تلقى تجنيدا سيبرانيا.. توقيف قاصر "أبدى قابلية كبيرة لارتكاب أعمال إرهابية"

محمد فرنان

شدّد بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أنه "لا يماري أحد في الدور الكبير الذي ينهض به العلماء في مكافحة التطرف، وتحصين الشباب ضد محاولات الاستقطاب والتجنيد التي تنهجها الجماعات الإرهابية من أجل توسيع بنياتها التنظيمية، ومضاعفة أتباعها "المنذورين للموت" الذين ينشطون في إطار ما يسمى "بالجبهات الجهادية"".

وأضاف في كلمة المديرية في اللقاء التواصلي الذي عقده المجلس العلمي الأعلى من أجل الاستماع إلى لتجربة القائمين على التنمية والتدبير، الأحد المنصرم، أن "هذا الجزم، نابع من أن الفكر الضال لا يواجه إلا بالفكر القويم، وأن تصحيح مظاهر الغلو والتعصب لا يكون إلا ببسط تعاليم الدين الصحيحة التي تحضّ على التسامح والاعتدال والوسطية".

وتابع: "بل إن الحاجة لمساهمة العلماء أصبحت ملحة وضرورية، بسبب المخاطر المستجدة التي تحدق بالمجتمع والأسرة المغربية، فقد رصدت مصالح الأمن تنامي "الاستقطاب الأسري"، وهو عندما يستغل الزوج أو الأب أو الشقيق الأكبر سلطته المعنوية لتجنيد واستقطاب محيطه الأسري، مثلما حدث في خلية الأشقاء الثلاثة بمنطقة حد السوالم، أو بالنسبة للخلية النسائية، أو ما يسمى بخلية "الدولة الإسلامية في بلاد المغرب الإسلامي"".

وأوضح أن "هناك خطر تجنيد الأطفال القاصرين، مثلما حدث بحر هذا الأسبوع في خلية "طوليدو" التي تم تفكيكها من طرف السلطات الإسبانية بتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وحالة القاصر المغربي البالغ من العمر 14 سنة، والذي تم توقيفه خلال الأسبوع الماضي بعدما أبدى قابلية كبيرة لارتكاب أعمال إرهابية بمجرد تلقيه لتجنيد سيبراني بسيط".

ولفت الانتباه إلى أن "مثال على مساهمة العلماء في مكافحة التطرف والاستقطاب، يكفي أن نستشهد بأن ورش إعادة هيكلة الحقل الديني، لاسيما ما تعلق منه بالركن المؤسسي المرتبط بتقنين أماكن العبادات، ومأسسة الفتوى، كان له دور كبير في تجفيف منابع الاستقطاب المباشر، مما دفع بالتنظيمات الإرهابية للبحث عن بدائل جديدة مثل التطرف السريع انطلاقا من الشبكات التواصلية".

وأورد أنه "قبل سنة 2004، كانت التنظيمات الإرهابية تراهن على قاعات الصلاة غير المهيكلة، وعلى تجمعات "الدعوة"، كفضاء للاستقطاب وفق الأسلوب الكلاسيكي، أي متابعة الأشخاص المستهدفين، ممن تظهر عليهم ميولات متطرفة، ودعوتهم لجلسات التلقين والتأطير العقدي، والتدريب على "الأَمنيات"، وهي التدابير الاحترازية للتخلص من المتابعات الأمنية".

وأبرز المتحدث ذاته، أن "الاستقطاب كان يمر عبر أربع مراحل، وهي مرحلة "التصفية"، وتتمثل في اختيار التابع الذي تظهر عليه علامات التطرف، ومرحلة "التربية" التي يتم فيها تلقين الشخص المستقطب المرتكزات النظرية للفكر المتطرف، ثم مرحلة "الإعداد"، وتشمل الإعداد المادي الذي يتحقق بتوفير العدة والعتاد، والإعداد النفسي الذي يتمثل في التأهيل الذهني لتقبل الأفكار "المتطرفة"، وأخيرا تأتي مرحلة "الجهاد"، أي الجاهزية للقيام بالاقتحام أو الغزوة".

وأضاف أنه "ابتداء من سنة 2004، سوف يتم تقويض هذا الاستقطاب المباشر بفضل التدابير الإصلاحية التي جاء بها ورش إعادة هيكلة الحقل الديني، مما دفع بالتنظيمات الإرهابية للبحث عن آليات جديدة للاستقطاب المعلوماتي، والذي تصدت له المصالح الأمنية، حيث تم توقيف أكثر من 600 متطرف من رواد المنصات التواصلية، ممن كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية وفق أسلوب "الذئاب المنفردة".

وأشار إلى أنه "تبرز مساهمة العلماء كذلك ضمن برنامج مصالحة داخل السجون، فبالرغم من أن تفتيت بنية التطرف لدى أشخاص شاركوا في التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية ليس بالأمر السهل، إلا أن هذا البرنامج راكم العديد من النجاحات الإصلاحية المهمة".

وذكر أن "هذا البرنامج شارك فيه حوالي 310 معتقلا في قضايا الإرهاب، من ضمنهم 177 معتقلا تم الإفراج عنهم بعدما استفادوا من العفو الملكي السامي، و39 معتقلا تم تخفيض عقوباتهم، كما برهن باقي المشاركين عن قابليتهم لتصحيح معتقداتهم المتطرفة، فمنهم من تقدم بطلبات لاستكمال الدراسة، ومنهم من انخرط في الأنشطة المنظمة داخل الفضاء السجني".

وأشار إلى أنه "حتى على المستوى الاجتماعي، فقد نجح العديد ممن استفادوا من برنامج مصالحة في إعادة الاندماج ضمن أوساطهم الاجتماعية والمهنية، فمنهم من أسّس مشاريع مدرة للعائد المالي، ومنهم من عاود استئناف نشاطه المهني أو الحرفي، ولكن تبقى النتيجة الأهم، هي انتفاء تسجيل حالات العود إلى الإرهاب في صفوف هؤلاء المعتقلين".