توجهات المغرب الزراعية.. خبراء "فيت نيجوس" يتحدثون لـ"تيلكيل عربي" عن مواجهة الجفاف وزيادة الإنتاج

خديجة قدوري

أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عن التدابير التي ستتخذ في الموسم الفلاحي الجديد، بهدف تعزيز الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي.

وفي هذا السياق، توصل "تيلكيل عربي" بقراءة تحليلية لمحتويات البرنامج الإصلاحي المعتمد من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات للموسم الفلاحي لسنة 2024/2025، من قبل خبراء شركة الأطلسي "فيت نيجوس"، ممثلين في السخاري عبد الكريم، المدير العام والمستشار المعتمد من طرف وزارة الفلاحة.

برنامج إصلاحي زراعي شامل

وجاء في القراءة التحليلية، أن هذا البرنامج الذي تمت انطلاقته من منطقة مكناس-الحاجب بحضور وزير الفلاحة أحمد البواري حاول احتواء مجموعة من الإشكاليات المركبة التي طفت على السطح بشكل تدريجي وبدرجات متفاوتة منذ ما يقارب ستة سنوات بشكل تراكمي حتى أصبحت تشكل مشكلا هيكليا أضحى من الواجب التعامل معه بجدية أكثر وعمق أكبر وجاهزية حاضرة، لأنه أصبح يهدد الطاقة الشرائية للمواطن والنشاط الاقتصادي لمعظم القطاعات الحيوية بالبلاد.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن تحقيق أهداف هذا البرنامج كليا لن يتأتى في ظرف موسم واحد أو موسمين، بل يتطلب ذلك سنوات من الإصلاح والبناء، ولقد كانت مضامين هذا البرنامج تتمحور حول تنزيل إمكانيات مادية وتقنية ولوجيستيكية هائلة من طرف الحكومة تهم بالخصوص الفلاح الصغير والمتوسط.

هذا وقد اتسعت دائرة الدعم والمواكبة التقنية بشكل ملفت مقارنة مع السنوات الماضية، بهدف تخفيف العبء على الفلاح الصغير حتى يساهم هو الآخر في إثراء المنتوج الفلاحي لهذه السنة.

وذكر الصدر ذاته، أنه من خلال الاطلاع على هذا البرنامج، يتبين انخراط الحكومة بشكل كبير ومكثف في شخص وزارة الفلاحة ومجموعة القرض الفلاحي ووزارة المالية وشركة سوناكوس والفيدراليات البيمهنية ومكاتب الاستثمار الفلاحي والتعاضديات الفلاحية ومكاتب التعاون الفلاحي وجمعيات الاستشارة الفلاحية الخاصة وغيرها من المؤسسات العمومية والخاصة التي أبانت عن انخراطها في هذا المشروع الضخم الذي يعتبر قطبا حيويا للاقتصاد الوطني.

نقص الاكتفاء الذاتي في الفلاحة

وعن التحديات، قال السخاري عبد الكريم، " توجد إكراهات وتحديات لها علاقة بالظروف المناخية ومعدلات الإنتاج والظروف الاقتصادية العالمية، فالفلاحة المغربية لها ارتباط وثيق بالأسواق الدولية بخصوص عمليات الاستيراد والتصدير، هذه العمليات التي تتأثر نتيجة الأزمات العالمية بين الدول مما يؤثر على مواعيد وصول المواد الأولية التي لها علاقة بالإنتاج النباتي والحيواني".

وأضاف السخاري أن "فالمغرب لا يتوفر على بذور أصيلة فيما يخص الأعلاف وبعض الحبوب التي تدخل في تغذية الإنسان مثل القمح، حيث أن الفلاحة المغربية لا تحقق اكتفاء ذاتيا في معظم المواد التي يستهلكها المواطن المغربي باستثناء الخضر والفواكه والتمور وغيرها، والمغرب كذلك لا يتوفر على أباء وأمهات معظم الدواجن وبعض المواشي العالية الإنتاجية مثل الماعز المنتج للحليب".

من الاستهلاك إلى الإنتاج

وأكد أن "دور البحث العلمي والتحسين الوراثي والجيني في أصناف متعددة من الحيوانات والنباتات يتجلى بشكل واضح، وخلاصة القول، يعتبر المجتمع المغربي مجتمعا استهلاكيا بامتياز وليس منتجا لمواد كثيرة يحتاجها في حياته اليومية".

