تنفيذ الأحكام القضائية ورقمنة الخدمات.. تحديات تؤثر على ثقة المواطنين في المؤسسات

خديجة قدوري

رصد التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة وسيط المملكة عدة اختلالات تتعلق بعدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة وأشخاص القانون العام، مما يهدد الثقة في النظام القضائي.

كما أشار التقرير إلى تحديات متزايدة في رقمنة الخدمات الإدارية، التي تساهم في خلق صعوبات جديدة أمام المواطنين وتعرقل وصولهم إلى خدمات فعالة وسلسة.

تنفيذ الأحكام القضائية

رصد تقرير وسيط المملكة الاختلالات المتعلقة بعدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة وأشخاص القانون العام، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة تمثل إخلالًا يستدعي التصدي له بشكل عاجل. وأكد التقرير تزايد التظلمات المقدمة من الأطراف المتضررة بسبب عدم تنفيذ الأحكام، مما يعزز شعورهم بعدم الثقة في فعالية القضاء، ويشكل انتهاكًا للمقتضيات الدستورية التي تحتم احترامها من قبل الجميع، ما يهدد الثقة في مؤسسة القضاء ويقوض الأمن القانوني المنشود.

ونبه إلى أن تمظهرات الإخلالات المرتبطة بعدم تنفيذ الأحكام القضائية تتعدد، بدءًا من تجاهل الإدارة للأوامر التنفيذية وامتناعها الصريح عن التنفيذ، وصولًا إلى التأخير المفرط في تنفيذ الأحكام رغم تذييلها بالصيغة التنفيذية. هذه الإخلالات تترتب عنها آثار سلبية على المحكوم لهم، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للجوء إلى مساطر إضافية لضمان التنفيذ، بينما تتحمل الإدارة تبعات تأخير التنفيذ، التي قد تصل إلى غرامات مالية أو حجوزات قد تمس ممتلكاتها أو أموالها.

وذكر أن صور التجاهل تشمل أيضًا تنفيذًا جزئيًا أو معيبًا للأحكام، فضلاً عن تمسك الإدارة بمبررات غير منطقية سبق أن رفضتها المحكمة خلال مراحل التقاضي. كما يلجأ بعض المسؤولين إلى فرض صعوبات قانونية أو واقعية لا أساس لها، مع الدفع بعدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ الأحكام، بالإضافة إلى محاولة إثارة مخاوف تتعلق بالاضطراب الاجتماعي أو المساس بالأمن العام، في حالة تنفيذ بعض الأحكام التي قد تؤدي إلى آثار مالية أو اجتماعية.

رقمنة الخدمات

وانتقل التقرير السنوي إلى رصد الاختلالات المرتبطة برقمنة بعض الخدمات الإدارية، حيث أشار إلى أن الرقمنة تقدم العديد من الفوائد مثل الشفافية واختصار الوقت والجهد، لكنها في بعض الحالات تسهم في خلق صعوبات إضافية نتيجة لسوء استخدام التكنولوجيا أو عدم ضبط آليات عملها. هذه الإخلالات تؤدي إلى نتائج عكسية، مما يساهم في ترسيخ غياب التفاعل الفعّال مع المواطنين ويزيد من العقبات التي تحد من الولوج إلى الخدمات الإدارية، مما يؤثر سلبًا على التصور العام حول فعالية الرقمنة.

لفتت الوثيقة إلى أن عدم معالجة طلبات المرتفقين عبر المنصات الرقمية يعكس إخلالات تدبيرية تتعلق بنظام المعلومات المستخدم من قبل الإدارات. وتابعت الوثيقة أن هذه الإخلالات تؤدي إلى حرمان المواطنين من حقهم في المشاركة في الإجراءات، مما يشكل انتهاكًا لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص. وهذا يؤدي إلى مسؤولية الإدارة في تعويض الأضرار في حالة ثبوت الإخلال في تقديم الخدمة.

وتابعت الوثيقة بالإشارة إلى أن التحول الرقمي في تقديم الخدمات الإدارية يجب أن يتم جنبًا إلى جنب مع توفير معايير أمنية وصحية لحماية المعطيات الشخصية. كما أن غياب موثوقية البيانات والخدمات الإلكترونية قد يعوق الممارسة الفعّالة للحقوق. وأكدت الوثيقة على ضرورة أن تضمن الإدارات توفير حلول بديلة للمواطنين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى الخدمات الرقمية، سواء بسبب ضعف المهارات التقنية أو محدودية الوصول إلى التقنيات الحديثة.