا، ويتهمونها بالتخطيط لتفاقم الانقسامات في العالم العربي.
وتابع أنه يمكن لمؤيدي نظرية المؤامرة هذه أن ينظروا إلى الدعم الإسرائيلي للموقف المغربي على أنه تدخل في الشؤون الداخلية لدولة عربية. ومع ذلك، فإن العديد من الدول في المعسكر السني البراغماتي تدعم موقف المغرب، في حين أن المعارضين الأساسيين للسيادة المغربية على الصحراء - إيران والجزائر - معادون بالفعل لإسرائيل.
وعلى العكس من ذلك، وفق المصدر نفسه، فإن الاعتراف بالسيادة المغربية يمكن أن يوفر مزايا كبيرة لتعزيز العلاقات بين إسرائيل والمغرب وتعزيز مصالح إسرائيل، في سياقات أوسع. ومن المحتمل أن تتوقع إسرائيل الحصول على بعض الفوائد من هذه الخطوة، بالنظر إلى أهميتها للمغرب.
مكافآت المغرب الأربع لإسرائيل
أفاد التقرير بأن ما يتصدر قائمة المكافآت المحتملة، بالطبع، افتتاح سفارات دائمة في كلا البلدين؛ مما سيعزز العلاقات، بشكل كبير، دبلوماسيا ورمزيا. يمكن أن يكون هذا مهما، بشكل خاص، نظرا للتحديات الحالية التي تواجهها إسرائيل في علاقاتها مع الدول العربية الأخرى التي وقعت معها معاهدات السلام والتطبيع، بسبب التوترات في الساحة الفلسطينية.
وتابع أن المكافأة الثانية، التي تعود بالنفع المتبادل أيضا، ستكون تبادل الزيارات والاجتماعات، على أعلى مستوى سياسي، ومع الملك محمد السادس، وهي خطوة سعت إليها إسرائيل، عدة مرات، خلال العامين الماضيين؛ حيث عقد آخر اجتماع رسمي بين ملك مغربي ورئيس وزراء إسرائيلي، في يوليوز 1999، عندما حضر رئيس الوزراء، آنذاك، إيهود باراك، جنازة الملك الراحل الحسن الثاني. وخلال الزيارة، التقى باراك بالملك محمد السادس، بعد وقت قصير من جلوسه على العرش، معتبرا أن الاجتماع مع الملك، بعد 25 عاما، سيكون معلما سياسيا مهما لإسرائيل.
وتشمل المكافأة الثالثة المتوقعة، والتي ستكون مفيدة لكلا البلدين، توسيع الروابط الاقتصادية. وتتمثل الخطوة الأولى التي يمكن تنفيذها، بسرعة نسبية، حسب المعهد، في التوقيع على معاهدة حماية الاستثمار، التي يجري التفاوض بشأنها، منذ ما يقرب من عامين؛ حيث ستوفر هذه المعاهدة الحماية القانونية للمستثمرين الإسرائيليين في المغرب، ويمكن أن تسهل الوصول إلى التحكيم الدولي، في حالات نزاعات الاستثمار، على غرار معاهدة الاستثمار الموقعة مع الإمارات العربية المتحدة، في عام 2021. ويمكن أن تنطوي خطوة إضافية على توقيع اتفاق للتجارة الحرة، ذكر على أنه تطور محتمل.
وتكمن الفائدة المحتملة الرابعة، حسب المصدر نفسه، في مجال العلاقات المتعددة الأطراف في شكل دعم مغربي لإسرائيل في المحافل الدولية، والمساعدة في توسيع دائرة التطبيع.
وأكد التقرير على أنه يجب على إسرائيل توضيح توقعها للدعم في منتديات؛ مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. والأكثر أهمية، هو المساعدة الدبلوماسية في تعاملاتها مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، لاسيما تلك الموجودة في الجزء الغربي من القارة؛ حيث يتمتع المغرب بنفوذ سياسي، بالإضافة إلى وجود تجاري ومالي كبير.
هناك قلق...
ومع ذلك، يقول التقرير، هناك قلق من ألا تحظى إسرائيل بكل هذا؛ حيث ينبع الخوف من اعتبارات المغرب الداخلية والعربية، لاسيما التزامه الطويل الأمد بالقضية الفلسطينية، والتي تحظى بشعبية كبيرة بين الكثيرين، في المغرب، وعبر العالم العربي.
وتابع أن التزام المغرب تجاه الفلسطينيين والمسلمين المقيمين في القدس - الذي كرره، كثيرا، كبار المسؤولين، بمن فيهم عاهل البلاد نفسه - يحد من قدرته على توسيع العلاقات مع إسرائيل، خلال فترات التوتر الإسرائيلي الفلسطيني المتصاعد. وهكذا، انتقد المسؤولون المغاربة، في الأشهر الأخيرة، بشكل متكرر، التصريحات والإجراءات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وفي الحرم القدسي الشريف. ويشمل ذلك إدانة وزير الخارجية، ناصر بوريطة، لتصريحات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، في مارس 2023، عندما نفى وجود الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن هناك حساسية متزايدة فيما يتعلق بالقدس، والحرم القدسي، على وجه الخصوص، كما يتضح من الانتقادات الشديدة التي وجهها المغرب، بعد الاشتباكات هناك؛ حيث يترأس الملك محمد السادس لجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي تشمل أهدافها حماية التراث الثقافي والديني للقدس، ودعم مجتمعاتها الإسلامية. وفي هذا السياق، قامت اللجنة، منذ إنشائها، في عام 1995، بتمويل مشاريع مختلفة في المدينة تعود بالفائدة على سكانها المسلمين، في مجالات عدة؛ مثل التعليم، والثقافة، والرعاية الاجتماعية.
وشدد على أن هذا المنصب يلعب دورا مهما في جهود الملك لتعزيز شرعيته الدينية، محليا، وفي العالم الإسلامي. وبالتالي، في حين أن تقدم العلاقات بين إسرائيل والمغرب يمكن أن يحقق العديد من الفوائد، فقد يؤدي ذلك إلى مطالبة المغرب بوجود أكبر في الحرم القدسي؛ مما يضيف مصالح فاعل إضافي إلى ساحة حساسة بالفعل.
وأضاف تقرير "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" أنه من المعقول أن سياسة إسرائيل في بسط سيطرتها في الضفة الغربية، إلى جانب عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية المحتملة على إحراز تقدم نحو حل القضية الفلسطينية، يمكن أن تشكل تحديات للمغرب في تعزيز العلاقات، من خلال الإجراءات البارزة؛ مثل افتتاح سفارة إسرائيلية في الرباط.
وسجل أنه يمكن لمثل هذه الإجراءات أن تضخم الانتقادات الحالية للعلاقات الإسرائيلية المغربية، والتي تم الاستماع إليها، بالفعل، في بعض الأوساط - بما في ذلك من قبل حزب العدالة والتنمية الذي كان في السلطة، عندما تم توقيع اتفاقية التطبيع. علاوة على ذلك، هناك عداء كبير تجاه إسرائيل بين عامة الجمهور المغربي؛ إذ وفقا لاستطلاع نشره البارومتر العربي، في شتنبر 2022، عارض 64 في المائة من المستطلعين، أو عارضوا بشدة، التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.