وتابع المصدر ذاته، "أن البرامج التنموية المسطرة معرضة لكثير من الاختلالات اللوجيستيكية والتقنية التي لها علاقة بعمليات الاستيراد لبعض المواد التي تدخل في الشق الإنتاجي لهذا البرنامج
إن هذا البرنامج سيحاول تحسين ظروف المواطن والفلاح على السواء وذلك بالعمل على تكثيف الإنتاج عن طريق زراعات جديدة وعن طريق دعم الأعلاف والبذور والأسمدة وإنتاج إناث من الصنف الأصيل لها نفس مواصفات الأبقار المستوردة والتي يعتمد المربي في إنتاجها على تقنيات التلقيح الاصطناعي".

كما يجب العمل على الرفع من إنتاجية المراعي الطبيعية والغابوية بتسميدها بعد هطول المطر حتى تتكثف إنتاجية النباتات الطبيعية فيستفيد النحل والمواشي في وقت واحد.

الحاجة إلى دعم الفلاحين الصغار

أما فيما يخص التأمين الفلاحي متعدد المخاطر، أوضح السخاري عبد الكريم، أنه مخصص للفلاح الكبير وفي مناطق معينة والتي تتميز بمناخ متقلب وغالبا ما تكون في مناطق الأطلس وبعض الأقاليم الجنوبية، حيث تعرف هاته المناطق سقوط البرد أو التبروري وفيضانات الأنهار وشدة الحر أو الشركي
وفي الشخصي هذا التأمين مخصص للضيعات الضخمة والتي غالبا ما تصدر منتجاتها إلى الخارج.

وقال السخاري، إن الفلاح الصغير في حاجة إلى الدعم المباشر في الأعلاف وحتى في مواد استهلاكه اليومية مثل الدقيق والزيت والسكر وغيرها من المواد الاستهلاكية خصوصا في سنوات الجفاف والتي يقل فيها مدخوله اليومي، بحيث من المفروض التفكير بالنسبة للفلاح الصغير في عملية دعم ثنائية تهم الفلاح وقطيعه حيث تربطهما علاقة ثنائية منذ القدم.

وأشار إلى أنه، من أجل ضمان نجاح هذا المشروع الوطني الرائد ندعو إلى الاعتماد اللامشروط على خدمات وخبرات والتجارب المتراكمة للمستشارين الفلاحين المعتمدين الخواص، فمما لا شك فيه سيساهمون في تحقيق أهداف ومضامين هذا البرنامج الذي نعتبره صرخة تحدي في عالم الفلاحة والإنتاج الحيواني وتحقيق الأمن الغذائي والتوازن الاقتصادي.

تكثيف الجهود لتحسين إنتاجية الثروة الحيوانية في المغرب

أفاد المستشار المعتمد من طرف وزارة الفلاحة، بأنه "ومن أجل التعايش مع سنوات جفاف واردة أو عدم انتظام التساقطات لابد من التفكير في تكثيف الجهود بخصوص تحلية مياه البحر وجلب نباتات تتحمل الملوحة والحد من زراعة الفواكه التي تستنزف الفرشة المائية، كما يجب الحفاظ على المخزون الوطني المائي الذي يوجد في الطبقتين الثالثة والرابعة وعدم السماح باستعمال مياه هاتين الطبقتين في السقي".

وكشف السخاري، أنه "فيما يخص إعادة قطيع الأغنام إلى حالته السابقة من حيث الأعداد نقترح إحداث نقط للتكاثر والتزاوج والتوالد على شكل محميات لمدة خمس سنوات دون اللجوء إلى الذبح، وتتوزع هذه المحميات في أماكن غابوية حيث تستفيد من الرعي الطبيعي مع إضافات أعلاف مركبة من أجل خلق توازن طاقي- بروتيني في الوجبة اليومية، هناك أيضا إمكانية القيام بنفس العملية في دول مجاورة مثل إسبانيا والبرتغال في شكل شراكات تعاون ثنائية بين المغرب وهاته البلدان".

وأشار إلى أنه "سيتم الاعتماد على سلالات هاته البلدان والعمل على تكاثرها لمدة خمس سنوات ثم بعد ذلك تحويلها نحو المغرب بشكل تدريجي بهدف تغطية السوق المحلي وهذا الحل أفضل بكثير من استيراد لحوم مجمدة والتي غالبا ما يرفضها المستهلك المغربي لاعتبارات عديدة".