كشف مصدر من داخل اللجنة الوطنية لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، اليوم الأربعاء، لموقع "تيلكيل عربي"، أنه تقرر تأجيل المسيرة الوطنية التي كان من المقرر تنظيمها، يوم غد الخميس 25 أبريل الجاري، إلى يوم 06 ماي المقبل، وذلك باقتراح من وسيط بين الطلبة وبين اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مقابل وعد بفتح باب الحوار بين جميع الأطراف.
وقال المصدر نفسه إن التأجيل لم يقتصر على المسيرة الوطنية فقط، بل طال برنامجا نضاليا كبيرا يمتد لأربعة أسابيع.
خليوني مني ليهم...
وتابع مصدر "تيلكيل عربي": "الوسيط المذكور أخبرنا بأن الوزير طلب منه التحني جانبا؛ حيث قال له بالحرف: خليوني مني ليهم، ما دخلوش بيني وبينهم"، مسجلا أن "رئيس الحكومة منع، بدوره، البرلمانيين من الجلوس مع طلبة الطب".
واسترسل: "لكن خلال هذا الأسبوع، جاءنا الوسيط باقتراح جديد من طرف ميراوي؛ وهو العودة إلى مقاعد الدراسة لمدة يومين، كعربون عن حسن نية من طرفنا تجاه الوزارة، حتى يتم فتح باب الحوار. ما طلبه منا الوسيط هو الاستجابة للاقتراح، حتى يمتلك هو أداة ضغط على الوزارة الوصية".
تخوين وانقسامات
وأوضح المصدر: "بعد توصلنا بالمقترح، أجرت اللجنة بثا مباشرا في مجموعة فيسبوكية تضم جميع طلبة الطب بالمغرب تقريبا، وأعلنت عن اقتراح الوسيط، لكن الاستجابة كانت خايبة! أفرز التصويت نسبة رفض بلغت 99 في المائة، لدرجة أن هؤلاء الطلبة شككوا في اللجنة، واتهموها بأنها باعت الماتش".
وأضاف: "اعتبروا أن يومين غير تخربيقة؛ بحيث إلا مشاو دخلوا يومين، صورتهم عند الرأي العام غتضرب. كما أنه تم نشر مغالطات حول توقف الإضراب. وكان تخوف أنه كاين لي يقدر يدخل يقرا وما يرجعش يخرج. الطلبة حاليا منقسمون. هناك حالة من انعدام الثقة بيننا".
وتابع: "تحاول اللجنة فتح حوار مع الوزارة، لكن الطلبة رافضون، البتة، لمقترح العودة إلى مقاعد الدراسة، لمدة يومين. بالمقابل، هم موافقون على اقتراح تأجيل المسيرة الوطنية. لقد اخترنا حلا من الاثنين".
سنضحي بـ10 في المائة منكم...
وأضاف المصدر نفسه أن ضغط الوزارة وصل إلى درجة تعرض الطلبة لتهديدات مفادها: "نحن مستعدون للتضحية بعشرة في المائة منكم من أجل 90 في المائة المتبقين؛ بمعنى أنكم غتاكلوا الشحط غتاكلوا الشحط".
من جهة أخرى، سجل مصدر "تيلكيل عربي" أنه "لم يتم أي توقيف جديد في حق الطلبة، خلال هذا الأسبوع".
سنة بيضاء
أما بخصوص تهديد الطلبة الأطباء بإعلان "سنة بيضاء"، كقرار تأديبي لهم بسبب الإضرابات ومقاطعة الدراسة والامتحانات، فأكد مصدر "تيلكيل عربي": "إنه إجراء غير مخيف لأغلبية الطلبة. ولكن الانقسام واقع وسط الطلبة لي معاودين العام"، قبل أن يخلص إلى القول: "على العموم، لا شيء واضح، حاليا، نحن ننتظر رد الوسيط".
قرار وزاري ارتجالي
وفي نفس السياق، اعتبر علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي"، أن "تهديد" الطلبة الأطباء بإعلان "سنة بيضاء"، كقرار تأديبي لهم بسبب الإضرابات ومقاطعة الدراسة والامتحانات، "ليست الحل الأمثل أمام رهانات وتحديات المنظومة الصحية الوطنية"، داعيا الحكومة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى "إدارة الخلافات باستحضار روح الحكمة والتبصر والإقناع الواعي والمسؤولية، من خلال حوار فعّال بمفهوم القيم والمصلحة العليا للوطن".
وسجل لطفي أنه "في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تغطية العجز والخصاص الكبير في الموارد البشرية المؤهلة، والتي تجاوزت 33 ألف طبيب و65 ألف ممرض وتقني صحي، فضلا عن تغطية الحاجيات ومتطلبات الأوراش من مستشفيات ووحدات صحية، وما تطلبته من استثمارات عمومية ضخمة، يسير وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عكس هذا التيار العام، في طريقة إدارته للخلافات مع طلبة الطب والصيدلة، بعد أزيد من أربعة أشهر من الإضراب ومقاطعة الدراسة والامتحانات، دون البحث عن حلول مرضية، والعودة إلى استئناف الدراسة في جميع كليات الطب والصيدلة بالمغرب".
وتابع أنه "بدل استحضار روح الحكمة والتبصر والإقناع الواعي والمسؤولية، وفتح حوار فعال مع اللجنة الممثلة للطلبة، اختار الوزير، مع الأسف، لغة التهديد والاتهامات، بتدخل جهات خارجية عن الكلية، وممارسة بعض الطلبة الترهيب في حق زملائهم لمنعهم من مواصلة الدراسة".
ووصف لطفي قرار ميراوي بـ"الارتجالي، ليس فقط لانعكاساته على الطلبة وأوليائهم، بل على المشاريع الوطنية الكبرى وملايير الدراهم التي تم استثمارها لتأهيل منظومتنا الصحية وتحقيق رؤيتها وأهدافها، بتكوين أطباء وممرضين، بغرض تغطية العجز وتحقيق جودة العلاجات بكفاءات وطنية بدل الحديث عن استيراد أطباء من خارج الوطن".
وأضاف أن "كل ما جاء على لسان الوزير أمام نواب الأمة كإجراءات لتجاوز حالة الاحتقان، بإلغاء كل الإجراءات التأديبية في حق بعض الطلبة، وتجاوز مشكلة الأصفار والدورة الاستدراكية، تعتبر مهمة جدا، إذا تم تغيير طريقة إدارة الخلافات مع الطلبة".
كما دعا لطفي الوزير إلى "عقد لقاء مع لجنة الطلبة لتجاوز حالة الاحتقان وإقناعهم بقبول تقليص سنوات الدراسة من 7 إلى 6 سنوات، مع التأكيد على معادلة شهادة الطب في ست سنوات، وإصلاح النظام البيداغوجي بتوظيف المزيد من الأساتذة الأطباء، مع الاستجابة لمطالب أخرى ذات أهمية ولها تكلفة مالية، ولو على مراحل، وإعمال ثقافة الحوار بتوقيع اتفاق بين الوزارة وممثلي الطلبة بحضور وزير الصحة والحماية الاجتماعية والنقابة الوطنية للتعليم العالي فرع الأساتذة الأطباء عن المكتب التنفيذي".